الإثنين - 09 أيلول 2024
close menu

إعلان

صفحات "النهار" الوحدة اليمنيّة: من التجزئة إلى الجمهوريّة

المصدر: "النهار"
Bookmark
صفحات "النهار"
صفحات "النهار"
A+ A-
إعداد: ألين الحكيممرّ اليمن عبر تاريخه الحديث بظروفٍ عصيبة، بدءاً من عهد الإمامة، مروراً بالاستعمار البريطاني، وصولاً إلى التدخلات الخارجية. وعلى الرغم من اختلاف الظروف والأسباب، ظلّت جذوة النضال الوحدوي مشتعلةً في قلوب اليمنيين، تسعى إلى توحيد وطنهم المجزّأ.وكما معظم الحوادث التاريخيّة في أغلب الدول، كذلك حدث الوحدة اليمنيّة المؤرخة في 22 أيار (مايو) 1990 والّذي تَوّجَ جهود قادة اليمن الشمالي والجنوبي بالنجاح، بإنجاز الوحدة اليمنية، بعد سلسلة من المحاولات الدؤوبة والمساعي المثمرة التي أسفرت عن إزالة كل العوائق وتذليل الصعوبات التي كانت تقف حائلاً دون تحقيق هذا الحلم.لفهم كيف وصل اليمن إلى الوحدة، لا بد من التطرّق إلى عنوانين أساسيين: الأوّل، يطال "التجزئة وطرح الوحدة (1839- 1972)"، والثاني يعالج "مسار الوحدة (1972-1990)".التجزئة وطرح الوحدة (1839- 1972)يعود جذور النضال الوحدوي إلى فجر القرن التاسع عشر، حيث بدأ الاستعمار البريطاني ببسط سيطرته على جنوب اليمن في عام 1839، تلاه وصول القوات العثمانية إلى الشمال في عام 1848. وتفاقمت محاولات التجزئة بتوقيع اتفاقية تحديد مناطق النفوذ العثماني - البريطاني في اليمن في عام 1904.مع سقوط الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، نال الشمال استقلاله في عام 1918، بينما اشتدّت مقاومة الاستعمار البريطاني في الجنوب. إلا أن حكم الإمام يحيى حميد الدين خيّب آمال اليمنيين، حيث وقّع اتفاقية صنعاء مع بريطانيا، مُقرّاً بوجودهم في عدن. وكانت تلك الاتفاقية البداية الحقيقية في العمل الجاد لطلائع الشعب اليمني بمعارضتها سياسة الإمام التي فرضت حالاً من الجمود والعزلة على الشطر الشمالي.  ومثّل ظهور حزب الأحرار اليمنيين كمولود شرعي وطبيعي للمقاومة، مشكلاً شعلةً جديدةً في النضال الوحدوي. فعارض حكم الإمامة، وناضل من أجل الإصلاح والوحدة. وبرزت شخصيات في هذا النضال مثل سيف الحق إبراهيم، نجل الإمام يحيى، الذي انخرط في "الجمعية اليمنية الكبرى" في عام 1946، وهو التشكيل الجديد لحزب الأحرار، مشكلاً خطراً جسيماً على حكم الإمامة في الشمال. بعد حشد الطاقات، قام الحزب في عام 1948 بالثورة التي انتصرت طوال ثلاثة أسابيع ثم أخمدت، وسيطر الأمير أحمد على مقاليد الحكم.ارتبط نضال اليمنيين في الجنوب بنضال اليمنيين في الشمال. وتزامناً مع أحداث الشمال، شهد الجنوب أعمال قمع نفذها الانتداب البريطاني ضد الموجات الشعبية التحررية فيه. في عام 1952، حصلت ثورة يوليو المصرية التي ألهمت الثائرين في اليمن. ونُوقشت أفكارٌ جديدةٌ حول نظام جمهوري ديموقراطي بديلاً للنظام القائم آنذاك، وحصلت ثورة 26 أيلول (سبتمبر) 1962 بقيادة تنظيم الضباط الأحرار المدعوم من الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي أرسل قوات مصرية داعمة للجمهوريين، بهدف إنهاء حكم الإمامة.مثّلت هذه الثورة في الشمال منعطفاً مهماً في تاريخ اليمن، وأول بادرة نحو الوحدة. فقد كانت ثورة وحدوية بأفقها وأهدافها، وجسّدت الترابط بين أفراد الشعب اليمني في الشمال والجنوب.تزامناً مع هذه الأحداث، استمرّت الأعمال العسكرية في الجنوب حتى انتصار ثورة 14 تشرين الأول (أكتوبر) 1963، ما زاد من إمكانية تحقيق الوحدة بين الشطرين. تُرجمت هذه الإمكانية في ظل وجود الميثاق الوطني للجبهة القومية الذي وضع الوحدة في رأس أولوياته، وهو الدليل النظري للمسعى اليمني للوحدة. عقب الاستقلال، سادت سياسة التعايش السلمي بين جمهوريتي اليمن لأكثر من أربع سنوات. لكن، سرعان ما تغيرت هذه الصورة، وبدأت رياح التوتر تهبّ على العلاقات بين الشطرين لأسباب عدة. فقد أثار التدخل الشيوعي في اليمن الجنوبي مخاوف في الشمال، زادت من حدة التوتر بين الجانبين. كما عانى اليمن الشمالي من عدم الاستقرار السياسي، ما أثر على علاقاته بالجنوب.وعلى الرغم من هذا الاستقلال في الشمال، وانسحاب القوات المصريّة في عام 1967، استمر القتال بين الجمهوريين والملكيين حتى أواخر عام 1969. وخلال هذه الفترة، وبالتحديد في عام 1968، أرسل قحطان الشعبي رئيس جمهورية اليمن الجنوبية، فصائل من جبهة التحرير القومية، للقتال في صفوف الجمهوريين، ضد الملكيين في اليمن الشمالي. وفي عام 1969، حصل إنقلاب عسكري في الجنوب أطاح بالشعبي وتأسست جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي) على يد النظام الماركسي الوحيد في العالم العربي في عام 1970. على إثر ذلك، تحوّل اليمن في شطريه إلى مسرح لصراعات المصالح بين القوى العالمية الكبرى. ففي أعقاب الحوادث في كلا الشطرين، نزح الآلاف من أبناء الجنوب المعارضين للنظام الشمولي في عدن إلى الشمال هرباً من بطشه. في المقابل، نزح آلاف من أبناء الشمال المعارضين للنظام في صنعاء إلى الجنوب.أدى هذا النزوح المتبادل إلى توتر العلاقات بين نظامي الشطرين، حيث طالبت كل من صنعاء وعدن بعودة النازحين إلى أراضيها. وتحوّلت هذه القضية إلى نقطة خلاف معقدة، تبادل فيها حكام صنعاء وعدن الاتهامات بمحاولة كل طرف قلب نظام الحكم عند الآخر. وفي تطوّرٍ لافت، في 25 و26 تشرين الثاني (نوفمبر) 1970، عقدت اجتماعات اعتبرت من أولى بوادر تحقيق الوحدة بين مسؤولي اليمن الشمالي والجنوبي، وتم الاتفاق خلالها على اتخاذ خطوات نحو إقامة اتحاد فدرالي. لكن سرعان ما انقلبت آمال الوحدة رأساً على عقب بفعل التأثيرات الدوليّة المهيمنة على المسرح السياسيّ...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم