دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المجتمع الدولي، الأحد، إلى "توجيه الضغوط على حركة حماس" بدلا من إسرائيل لتحقيق وقف لإطلاق النار في غزة، فيما وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى تل أبيب، على أن يتوجّه إلى القاهرة الثلثاء، بهدف دفع المفاوضات بهذا الشأن.
ومع دخول الحرب على قطاع غزة شهرها الـحادث عشر، تتكثّف المساعي الديبلوماسية على المستوى الدولي لتجنّب توسّع دائرة الحرب بسبب توعد إيران وحلفائها بضرب إسرائيل.
وفي ظلّ استمرار التباينات العميقة بين إسرائيل وحماس بشأن اتفاق وقف إطلاق النار، وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأحد إلى تل أبيب حيث سيلتقي الإثنين بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت والرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، حسبما أفاد مسؤول أميركي يرافقه.
كذلك، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن بلينكن سيتوجّه إلى مصر الثلثاء حيث سيلتقي بمسؤولين مصريين.
وهذه الزيارة التاسعة التي يجريها بلينكن إلى الدولة العبرية منذ اندلاع الحرب في القطاع، وهي تأتي قبل أيام من استئناف مباحثات اتفاق وقف النار في القاهرة خلال الأسبوع المقبل.
في الأثناء، دعا نتنياهو الأحد إلى ممارسة "الضغط على حماس و(رئيس مكتبها السياسي يحيى) السنوار، وليس على الحكومة الإسرائيلية".
وقال "نحن نجري مفاوضات، وليس سيناريو حيث نكتفي بأن نعطي ونعطي"، مؤكدا أنّ "هناك أمورا يمكن أن نبدي مرونة بشأنها وأمورا لا، ونحن نصر عليها".
وتابع "لذلك وإلى جانب الجهود الهائلة التي نبذلها لإعادة الرهائن، إننا نتمسك بحزم بالمبادئ التي أرسيناها والتي تعتبر أساسيّة لأمن إسرائيل".
وشدد نتنياهو على وجوب ممارسة "ضغط عسكري قوي وضغط ديبلوماسي قوي" على حماس من أجل التوصل إلى اتفاق.
- "يمكن تجاوز نقاط الخلاف" -
وكان مسؤول أميركي يرافق بلينكن لم يشأ كشف هويته قال في وقت سابق "الشعور هو (...) أن نقاط الخلاف المتنوعة التي كانت موجودة من قبل يمكن تجاوزها، وأن العمل سيستمر".
وبعد مباحثات ليومين في الدوحة هذا الأسبوع غابت عنها الحركة الفلسطينية، أعلنت دول الوساطة الولايات المتحدة وقطر ومصر تقديم مقترح جديد "يقلّص الفجوات" بين إسرائيل وحماس لوقف النار في الحرب المتواصلة منذ أكثر من عشرة أشهر، والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين.
وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن أن الاتفاق بات "أقرب من أي وقت مضى".
الا أن القيادي في حماس سامي أبو زهري رأى في بيان لوكالة فرانس برس السبت أن ذلك "وهم"، مشددا على أن "الاحتلال يواصل عرقلة كل المساعي لإتمام أي اتفاق".
وأضاف "لسنا أمام اتفاق أو مفاوضات حقيقية بل أمام فرض إملاءات أميركية".
في اليوم نفسه، أعرب المفاوضون الإسرائيليون العائدون من المحادثات عن "تفاؤلهم الحذر" لبنيامين نتنياهو، وفق مكتب رئيس الوزراء.
وأضاف المكتب في بيان "هناك أمل أن يتيح الضغط الكبير للولايات المتحدة والوسطاء على حماس، أن تتراجع عن معارضتها للاقتراح الأميركي الذي يتضمن عناصر مقبولة لدى إسرائيل".
وكان مصدر قيادي في حماس أكد الجمعة أن الحركة ترفض "الشروط الجديدة" التي وضعتها إسرائيل، موضحا أنها تشمل إبقاء قوات في منطقة الشريط الحدودي مع مصر (محور فيلادلفيا)، وحق الفيتو بشأن الأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم في أي اتفاق تبادل، أو إبعادهم خارج الأراضي الفلسطينية.
وتصرّ الحركة على شروطها وأبرزها وقف النار الكامل والانسحاب من القطاع والسماح بعودة النازحين.
وتتهم حماس ومحللون ومحتجون إسرائيليون نتنياهو الذي وضع هدفا هو "القضاء" على الحركة الفلسطينية، بعرقلة التوصل إلى اتفاق لحماية ائتلافه الحاكم اليميني المتشدد.
وقال يوسي (53 عاما) على هامش تجمع شارك فيه الآلاف في تل أبيب ليل السبت للمطالبة باتفاق يكفل عودة الرهائن "لدينا رئيس وزراء ليس على استعداد كبير للإفراج عن الرهائن وإنهاء الحرب، لأن لديه مصالحه الخاصة".
