النهار

أبعاد محاولة الصين توحيد البيت الفلسطيني... و"حماس" تكشف لـ"النهار" شكل حكومة الوحدة
جاد ح. فياض
المصدر: "النهار"
أبعاد محاولة الصين توحيد البيت الفلسطيني... و"حماس" تكشف لـ"النهار" شكل حكومة الوحدة
قيادات فلسطينية مع وزير الخارجية الصيني (أ ف ب).
A+   A-
إنجاز "تسووي" جديد تمكّنت الصين من تحقيقه، إذ وبعد الاتفاق الذي رعته بين إيران والسعودية قبل أكثر من سنة، جمعت الصين الفصائل الفلسطينية على طاولة واحدة، وبطليعتها حركتا "فتح" و"حماس"، وبدأت مشوار المصالحة بينهم بهدف تحقيق هدف الوحدة الفلسطينية، بعد سنوات من الخلافات الجذرية والعميقة.

وكان من اللافت اتفاق الفصائل الفلسطينية على جملة من النقاط في الصين، كانت غير قابلة للتطبيق في وقت سابق، وبطليعتها تشكيل حكومة وحدة وطنية، بالإضافة إلى توحيد المؤسسات الفلسطينية بين قطاع غزّة والضفة الغربية، وتفعيل إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وهو الأمر الذي توقف عنده المراقبون كون "حماس" و"الجهاد الإسلامي" تنتقدان سياسات المنظمة.

سبب توقف المراقبين عند هذه النقطة كان حدّة الخلافات بين "فتح" و"حماس" والتي تعود إلى العمق الإيديولوجي، فحركة "حماس" انتقدت سياسات "فتح" ومنظمة التحرير، وخصوصاً لجهة عقد الاتفاقيات السياسية والأمنية مع إسرائيل، ومنها اتفاق أوسلو، واعتناقها المقاومة المسلّحة على المقاومة السياسية، وكان للحركتين صولات وجولات وحروب عسكرية.

الباحث والكاتب في الشؤون العربية والفلسطينية صقر أبو فخر يعود إلى التاريخ ليُشير إلى أن مُحاولات ضم "حماس" إلى منظمة التحرير بدأت سنة 1995، حينما عُقدت مفاوضات بين الحركة و"فتح"، وكان الهدف الاجتماع تحت مظلّة منظمة التحرير وإيجاد الحلول للتناقضات داخل البيت الفلسطيني الواحد، مع العلم أن أعضاء المنظمة لا يتفقون على كافة المسائل.
 
احتمال انضمام "حماس" إلى منظمة التحرير الفلسطينية لا يعني تبنيها كافة سياسات الأخيرة، وهذا ما يؤكّد أبو فخر في حديثه لـ"النهار"، لكن ثمّة وقائع حصلت بعد 7 أكتوبر حتّمت هذه المستجدات، أبرزها معرفة "حماس" ضمنياً أن إسرائيل لن ترضى بعودتها إلى حكم غزّة من جهة، والمجتمع الدولي لن يموّل إعادة الإعمار عبر الحركة، بل عبر منظمة التحرير كممثّل رسمي معترف به، حسب أبو فخر.

لكن تبقى العبرة بالتنفيذ، لأن التجارب السابقة لتوحيد البيت الفلسطيني فشلت، واتفاقات مُشابهة حصلت في قطر وروسيا والجزائر وغيرها وفق ما يُعدّد أبو فخر، الذي يعتبر أن ما حصل في الصين "إعلان نوايا"، ولا يُمكن تطبيقه إلّا بعد وقف إطلاق النار، ومن المُمكن حينها الاتفاق على حكومة واحدة وبرنامج سياسي تكون أولوياته الوضع الإنساني في غزّة.

حماس: هذا شكل حكومة الوحدة الوطنية
 
 رئيس دائرة العلاقات الوطنية في "حماس" في الخارج علي بركة، المتواجد في الصين مع وفد الحركة، يعتبر أن "المصالحة الفلسطينية مصلحة فلسطينية بالدرجة الأولى، خصوصاً في ظل حرب غزّة"، مقدراً الدور الصيني المهم في هذا السياق، لافتاً إلى أن أهمية اللقاء تكمن في "توحيد الجهود الفلسطينية لمواجهة العدوان الإسرائيلي، ولوقف إطلاق النار".

ترهن "حماس" الانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية بإصلاحات واجب القيام بها، وفي هذا السياق، يتحدّث بركة لـ"النهار" مشيراً إلى "الاتفاق على تطوير منظمة التحرير وتفعيل الإطار القيادي الذي يضم كافة الفصائل الفلسطينية بالإضافة للجنة التنفيذية، وتشكيل مجلس وطني فلسطيني عبر الانتخاب حيث أمكن والتوافق حيث لا يُمكن إجراء الاستحقاق".

أما وبالنسبة لشكل حكومة الوحدة الوطنية ومهامها، فيقول بركة إن مجلس الوزراء سيكون عبارة عن حكومة تكنوقراط معتمدة من قبل الفصائل الفلسطينية لكن شخصياتها لا تنتمي إلى الفصائل، هدفها إدارة قطاع غزّة والضفة الغربية وتوحيد المؤسسات بين المنطقتين، وتولي ملفات إعادة الإعمار وتوزيع المساعدات على الفلسطينيين.

ومن المفترض أن تتم متابعة تطبيق بنود اتفاق بيجينغ، وفي هذا الإطار، يلفت بركة إلى الاتفاق على اعتبار الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية لجنة متابعة لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.

منظمة التحرير الفلسطينية: هكذا سينعكس الاتفاق على لبنان
عضو القيادة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية غسان أيوب يتحدّث بـ"إيجابية" عما أُنجز في بيجينغ، لكنه يتمنّى التزام كافة الفصائل بمقرّرات الاتفاق المذكورة سلفاً والتعالي عن الصغائر لمصلحة الوحدة، ويُضيف إليها اتفاقاً ضمنياً حصل يقضي بوقف الحملات السياسية والإعلامية التي كانت قد استعرت في الفترة الأخيرة بين "فتح" و"حماس".

وفي حديث لـ"النهار"، يكشف أيوب عن اجتماع عقدته هيئة العمل الفلسطيني المشترك التي تضم فصائل فلسطينية ناشطة في لبنان، بينها "فتح" و"حماس" و"الجهاد الإسلامي"، بالتزامن مع اجتماع بيجينغ، اتفق فيه المجتمعون على التفاهم لجهة كل ما يتعلّق بالكثير من القضايا الفلسطينية واللبنانية والاهتمامات المشتركة.

في المحصلة، يبقى ما تم الاتفاق عليه اليوم "إعلان نوايا" بانتظار التطبيق الفعلي، لأنّه ليس الاتفاق الأول بين الفصائل الفلسطينية لكن الخواتيم لم تكن إيجابية، إلّا أن الواقع تبدّل بعد حرب غزّة، ومجريات الحرب والتهديد الوجودي الذي يُواجهه الفلسطينيون يحتّم على الفصائل الاتحاد، وبالتالي فإن العين على التطبيق والالتزام.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium