وقفات "النهار" صراعٌ دمويً "داخليّ" جنوب اليمن - 13 كانون الثاني (يناير) 1986

إعداد: لوسيان شهوانلجنوب اليمن موقعٌ إستراتيجيّ مواجه لمضيق باب المندب الذي يُعد من أهمّ طُرق التجارة الدوليّة، ولجنوب اليمن أيضاً حوادثه المفصليّة التي ساهمت في تأكيد أهميّة موقع هذه الدولة في المنطقة. وهذا ما جعل البريطانيين يسيطرون عليه لمدّة 129 عاماً قبل إنسحابهم منه في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 1967 بعد توقيع إتفاق الإستقلال مع الجبهة القومية التي ترأسها آنذاك قحطان محمد الشعبي والذي أصبح أوّل رئيس للدولة مع الإستقلال.ولكن، قبل حصول جنوب اليمن على إستقلاله لا بد من العودة الى جذور هذا التحرّر الذي بدأ في 14 تشرين الأول (أكتوبر) 1963 مع اندلاع الثورة ضد المُستعمر البريطاني. كانت تقود الثورة آنذاك "جبهة التحرير" القريبة من الرئيس المصري جمال عبد الناصر و"الجبهة القومية" صاحبة الهويّة اليسارية. ومع خروج مصر من شمال اليمن بعد حرب عام 1967 بعد أن كانت الداعم الأساسي لـ"جبهة التحرير"، إنفردت "الجبهة القومية" بالحكم الى أن حان موعد الإستقلال. شهدت الطريق نحو الإستقلال عمليّات مركّزة ضد العسكر البريطاني مع ثورة عام 1963، كما كانت للجبهتين، "التحرّر" و"القومية"، صراعاتهما وحساباتهما الخاصة في ما بينهما الى أن إنتهى دور "التحرير" مع تراجع النفوذ المصري. ولكن الصراعات إستمرّت وانتقلت الى داخل صفوف "الجبهة القومية" التي بدت منقسمة بين فريق متشدّد وفريق معتدل. وإستمرّت الحوادث بين فريقي الجبهة مع ما سُمِيَ بالحركة التصحيحية التي هي إنقلاب قاده سالم ربيع علي ضد الرئيس قحطان الشعبي الذي أُجبر على تقديم إستقالته من الرئاسة في 22 حزيران (يونيو) 1969، ووضع في الإقامة الجبرية ثم في الإعتقال لمدّة 11 عاماً الى أن فارق الحياة عام 1981. وقيل انه قُتل بحقنةٍ داخل سجنه الإنفراديّ.ومع ممارسته السلطة، إتضح لرفاق الرئيس سالم ربيع علي انه يتفرّد بقرارات الحكم، من هنا بدأت تنشأ قيادة جماعية من صفوف "الجبهة القومية" مكوّنة من كوادر أساسية داخل الجبهة أمثال علي ناصر محمد، عبد الفتاح إسماعيل وعلي عنتر؛ وراحت هذه "القيادة" تبحث في سبل إطاحة الرئيس سالم ربيع علي. وفي ظلّ البحث عن...