وتأتي زيارة بلينكن في ظل ارتفاع التوتر في الشرق الأوسط، بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران بعملية منسوبة الى إسرائيل، واغتيال القيادي العسكري البارز في حزب الله اللبناني فؤاد شكر بضربة إسرائيلية قرب بيروت.
وتوعدت طهران وحزب الله حليفها، بالرد على عمليتي الاغتيال. في المقابل، أكدت اسرائيل استعدادها "دفاعيا وهجوميا"، بينما عززت حليفتها الولايات المتحدة انتشارها العسكري في المنطقة للدفاع عنها.
- سبعة قتلى -
على الأرض، تواصل إسرائيل عمليات القصف والقتال في قطاع غزة، وأيضا في الضفة الغربية التي تحتلها.
والأحد، أعلن الدفاع المدني الفلسطيني في غزة ومسعفون مقتل سبعة أشخاص في قصف صاروخي في دير البلح وسط القطاع، وأربعة آخرين في مخيم جباليا بشمال القطاع.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته "تواصل أنشطتها العملياتية" في دير البلح وخان يونس (جنوب)، مشيرا الى أنه "قضى على نحو 20 إرهابيا" خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية في رفح عند حدود القطاع مع مصر.
وأفاد مصدر في الفصائل بوقوع "اشتباكات عنيفة" بين مسلحين فلسطينيين والقوات الإسرائيلية في رفح السبت.
اندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق نفّذته حركة حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول أسفر عن مقتل 1198 شخصا، معظمهم مدنيون، وفق حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 111 منهم محتجزين في غزة، بينهم 39 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وأسفرت الغارات والقصف والعمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة عن مقتل 40099 شخصا على الأقل، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
والسبت أعلن الجيش الإسرائيلي أن حصيلة قتلاه بلغت 332 منذ بدء الحملة البرية في 27 تشرين الأول.
وتسببت الحرب بأزمة إنسانية كارثية في القطاع الذي يقطنه 2,4 مليونا شخص.
- جبهات أخرى -
أثارت حرب غزة مخاوف من اتساعها الى جبهات أخرى، وخصوصا لبنان حيث يتبادل حزب الله والدولة العبرية القصف يوميا عبر الحدود.
وفي هذا السياق، أصيب ثلاثة جنود من قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان بجروح الأحد، على ما أعلنت اليونيفيل في بيان، جراء "انفجار" وقع بالقرب من آليتهم.
وقالت اليونيفل إنّ الجنود الثلاثة أصيبوا بجروح طفيفة بينما "كانوا في دورية صباح اليوم (الأحد)... عندما وقع انفجار بالقرب من آليتهم التي تحمل علامة الأمم المتحدة بوضوح في محيط يارين، في جنوب لبنان".
وأضاف البيان أن "جميع جنود حفظ السلام الذين كانوا في الدورية عادوا بسلام إلى قاعدتهم، ونحن نحقق في الحادث".
وكانت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام الرسمية ذكرت في وقت سابق أن "الطيران الحربي الإسرائيلي نفذ غارتين متتاليتين على بلدة الضهيرة" التي تبعد قرابة كيلومتر واحد عن يارين، ما أدّى "إلى وقوع إصابات".
ورجّح مصدر في اليونيفيل، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، أن يكون الانفجار الذي تسبب بإصابة جنود القوة بجروح ناجما عن غارة جوية قريبة، وليس "استهدافا مباشرا".
في الأثناء، نعت "السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الاسرائيلي" وهي مجموعة محلية تابعة لحزب الله الأحد مقاتلاً في صفوفها بدون أن تحدد مكان مقتله، مضيفةً أنه "ارتقى شهيدا (...) دفاعا عن لبنان وإسنادا لمقاومة غزة الشريفة".
وكانت وزارة الصحة اللبنانية في وقت سابق أعلنت عن مقتل شخص وجرح آخر "بغارة للعدو الاسرائيلي" استهدفت "دراجة نارية" في بلدة شبعا في جنوب لبنان.
وقال حزب الله لاحقا إنه قصف مقراً عسكرياً في شمال اسرائيل ردا "على الاعتداء والاغتيال الذي نفذه العدو الاسرائيلي في بلدة شبعا".
وأدّى التصعيد عبر الحدود إلى مقتل 582 شخصا على الأقل في لبنان، غالبيتهم مقاتلون في حزب الله وما لا يقل عن 128 مدنياً، وفق تعداد لوكالة فرانس برس، استنادا إلى السلطات اللبنانيّة وبيانات نعي حزب الله والمجموعات الأخرى.
وأعلنت السلطات الإسرائيليّة مقتل 22 عسكريّا و26 مدنيّا على الأقلّ منذ بدء التصعيد، بينهم 12 في الجولان السوري المحتلّ.