الإثنين - 16 أيلول 2024
close menu

إعلان

وقفات "النهار" ثورة الأرز وانسحاب سوريا من لبنان 2005

المصدر: "النهار"
Bookmark
وقفات "النهار".
وقفات "النهار".
A+ A-
إعداد: لوسيان شهوانثورة الأرز، التي أرادها اللبنانيون "استقلالاً ثانياً"، لم تكن وليدة لحظتها، أي في يوم 14 آذار (مارس) 2005، بل كانت نتاجاً لمسار نضاليّ طويل تفعّلت محرّكاته منذ أن أطلق المطارنة الموارنة نداءهم في عام 2000 وما تلاه من مصالحة في "الجبل" في عام 2001. وقد لاقت هذه المحطّات المهمّة نضالات المعارضة الرافضة للاحتلال السوري في لبنان طيلة الفترة الممتدّة من نهاية الحرب اللبنانية وما حملته من تنكيل واضطهاد، وسجن ونفي وقتل، بحق قياداتها الرئيسية وكوادرها وكل الجسم المعارض من حزبيين وصحافيين ومفكرين وقادة رأي. اتسعت رقعة هذا التراكم النضاليّ مع تطوّر الأحداث بين عامي 2001 و2004 مع لقاء "قرنة شهوان" وصولاً إلى "لقاء البريستول" وما حملته هذه المرحلة مع صدور القرار الدولي رقم 1559 وصولاً إلى الزلزال الكبير مع اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وانتفاضة الشعب اللبناني فانسحاب سوريا من لبنان في 26 نيسان (أبريل) 2005."انسحاب" و"نداء" و"معارضة"حدثان مهمّان انتظر اللبنانيون مع حدوثهما تبدّلات معيّنة في عام 2000، الأوّل هو انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في أيّار (مايو) وضرورة انتشار القوى الشرعيّة في الجنوب لضمان الأمن والاستقرار، والثاني هو وفاة الرئيس السوري حافظ الأسد وتولي نجله بشار الرئاسة السورية خلفاً له، وتبدّل الأداء السوري تجاه لبنان.  في الحدثين، لم يتحقق ما تمنّاه الكثير من اللبنانيين آنذاك، من الذين كانوا ينتظرون تحوّلاً يعيد حضور الشرعية والقانون في الجنوب اللبناني، كما انتظروا مع التغير في الرئاسة السورية أن تترتب العلاقات بين لبنان وسوريا فتأخذ مع رئاسة بشار الأسد إطاراً مختلفاً كما يحدث بين الدول الطبيعية. المُراقب الأبرز لهذه التبدّلات كان البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير الذي لم يُخفِ امتعاضه من غياب الدولة جنوباً ورفضه إملاءات سوريا بعد أن تأكّد بعد ثلاثة أشهر من رئاسة بشار الأسد أن الأمور مع سوريا ستبقى على ما هي عليه قبل أن تزداد سوءاً بعد نداء المطارنة الموارنة الشهير في عام 2000، والذي طالب علناً بإعادة تموضع الجيش السوري بحسب اتفاق الطائف قبل انسحابه الكامل من الأراضي اللبنانية. مطلب البطريرك هذا بات ملحاً بعد أن رأى أن لا مبرر لبقاء الجيش السوري في لبنان، خاصة مع غياب مبررات بقائه "السوريّة" مع الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب. كما تطرّق النداء إلى القضايا المتعلّقة بالانتخابات النيابية والسياسات الاقتصادية وإدارة الحكم وغيرها من الملفات الشائكة آنذاك.نداء المطارنة الموارنة في أيلول (سبتمبر) 2000 أسس لمرحلة جديدة في لبنان، مرحلة تبلور الاعتراض اللبناني الذي أراده البطريرك رداً عالي النبرة بوجه التجاوزات السوريّة بحقّ لبنان، وتحديداً بعد انتخابات نيابية لم ترتاح لإدارتها بكركي بسبب الضغوطات التي مارستها سوريا على المرشحين كما على الناخبين اللبنانيين، ومن خلال وسائل عديدة بهدف التصويت لصالح خيارات "سوريّة" بين المرشحين اللبنانيين.وفي 18 أيلول (سبتمبر) 2000، أتت الشرارة التي سرّعت إطلاق النداء بعد أن زار وفد من أهالي المفقودين والمعتقلين في السجون السورية بكركي حاملاً معه قراراً من السلطات اللبنانية يطلب بشكل واضح من ذوي المعتقلين التوقيع على أوراق تعتبر معتقليهم أمواتاً في حال مضى على غيابهم في السجون السورية عشر سنوات. اعتبر البطريرك أن هذا القرار غير مقبول، وقرّر الردّ بنبرة عالية بعد أن "طفح الكيل"، فكان النداء الصارخ في 20 أيلول (سبتمبر). لم تلقَ صرخة المطارنة ترحيباً عند رئيس الجمهورية اللبنانية السابق إميل لحود، حليف سوريا، الذي عاد آنذاك للتأكيد على أهميّة وجود الجيش السوري في لبنان، واعتبره كما دائماً وبحسب موقفه المعروف: "ضروريّ وشرعيّ وموقت". كما أن المرجعيّات الإسلامية لم تتقبل مضمون النداء، فكان بيانٌ مقابل "النداء" عُرف آنذاك "ببيان دار الفتوى". وكعادتها سوريا وعلى لسان مسؤوليها الرسميين، اعتبرت أن كل انتقاد لها هو خدمة لإسرائيل، ووضعت "نداء المطارنة" في خانة خدمة إسرائيل. خلق "النداء" ديناميّة جديدة داخل الحياة السياسية، وأصبحت المواقف داخل لبنان تُقاس بين مؤيد للنداء ومعارض له، ومن مزايا هذا النداء أنه حصد تأييداً وطنياً تبلور مع الوقت، وهذا ما حصل في جلستي إعطاء الثقة لحكومة الرئيس رفيق الحريري الذي عاد إلى السلطة بعد الانتخابات الأخيرة. واللافت في جلستي 2 و3 تشرين الثاني (نوفمبر) هو موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي واكب نداء المطارنة بمطلب إعادة تموضع الجيش السوري وفق مقررات اتفاق الطائف. وقد شهدت إحدى الجلسات موقفاً مهمّاً أيضاً للنائب ألبير مخيبر، الذي طالب بخروج الجيش السوري من لبنان. في تلك المرحلة، قرّر رئيس المجلس النيابي نبيه بري المبادرة باتجاه بكركي. وفي تشرين الثاني (نوفمبر)، زار الصرح البطريركي وعقد خلوة مع البطريرك لمحاولة استيعاب مواقف بكركي والتخفيف من حدّتها، لكن المبادرة وبالرغم من بعض نقاطها التي لاقت هواجس البطريرك، لم تنتج شيئاً بالمعنى الفعليّ. في المقابل، كان البطريرك يعمل على توسيع رقعة المعارضة التي بدأت تتشكّل برعايته مع لقاء "قرنة شهوان" الذي ضمّ شخصيات مسيحيّة مستقلّة وشخصيّات حزبية مسيحيّة معارضة لسوريا، بحضور المطران يوسف بشارة الذي انتدبه البطريرك لإدارة اجتماعات اللقاء.بعد الجهد المحلّي التي قادته بكركي، كان لا بدّ من سعي أكبر في اتجاه دوائر القرار. وبين 13 شباط (فبراير) و26 آذار (مارس) 2001، كان البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم