يشكك خبراء في جدوى اتفاق المصالحة و"تشكيل حكومة وفاق وطني" في مرحلة ما بعد الحرب على قطاع غزة، الذي وقعته في بيجينغ فصائل فلسطينية تتقدمها حركتا فتح وحماس.
ويهدف الاتفاق إلى إيجاد أرضية مشتركة للحوار ما بين فتح التي تقود السلطة الفلسطينية وتتولى إدارة الضفة الغربية المحتلة من قبل إسرائيل، وحماس التي تحكم غزة منذ العام 2007.
ويؤكد خبراء استطلعت وكالة فرانس برس آراءهم، أن مبادرة بيجينغ لا تزال موضع تقييم لتبيان أهميتها. وأبدى بعضهم خشيته من أن يفشل الاتفاق في تحقيق نتيجة ملموسة، ويلقى بالتالي المصير ذاته لمحاولات سابقة فشلت في تحقيق المصالحة بين الفصائل.
- ما هو اتفاق بيجينغ؟ -
قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي الثلثاء إن الاتفاق يمهد الطريق أمام "حكومة مصالحة وطنية موقتة" في الضفة وغزة ما بعد الحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ تشرين الأول.
وقال القيادي في حركة حماس موسى أبو مرزوق الثلثاء من بيجينغ "اليوم نوقع اتفاقية للوحدة الوطنية، نقول إن الطريق من أجل استكمال هذا المشوار هو الوحدة الوطنية. نحن نتمسك بالوحدة الوطنية وندعو اليها".
ومنذ الأشهر الأولى للحرب التي اندلعت بعد هجوم مباغت شنته حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول، تم التداول بفكرة تشكيل حكومة تكنوقراط في غزة بعد الحرب.
وقال مدير قسم الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية يوست هلترمان إن "الاجتماعات غير الرسمية بين فتح وحماس تعقد بشكل مستمر".
وأشار لفرانس برس إلى أن المباحثات في الصين "لم تحقق شيئاً يذكر".
بحسب كبيرة المحللين الفلسطينيين في مجموعة الأزمات تهاني مصطفى، يجب النظر الى الاتفاق في سياق الخطوات الأخيرة التي قامت بها بعض الحكومات الأوروبية للاعتراف بدولة فلسطين.
وأضافت "هناك الآن زخم عالمي متزايد حول تقرير المصير الفلسطيني لا يستطيع الفلسطينيون أنفسهم الاستفادة منه لأنهم منقسمون للغاية في ما بينهم".
- ما هي العوائق؟ -
بحسب هلترمان، فإن المعارضة الإسرائيلية الشديدة لأي دور مستقبلي لحماس هي العقبة الأهم في درب الاتفاق.
وأوضح أنه "بالتأكيد هناك عقبات كثيرة في طريق هكذا سيناريو، وإسرائيل هي العقبة الرئيسية".
وأضاف "الاتفاق المثالي يكون في انضمام حماس إلى منظمة التحرير الفلسطينية مقابل السماح للسلطة الفلسطينية بالعودة إلى غزة والإشراف على المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار".
وتضم منظمة التحرير العديد من الفصائل الفلسطينية، وتعتبر الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
وأدى هجوم حماس إلى مقتل 1195 شخصا، معظمهم مدنيون، حسب حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وانتقدت إسرائيل الثلثاء حركة فتح بزعامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتوقيعها اتفاقا مع حماس.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس عبر منصة إكس "وقعت حماس وفتح في الصين اتفاقا للسيطرة المشتركة على غزة بعد الحرب".
أضاف "بدلا من رفض الإرهاب، يحتضن محمود عباس القتلة من حماس ويكشف عن وجهه الحقيقي"، مؤكدا أن "هذا لن يحدث لأن حكم حماس سيُسحق وسينظر عباس إلى غزة عن بعد".
فلسطينيا، انتقد المحلل السياسي في غزة مخيمر أبو سعدة "الغموض" الذي يكتنف صياغة الاتفاق.
وقال "بالنسبة للفلسطيني في غزة... الاتفاق في بيجينغ مجرد ورقة أخرى".
وأضاف "هناك فكرة لإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن لا يوجد ذكر لكيفية دمج حماس فيها".
وشكّك بعض المحللين في رغبة الفصائل بالعمل معا في خضم الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة والتي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 39145 شخصا معظمهم من المدنيين، وفقًا لأرقام وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس.
ورأى المحلل السياسي جهاد حرب أن "البيان الذي صدر ليس للفلسطينيين، هو فقط لإرضاء الأصدقاء الصينيين".
- ماذا عن الصين؟ -
وعن الفائدة التي ستجنيها الصين من التوسط لابرام اتفاق مماثل، قال هلترمان إن اعتماد بيجينغ على واردات المنطقة من النفط والغاز يعني أن "لديها مصلحة في استقرار الشرق الأوسط".
وكثّفت الصين من نشاطها الديبلوماسي في المنطقة خلال الفترة الماضي، وتوسطت في اتفاق لإعادة العلاقات الديبلوماسية بين إيران والسعودية في آذار 2023.
وقال الباحث في السياسة الخارجية في معهد العلوم السياسية في باريس كانتان كوفرور إن الهدف الرئيسي لبيجينغ هو الدفع نحو حل سياسي بموازاة دعم واشنطن العسكري لإسرائيل.
وأضاف "الفكرة هي الظهور كقوة عظمى محترمة ومسؤولة، وتشويه سمعة الولايات المتحدة". وتابع "إنها لغة خطابية واستعراض للديبلوماسية... لكن على المدى المتوسط والطويل، أشكك في ما اذا كان ذلك سيؤدي الى حلّ النزاع الإسرائيلي الفلسطيني".