قُتل أربعة أشخاص من الجنسية الباكستانية، وأصيب ثلاثون آخرون على الأقلّ، ليل الإثنين الثلثاء في عملية إطلاق نار بمحيط مسجد للشيعة في مسقط، في حادثة نادرًا ما تشهدها السلطنة الخليجية الهادئة.
وقالت الشرطة في بيان مقتضب إنّها "تعاملت مع حادثة إطلاق نار في محيط أحد المساجد في منطقة الوادي الكبير، أسفر عن وفاة أربعة أشخاص وإصابة عدد آخر بحسب المعلومات الأولية".
وأفادت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان أنه "وفقاً لآخر المعلومات الواردة من السلطات العمانية، استشهد أربعة باكستانيين نتيجة إطلاق النار عليهم" في ما وصفته بـ"الهجوم الإرهابي الغادر على مسجد علي بن أبي طالب في منطقة الوادي الكبير في مسقط بسلطنة عمان".
ولفتت الوزارة إلى أن "ثلاثين باكستانياً آخرين يخضعون للعلاج في المستشفيات"، معربة عن سرورها لتمكن السلطات العُمانية من "تحييد المهاجمين".
وعاد السفير الباكستاني في عُمان عمران علي بعض الجرحى في المستشفيات، وفق ما أفادت السفارة على منصة "إكس".
ولفتت الشرطة في بيانها إلى أنّه "تمّ اتّخاذ كافة التدابير والإجراءات الأمنية للتعامل مع الموقف، وتستكمل إجراءات جمع الاستدلالات والتحقيق".
وقد نشرت مقطع فيديو دعا فيه السفير الجالية الباكستانية في السلطنة إلى التعاون مع السلطات المحلية وتجنّب الذهاب إلى موقع إطلاق النار.
وقال علي "لقد زرتُ ثلاثة أو أربعة مستشفيات. وبفضل الله، جميع المصابين بخير".
وأضاف "نحن على تواصل مع السلطات العمانية وكذلك المستشفيات. وموظفينا على أهبة الاستعداد للتبرع بالدم في حالات الطوارئ في السفارة"، مشيرًا إلى أنه تم إنشاء خط ساخن لتلقي اتصالات من الجرحى وأقاربهم.
- تحذير أميركي -
وأصدرت سفارة الولايات المتحدة في مسقط تحذيرًا أمنيًا إثر إطلاق النار وأعلنت إلغاء كل المواعيد للحصول على تأشيرات دخول الثلثاء.
وكتبت السفارة عبر منصة اكس "على المواطنين الأميركيين توخي الحذر ومتابعة الأخبار المحلية والامتثال لتعليمات السلطات المحلية".
وصباح الثلثاء، كانت المنطقة لا تزال مطوّقة أمنيًا وقد تعذّر على المصوّرين والصحافيين الوصول إليها، بحسب ما أفاد مصوّر متعاون مع وكالة فرانس برس.
ولفتت الشرطة في بيانها إلى أنّه "تمّ اتّخاذ كل التدابير والإجراءات الأمنية للتعامل مع الموقف، وتستكمل إجراءات جمع الاستدلالات والتحقيق".
ونشرت حسابات ووسائل إعلام عدة مقاطع فيديو تحقّقت وكالة فرانس برس من صحّتها، تظهر أشخاصاً يتفرّقون وسط دوي طلقات نارية قرب مسجد الإمام علي، وهم يهتفون "يا حسين" مناجاة للإمام الثالث عند الشيعة وحفيد النبي محمد.
ويحيي الشيعة هذا الأسبوع يوم عاشوراء الذي يستذكرون فيه مقتل الإمام الحسين في معركة كربلاء عام 680 على أيدي جنود الخليفة الأموي يزيد بن معاوية.
ويُنظر الى السلطنة التي ينتمي سكانها الى المذاهب السنية والشيعية والإباضية، على أنها إحدى أكثر دول المنطقة انفتاحًا واعتدالا في السياسية والدين والمجتمع.
لقطة من فيديو يظهر أشخاصا يفرون من مكان إطلاق النار في مسجد الإمام علي في منطقة الوادي الكبير شرق العاصمة العمانية مسقط (16 تموز 2024، أ ف ب).
- حادثة نادرة -
في العام 2005، أطلق مدرّس سابق النار داخل مبنى حكومي في مسقط متسببًا بوقوع قتيلين وجرح آخرين، قبل أن يقتل نفسه، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء العمانية حينها التي أشارت إلى أن دوافعه كانت "شخصية".
وتُعتبر مثل هذه العمليات حوادث نادرة جدًا في السلطنة بخلاف الوضع في دول مجاورة.
مطلع العام الحالي، شهدت إيران المجاورة تفجيرين أوقعا 84 قتيلًا خلال إحياء الذكرى الرابعة لاغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني، وتبناهما تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي العام 2015، استهدف هجوم انتحاري مسجد الإمام الصادق للشيعة في العاصمة الكويتية أثناء صلاة الجمعة، ما أسفر عن سقوط 27 قتيلًا و227 جريحًا، في اعتداء تبنّاه تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي العام نفسه، شهدت السعودية هجمات عدة، من بينها تفجيران في يومي جمعة متتاليين في أيار 2015 استهدفا مسجدين شيعيين في المنطقة الشرقية وأسفرا عن مقتل 25 شخصًا.
أما البحرين فقد شهدت على مدى سنوات اضطرابات متقطعة منذ قمع حركة احتجاج في شباط 2011 في خضم ثورات "الربيع العربي" قادتها الغالبية الشيعية التي تطالب باقامة ملكية دستورية في المملكة التي تحكمها أسرة سنية.
وعادة ما تلتزم مسقط مواقف حيادية في النزاعات القائمة في المنطقة.
ومن بين هذه النزاعات الصراع في اليمن إذ تلعب مسقط دور الوساطة بين المتمرّدين الحوثيين والحكومة اليمنية المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية، علمًا أن السلطنة هي الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تنضمّ إلى هذا التحالف.
كذلك، تستضيف السلطنة محمد عبد السلام كبير مفاوضي الحوثيين المدعومين من إيران.
وتقيم إيران وسلطنة عمان تقليدًا علاقات جيدة. ولعبت عمان خصوصًا دور وساطة بين إيران والولايات المتحدة في ملفات عدة خصوصًا النووي الإيراني وتبادل سجناء بين واشنطن وطهران.