نفّذت إسرائيل، الأربعاء، ضربات جوية جديدة على قطاع غزة، عشية محادثات جديدة حول وقف إطلاق نار دعت إليها الدول الوسيطة للبحث في اتفاق هدنة ربما يقنع إيران بالامتناع عن تنفيذ ضربة انتقامية على إسرائيل ردّا على مقتل اسماعيل هنية.
وذكرت مصادر مطلعة على المفاوضات الأربعاء أن هذه الأخيرة ستعقد الخميس في الدوحة.
وكانت إسرائيل أعلنت أنها ستشارك في المفاوضات. وذكرت مصادر أميركية متابعة للملف أن رئيس جهاز الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز سيتوجه الى الدوحة للمشاركة في المفاوضات. وتشارك القاهرة أيضا في الوساطة الى جانب قطر والولايات المتحدة.
وشدّد المبعوث الأميركي آموس هوكستين الذي يتوسّط في الخلاف الحدودي بين لبنان وإسرائيل، من بيروت الأربعاء، على أنه "لم يبق وقت لإضاعته" قبل التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، معتبرا أن من شأن هذا أن يتيح كذلك التوصل إلى حلّ ديبلوماسي في لبنان.
واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم نفّذته حركة حماس في السابع من تشرين الأول على جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل 1198 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 111 منهم محتجزين في غزة، بمن فيهم 39 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وأسفرت الغارات والقصف والعمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة عن مقتل 39965 شخصا على الأقل، بحسب أرقام وزارة الصحة التابعة لحماس.
وقبِلت إسرائيل دعوة الوسطاء إلى استئناف المفاوضات هذا الأسبوع بشأن وقف لإطلاق النار وإطلاق سراح رهائن.
وأكد مصدر في حماس أن الحركة "ستراقب وتتابع سير جولة التفاوض وهل مسار المفاوضات جدي من جانب الاحتلال ومجدي لتنفيذ الاقتراح الأخير أم أنه استمرار للمماطلة التي يتبعها (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو".
وقال مصدر آخر إن "حماس معنية بوقف الحرب والتوصل لصفقة واتفاق لوقف اطلاق النار على أساس الاقتراح الذي قُدّم الشهر الماضي"، في إشارة الى الاقتراح الذي أعلن عنه في وقت سابق الرئيس الأميركي جو بايدن وينصّ على ثلاث مراحل تشمل وقفا لإطلاق النار وانسحابا للقوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في غزة وإدخال مساعدات وإطلاق معتقلين فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
- التصعيد في المنطقة -
وخلال الأسابيع الأخيرة، تعزّزت المخاوف من توسّع التصعيد من قطاع غزة الى دول أخرى في المنطقة بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران، في ضربة نسبت الى إسرائيل. وجاء ذلك بعد ساعات من ضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت قتلت القيادي في حزب الله اللبناني فؤاد شكر.
وتوعّدت إيران وحزب الله بالردّ على الدولة العبرية.
ومارست الدول الغربية ضغوطا مكثفة على إيران داعية إياها للتراجع عن تهديدها بالردّ على إسرائيل.
واعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن الثلثاء أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة قد يدفع إيران للامتناع عن شن هجوم.
ورفضت إيران الثلثاء الدعوات الغربية للتراجع.
وكتب الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ الأربعاء أن الدولة العبرية لا تزال "في حالة تأهب قصوى".
وأضاف "أريد أن أعرب عن امتناني (...) لحلفائنا الذين يقفون متحدين معنا في مواجهة التهديدات البغيضة من النظام الإيراني ووكلائه الإرهابيين".
ووافقت إدارة بايدن الثلثاء على صفقات أسلحة جديدة لاسرائيل بقيمة تتجاوز 20 مليار دولار، متجاهلة ضغوطا تمارسها منظمات حقوقية تدعو لوقف إمداد الدولة العبرية بالأسلحة على خلفية ارتفاع حصيلة القتلى المدنيين في غزة.
- "لا مكان آمنا" -
في هذا الوقت، تواصلت العمليات العسكرية على الأرض في قطاع غزة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء تنفيذ أكثر من 40 غارة جوية في أنحاء القطاع مستهدفا "بنى تحتية إرهابية".
وقال إن قواته تواصل عملياتها في تل السلطان برفح في جنوب القطاع، وكذلك في خان يونس جنوبا أيضا، وفي وسط القطاع.
وأعلن الدفاع المدني في غزة انتشال أربع جثث لأفراد من عائلة واحدة من تحت أنقاض شقة تعرضت للقصف في مجمع حمد السكني الضخم الذي بنته قطر بالقرب من خان يونس.
وفي النصيرات وسط قطاع غزة، أفاد فلسطينيون أن قصفا تسبب في "انفجار مروع" في منتصف الليل الماضي.
وقال جهاد الشريف "كنا نائمين بعد منتصف الليل وفوجئنا بصاروخ يستهدف الجيران وأطفالا ووالدهم ووالدتهم. كان الانفجار رهيبا (...) ووجدنا أطفالا مقطعين وأشلاء في وسط الشارع".
ودعت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة روزماري دي كارلو الثلثاء "جميع الأطراف" إلى وقف التصعيد. وقالت "بعد عشرة أشهر على بدء الحرب، أصبح خطر التصعيد الإقليمي أكثر وضوحا ورعبا من أي وقت مضى".
وأشارت إلى أنه في قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل "لا يزال الوضع كارثيا بالنسبة للمدنيين. لا يوجد مكان آمن في غزة، ولكن إجلاء المدنيين يتواصل إلى مناطق لا تنفك تضيق".
في الضفة الغربية المحتلة، قُتل ستة فلسطينيين خلال ليل الثلثاء وصباح الأربعاء برصاص الجيش الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية المحتلة وبالقرب من القدس.
وتشهد الضفة الغربية التي تحتلّها إسرائيل منذ العام 1967 تصاعدا في العنف منذ أكثر من عام، لكنّ الوضع تدهور منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة.
وقُتل ما لا يقل عن 625 فلسطينيا برصاص القوات الإسرائيلية ومستوطنين في الضفة الغربية منذ هجوم حركة حماس، وفقا لإحصاء أعدته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام فلسطينية رسمية.
وقُتل ما لا يقل عن 18 إسرائيليا، بينهم جنود، في هجمات فلسطينية في الضفة الغربية خلال الفترة نفسها، وفقا لأرقام إسرائيلية رسمية.