توعد الحوثيون إسرائيل، الأحد، بالرد على ضربات مميتة غداة استهدافها ميناء الحديدة اليمني ما تسبب أيضا بحريق هائل لا يزال مستمرا، في فصل جديد من التصعيد الإقليمي المتصل بالحرب في قطاع غزة.
في ظل هذا السياق الشديد التوتر، يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلثاء الرئيس الأميركي جو بايدن قبل أن يلقي خطابا أمام الكونغرس، في محاولة لتمتين العلاقات مع الولايات المتحدة بعد أن شابتها توترات بسبب الحرب في غزة التي اندلعت عقب هجوم نفذته حركة حماس في 7 تشرين الأول في إسرائيل.
وفتح الحوثيون اليمنيون وحزب الله اللبناني، حليفا إيران، العدو اللدود لإسرائيل، جبهات مع إسرائيل، "دعماً" للفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر الذي يتعرض لقصف عنيف منذ اندلاع الحرب.
غداة تبنّي الحوثيين اليمنيين هجوماً بمسيّرة مفخّخة أوقع قتيلاً في تل أبيب، أغارت مقاتلات إسرائيلية السبت على ميناء الحديدة الاستراتيجي الخاضع لسيطرة الحوثيين في غرب اليمن، مما أسفر، بحسب الحوثيين، عن مقتل ستة أشخاص وإصابة حوالى 90 آخرين.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن الميناء المستهدف يستخدم "طريق إمداد رئيسيا لايصال الأسلحة الايرانية من ايران الى اليمن، بدءا بالمسيرة التي استخدمت في الهجوم صباح الجمعة" في تل أبيب.
وبينما يواصل عناصر الإطفاء محاولاتهم لإخماد النيران التي اندلعت جراء الضربات الإسرائيلية على ميناء الحديدة الذي يشكل نقطة دخول رئيسية للوقود والمساعدات الإنسانية إلى اليمن، كرر الحوثيون الأحد تهديداتهم ضد إسرائيل.
وقال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي الأحد إن "نتائج العدوان على بلدنا ستكون مزيدا من التصعيد والاستهداف للعدو الإسرائيلي".
وأضاف أن الغارة التي شنتها إسرائيل الجمعة غيّرت قواعد الاشتباك وفتحت "مرحلة جديدة" في العمليات ضد إسرائيل.
وتعهد المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع الأحد ب"رد هائل على العدوان" الإسرائيلي.
وذكرت مجموعة نافانتي للاستشارات التجارية ومقرها الولايات المتحدة نقلا عن تجار، أن غارات السبت دمرت خمس رافعات وقلصت سعة تخزين الوقود في الميناء من 150 الفا إلى 50 ألف طن.
وكان وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت قد توعد السبت بعمليات اخرى ضد الحوثيين "إذا تجرأوا على مهاجمتنا".
- اعتراض صاروخ -
وبعد الضربة الإسرائيلية على الميناء، وهي الأولى التي تتبناها الدولة العبرية في هذا البلد، افاد الجيش الإسرائيلي الأحد بأنه اعترض صاروخا آتيا من اليمن و"كان يقترب من إسرائيل"، باتجاه مدينة إيلات.
وأكد سريع استهداف هذه المدينة الساحلية على البحر الأحمر.
ونددت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والمدعومة من السعودية في حربها التي تخوضها ضد الحوثيين منذ 2014، بالضربات الإسرائيلية، محملة الدولة العبرية مسؤولية "تعميق الأزمة الإنسانية".
كذلك حذرت الحوثيين من "استمرار رهن مصير اليمن وأبناء شعبه والزج بهم في معارك الجماعة العبثية، خدمة لمصالح النظام الإيراني ومشروعه التوسعي في المنطقة".
وأعلنت السعودية الأحد أنها تتابع بـ"بقلق بالغ" تطورات التصعيد العسكري في اليمن، مؤكدة أن الغارات الإسرائيلية "تضاعف من حدة التوتر الحالي في المنطقة، وتضر بالجهود المستمرة لإنهاء الحرب على غزة".
ودعت "كل الأطراف للتحلي بأقصى درجات ضبط النفس والنأي بالمنطقة وشعوبها عن مخاطر الحروب".
وفي طهران، دانت وزارة الخارجية "بشدة" هذه الضربات.
واعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن الضربة "تكشف عن الطبيعة العدوانية للكيان الصهيوني" محذرا من "خطر تصاعد حدة التوتر وانتشار نار الحرب في المنطقة".
- حريق في ميناء الحديدة -
الأحد، غطت سحابة كثيفة من الدخان الأسود أجواء الحديدة، وفق مراسل وكالة فرانس برس في المكان.
وقال موظف في الميناء فضل عدم الكشف عن هويته إن الحريق يتواصل في مستودعات الوقود ومحطة إنتاج الكهرباء، لافتا الى أن احتواء الحريق يتطلب اياما عدة، الأمر الذي اكده أيضا خبراء في شؤون اليمن كون فرق الإطفاء تفتقر الى المعدات اللازمة.
وأورد محمد الباشا، كبير محللي الشرق الاوسط في مجموعة "نافانتي" الاميركية أن الحريق قد يمتد الى منشآت تخزين المواد الغذائية.
ويثير هذا الأمر مخاوف من ازدياد النقص في اليمن، أفقر دول شبه الجزيرة العربية، حيث تسببت الحرب التي يشهدها منذ 2014 بين الحوثيين والحكومة في أزمة إنسانية كبيرة.
- عمليات إسرائيلية في رفح ولبنان -
منذ تشرين الثاني، يشنّ الحوثيون هجمات بالصواريخ والمسيّرات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، كما أطلقوا صواريخ على بلدات إسرائيلية، تم اعتراض معظمها.
كما تشهد الجبهة مع حزب الله في لبنان، وهي أقرب بكثير من اليمن الذي يبعد حوالى 1800 كلم من اسرائيل، قصفا شبه يومي بين التنظيم الشيعي الموالي لإيران والجيش الإسرائيلي.
الأحد، أكد الجيش الإسرائيلي أنه استهدف مستودعيْن للأسلحة في منطقة جنوب لبنان تابعين لحزب الله يحتويان على قذائف صاروخية ووسائل أخرى.
وردا على ذلك، اعلن حزب الله الأحد استهداف شمال اسرائيل بصواريخ ومسيرات، وقد تبنّى في بيانين قصف مقرين عسكريين اسرائيليين في شمال اسرائيل "بصواريخ كاتيوشا" و"سرب من الطائرات المسيرة".
وعلى الرغم من المناشدات الملحة لوقف إطلاق النار ومخاوف المجتمع الدولي من اندلاع نزاع إقليمي، إلا أن الحرب في غزة تتواصل مع استمرار الهجوم الإسرائيلي المدمر.
ونفذت اسرائيل الأحد عملية واسعة النطاق في رفح بجنوب القطاع، ترافقت مع قصف مكثف وقتال مع حماس.
والأوضاع الصحية والإنسانية كارثية في قطاع غزة.
والأحد أعلن الجيش الإسرائيلي بدء تطعيم جنوده الذين يقاتلون في غزة ضد شلل الأطفال بعد إعلان سلطات حماس رصد الفيروس في القطاع.
وبعدما أكدت وكالات أممية رصد فيروس شلل الأطفال من النوع الثاني في ست عينات بيئية جمعتها في 23 حزيران، قالت وزارة الصحة الإسرائيلية إنها توصلت إلى النتيجة نفسها.
وفي حين لم يتم الإبلاغ عن أي إصابات بشرية، قال الجيش في بيان إنه "بدأ عملية تطعيم واسعة النطاق لجميع القوات البرية، النظامية والاحتياط".
وفي الضفة الغربية، أكد نشطاء والجيش الإسرائيلي لفرانس برس الأحد اعتداء مستوطنين على متضامنين أجانب كانوا يساعدون مزارعين فلسطينيين، ما أدى إلى إصابة عدد منهم ونقلهم لتلقي العلاج.
وتشهد الضفة الغربية التي تحتلّها إسرائيل منذ العام 1967 تصاعداً في العنف منذ أكثر من عام، لكنّ الوضع تدهور منذ اندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس.
أدى هجوم حماس في السابع من تشرين الأول على إسرائيل إلى مقتل 1195 شخصا، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية.
كذلك، احتجز 251 رهينة، لا يزال 116 منهم في غزة، من بينهم 42 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم ماتوا.
وأدت الحملة الانتقامية الإسرائيلية إلى مقتل ما لا يقل عن 38983 شخصا في غزة، معظمهم أيضا من المدنيين، وفقا لبيانات وزارة الصحة في القطاع الذي تسيطر عليه حماس.