تتزايد المخاوف من اندلاع حرب إقليمية واسعة النطاق في الشرق الأوسط، مع توعّد إيران وحلفائها بالردّ على اغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران، واغتيال القيادي العسكري الكبير في "حزب الله" فؤاد شكر في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، في ظل دعوة دول غربية رعاياها الى مغادرة لبنان وتعزيز واشنطن وجودها العسكري في المنطقة.
واتّهمت الجمهورية الإسلامية وحركة "حماس" و"حزب الله" إسرائيل باغتيال هنية، بعد ساعات على اغتيال شكر.
ووري هنية الجمعة، في مقبرة في مدينة لوسيل شمال الدوحة، بعدما شارك الآلاف في الصلاة عليه في العاصمة القطرية حيث كان يقيم في المنفى. ولم تُعلّق إسرائيل بعد على اغتياله.
وتوعّد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بإنزال "عقاب قاسِ" بإسرائيل، متهّماً إياها باغتيال "ضيفنا العزيز في بيتنا".
في المقابل، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أنّ بلاده على "مستوى عالٍ جدّاً من الاستعداد لأي سيناريو دفاعي وهجومي".
وسُئل الرئيس الأميركي جو بايدن، في منزله في ولاية ديلاوير، عمّا إذا كان يعتقد أن إيران ستتراجع فأجاب: "آمل في ذلك. لا أعرف".
"غادروا في الحال"
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، الجمعة، أنّه في ضوء "احتمال التصعيد الإقليمي من جانب إيران أو شركائها ووكلائها"، أمر وزير الدفاع لويد أوستن "بإدخال تعديلات على الموقف العسكري الأميركي بهدف تحسين حماية القوات الأميركية، وزيادة الدعم للدفاع عن إسرائيل، وضمان استعداد الولايات المتّحدة للردّ على شتّى الحالات الطارئة".
وقال البنتاغون إنّ الولايات المتحدة ستنشر مزيداً من السفن الحربية التي "تحمل صواريخ بالستية دفاعية" و"سرباً إضافيّاً من الطائرات الحربية" لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة.
ديبلوماسيّاً، حضّت السفارة الأميركية السبت رعاياها على مغادرة لبنان عبر "حجز أي بطاقة سفر متاحة".
وفي السياق نفسه، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، في بيان، إنّ "التوتّرات مرتفعة والوضع مرشح للتدهور العاجل. وبينما نعمل على مدار الساعة لتعزيز وجودنا القنصلي في لبنان فإن رسالتيالى المواطنين البريطانيين هناك واضحة وهي: غادروا في الحال".
وفي بيروت، قال ناجي دركسبار (51 عاماً)، وهو صاحب متجر، إنّه إذا وقعت حرب فـ"ليست بيَدنا حيلة، علينا أن ننتظر ونرى ما سيحصل"، مضيفاً: "طبعاً هناك خوف، ننتظر كل يوماً بيومه. وإذا حصلت الحرب فلا نستطيع فعل شيء".
إلى ذلك، دعا وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن، في اتصال السبت، إلى ممارسة "أقصى درجات ضبط النفس" في الشرق الأوسط،.
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان إنّ الوزيرَين يتشاركان "القلق في مواجهة تصاعد التوترات" في المنطقة، وإنّهما "اتفقا على مواصلة دعوة كل الأطراف الى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، بهدف تفادي أي تصعيد إقليمي قد تكون له تداعيات مدمّرة على دول المنطقة".
كما شدّدا على مواصلة بذل الجهود "المشتركة" للتوصل الى وقف "مستدام" للنار في قطاع غزة.
"تل أبيب وحيفا"
وأدّت الحرب في غزة إلى فتح جبهات ضد إسرائيل من "حزب الله" والحوثيين اليمنيين الذين يشكلون، مع "حماس" وفصائل عراقية، ما تُسمّيه إيران "محور المقاومة".
والسبت، توقّعت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة أن يردّ "حزب الله" بضربات "في عمق" إسرائيل و"ألاّ يكتفي بأهداف عسكرية"، بعدما أكد الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله أنّ "الردّ آت حتماً" على اغتيال شكر.
