حضّت أطراف دوليّة عدة الإثنين على تفادي التصعيد في الشرق الأوسط بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران، في وقت أكدت إيران حقها بالرد على إسرائيل التي تتهمها بتنفيذ العمليّة.
وبينما تتوعّد إيران وحلفاؤها بالرد على اغتيال هنية والقائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر بضربة إسرائيلية قرب بيروت، أكدت إسرائيل استعدادها "هجومياً ودفاعياً"، بينما عززت واشنطن انتشارها العسكري في المنطقة للدفاع عن حليفتها، مؤكدة في الوقت ذاته بذل جهود دبلوماسيّة لتجنب التصعيد.
صور على طريق المطار (حسام شبارو).
ويأتي ذلك في وقت تتزايد الدعوات الى الرعايا الأجانب لمغادرة لبنان مع تعديلات في الرحلات الجويّة وحركة الطيران من لبنان وإليه وفي اتجاه إسرائيل، وسط مخاوف من تصعيد يضاف الى التوتّرات القائمة أصلاً والمتّصلة بالحرب المتواصلة منذ نحو عشرة أشهر بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.
وأكدت إيران رغبتها بتجنب "تصعيد التوترات"، لكن مع تمسّكها بـ"حقها" في الرد و"ردع" إسرائيل التي تتهمها منذ أعوام بتنفيذ هجمات على أراضيها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني "نعتبر أن حقنا بالدفاع عن أمننا القومي وسيادتنا وسلامة أراضينا هو حق لا جدال فيه".
وأضاف "لا يحق لأحد التشكيك بالحق القانوني لإيران في معاقبة النظام الصهيوني... اذا كانت إيران تتحدث عن حقها بمعاقبة المعتدي، فهذه خطوة تساهم في تعزيز وحدة المنطقة واستقرارها".
وتوعّد مسؤولون إيرانيون يتقدمهم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي إسرائيل بـ"عقاب قاسٍ". كما توعّد حزب الله بالانتقام لمقتل شكر.
وقال كنعاني "نعتقد أن الاستقرار والأمن في المنطقة سيتحققان من خلال معاقبة المعتدي وردعه عن التصرف المغامر"، متابعا "لو أن "حكومات المنطقة والمجتمع الدولي" ضغطت في الماضي على إسرائيل "لما كنّا بدون شك بلغنا هذا المستوى المرتفع من الاضطراب وتزايد خطر الصراع في المنطقة".
اجتماع أمني أميركي
ويعيد التوتر الراهن التذكير بوضع شبيه في نيسان عندما شنّت إيران هجوماً بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد إسرائيل رداً على ضربة جوية دمّرت القنصلية الإيرانية في دمشق ونسبتها لإسرائيل.
وأعلنت إسرائيل في حينه أنها تمكنت وحلفاءها من اعتراض غالبيتها.
ويخشى محللون من أن يكون الرّد الإيراني هذه المرة أكثر حدة. وتبذل أطراف عدة منذ اغتيال هنية الأربعاء، جهودا للحؤول دون اشتعال الوضع.
وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن سيجمع الإثنين مجلس الأمن القومي "لبحث التطورات في الشرق الأوسط".
تزامناً، وصل رئيس أمين مجلس الأمن القومي الروسي سيرغي شويغو الى إيران ليناقش مع الرئيس مسعود بزشكيان وكبار المسؤولين العسكريين والأمنيين، تعزيز التعاون الثنائي في العديد من المجالات، وفق وكالة أنباء "ريا نوفوستي".
في جنيف، أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك عن "قلق عميق إزاء الخطر المتزايد لاندلاع صراع أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط".
وناشد "جميع الأطراف، إلى جانب الدول ذات النفوذ، التحرّك بشكل عاجل لتهدئة الوضع الذي أصبح خطيراً للغاية".
وأبدى وزراء خارجية مجموعة السبع "قلقاً شديداً" إزاء المخاوف من حصول تصعيد في الشرق الأوسط، وذلك خلال اجتماع عبر الفيديو عقدوه الأحد.
وأفاد موقع "أكسيوس" الإلكتروني أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حذّر من احتمال أن تردّ إيران "في الساعات الـ24 أو الـ48 المقبلة".
وشدّد بلينكن في اتصال مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على "أهمية أن يتّخذ كل الأطراف تدابير" تهدئة، وفق المتحدث باسمه.
وشدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والعاهل الأردني عبدالله الثاني الأحد على ضرورة تجنب التصعيد "بأي ثمن"، بينما زار وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي طهران لبحث التهدئة.
والتقى الصفدي بزشكيان الذي اعتبر أن اغتيال هنية "خطأ فادح" من إسرائيل.
على كل الجبهات
وجدّد مسؤولون إسرائيليون بحزم جاهزيتهم للردّ. وقال رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ليل الأحد "نحن مصمّمون على مواجهة" إيران وحلفائها "على كل الجبهات، في كل الساحات، قريبة كانت أم بعيدة".
وأكد الرئيس الإسرائيلي اسحق هرتسوغ القدرة "على حماية مواطنينا في مواجهة أي تهديد يمثّله... محور الشر الإيراني".
وأعلن الجيش الإسرائيلي الأحد اعتماد نظام جديد لتحذير السكان "خلال الأحداث الطارئة" عبر رسائل لمستخدمي الهواتف النقالة "في المنطقة المتعرضة للخطر، على أن يرافقها صورت إنذار خاص".
وتوازياً مع الجهود الدبلوماسية، أعلنت شركات طيران عدّة تعديل رحلاتها خصوصاً الى لبنان ومنه أو تعليقها لأيام. والإثنين، أعلنت مجموعة لوفتهانزا الألمانية أن رحلاتها ستتجنب الأجواء العراقية والإيرانية حتى السابع من آب/اغسطس على أقل تقدير.
وكانت تتالت دعوات دو غربية وعربية عدة خلال الأيام الماضية لمغادرة لبنان على الفور.
إطلاق صواريخ من غزة
وتواصلت العمليات العسكرية الميدانية الإثنين، إن عبر حزب الله وإسرائيل عبر الحدود اللبنانية، أو في قطاع غزة.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية أن الطيران الإسرائيلي خرق جدار الصوت فوق مناطق عدة أبرزها بيروت، ما أثار حالاً من الهلع بين السكان.
وأتى ذلك بعد ساعات من مقتل شخصين في غارة إسرائيلية في بلدة ميس الجبل الحدودية، وفق ما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية.
ومنذ بدء التصعيد، يعلن حزب الله استهداف مواقع عسكرية وتجمعات للجنود في بلدات بشمال إسرائيل، بينما تؤكد الدولة العبرية شنّ عمليات قصف جوي ومدفعي تطال "بنى تحتية" للحزب.
وأعلن الحزب في بيان صباح الإثنين أنه قصف مواقع في ثكنة إيليت "بسرب من المسيرات الانقضاضية"، وذلك رداً على "اعتداءات واغتيالات" نفّذتها إسرائيل "في بلدات البازورية ودير سريان وحولا" في جنوب لبنان.
مجلس عزاء في إيران لهنية (أ ف ب).
ودوّت صفارات الإنذار في شمال الدولة العبرية بسبب هجوم جوي "من لبنان" أدى الى إصابة جنديين بجروح، وفقًا للجيش الإسرائيلي.
من جهة أخرى، أعلن الجيش الإسرائيلي الإثنين رصد إطلاق "نحو 15 مقذوفا من جنوب قطاع غزة في اتجاه أراضي إسرائيل"، مؤكداً اعتراض عدد منها.