وأعلن الحزب في بيان ليل السبت-الأحد، استهداف "مستوطنة بيت هيلل بعشرات صواريخ الكاتيوشا"، للمرة الأولى، رداً على قصف إسرائيلي أصاب مدنيين في جنوب لبنان.
في حين افاد الجيش الإسرائيلي أنّ "حوالى 30 صاروخاً أطلقت من جنوب لبنان نحو إسرائيل وأسقطت غالبيتها، من دون تسجيل إصابات".
وكان الحرس الثوري الإيراني أعلن، في بيان السبت، أنّ هنية اغتيل بواسطة "مقذوف قصير المدى" أطلق على مقر إقامته.
وتوعّد بأن "النظام الصهيوني المغامر والإرهابي سيتلقى الرد على هذه الجريمة وهو العقاب الشديد في الزمان والمكان والكيفية المناسبة".
وأوردت صحيفة "كيهان" المحافظة المتشددة، السبت، أنّ "مناطق مثل تل أبيب وحيفا والمراكز الاستراتيجية وبخاصة مقار إقامة بعض المسؤولين المتورطين في الجرائم الأخيرة هي بين الأهداف".
وأقيمت السبت تظاهرات في تركيا والمغرب والأردن تنديداً باغتيال هنية.
ويُعيد التوتر الراهن الى الأذهان المخاوف من التصعيد في مطلع نيسان، حينما شنّت إسرائيل غارة على دمشق أدّت إلى تدمير القنصلية الإيرانية، ممّا أدى الى مقتل ضباط في الحرس الثوري. وحينها، ردّت طهران بهجوم غير مسبوق على إسرائيل باستخدام مئات الطائرات المسيّرة والصواريخ.
إلغاء رحلات جوية
وفي مؤشر على القلق المتزايد، أوقف العديد من شركات الطيران رحلاته إلى مطار بيروت، وبينها شركة لوفتهانزا الألمانية حتى 12 آب، فيما
مدّدت الخطوط الجوية الفرنسية وشركة ترانسافيا تعليق الرحلات حتى الثلاثاء، وستقطع الخطوط الجوية الكويتية رحلاتها اعتبارا من الاثنين.
كما علّقت لوفتهانزا رحلاتها إلى تل أبيب حتى 8 آب.
من جهتها، أعلنت السويد إغلاق سفارتها في بيروت ودعت رعاياها إلى مغادرة البلاد.
كما دعت كندا رعاياها إلى "تجنب السفر إلى إسرائيل بسبب النزاع المسلح الإقليمي المستمر والوضع الأمني الذي لا يمكن التنبّؤ به".
قتلى في غزة والضفة
في هذا الوقت، يواصل الجيش الإسرائيلي هجماته في غزة بعد مرور قرابة عشرة أشهر على بدء الحرب، إثر هجوم حركة "حماس" على إسرائيل في السابع من تشرين الأول.
ووفق الدفاع المدني في غزة، فقد أدت غارة إسرائيلية على مجمع مدرسي يؤوي نازحين إلى مقتل 17 شخصاً على الأقل.
أما الجيش الإسرائيلي، فقد زعم أنّه "شنّ غارات استهدفت عناصر في مجمّع قيادة وسيطرة لحماس كان يُستَخدم في الماضي مدرسة في مدينة غزة".
وفي موازاة الحرب في غزة، يستمرّ التوتّر في الضفة الغربية المحتلة حيث قتل تسعة فلسطينيين في غارتين إسرائيليتين منفصلتين السبت، وفق ما أفادت وكالة "وفا" الرسمية، في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف "خلايا" مقاتلين.
وقال مدير مستشفى ثابت ثابت الحكومي في طولكرم في بيان: "وصل خمسة شهداء إلى المستشفى إثر غارة شنتها مسيرات إسرائيلية على مركبة فلسطينية قرب قرية زيتا".
وأضافت الوكالة الفلسطينية أنّ أربعة فلسطينيين آخرين قتلوا في غارة جوية ثانية وقعت بعد ساعات في طولكرم.