تواصل القوات الإسرائيلية عمليتها العسكرية الواسعة في الضفة الغربية المحتلة، لا سيما في منطقة جنين، حيث قتلت الجمعة ثلاثة عناصر من حماس، في وقت تتواصل الحرب الدامية بين الحركة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي في قطاع غزة حيث تقول الأمم المتحدة إن المعاناة تصل "الى أبعد مما يمكن لأي إنسان أن يتحمّل".
وتثير العملية الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية قلق الأمم المتحدة التي حذّرت من خطر "تدهور الوضع المتفجّر أصلا" في الأراضي الفلسطينية مع اقتراب الحرب في قطاع غزة المحاصر والمدمّر من إتمام شهرها الحادي عشر.
وأعلن الجيش الإسرائيلي فجر الأربعاء بدء عملية واسعة "لمكافحة الإرهاب" في شمال الضفة الغربية، خصوصا في جنين وطوباس وطولكرم حيث تنشط مجموعات فلسطينية مسلحة. وقتل ما لا يقل عن 19 فلسطينيا في العملية، بحسب الجيش ووزارة الصحة الفلسطينية في رام الله، غالبيتهم من المقاتلين في فصائل مسلحة فلسطينية.
وأفاد الجيش الإسرائيلي في بيان الجمعة بأنه قتل اليوم "المدعو وسام حازم، قائد شبكة حماس الإرهابية في جنين".
وأوضح أن الأخير قضى "خلال تبادل إطلاق النار"، مشيرا الى أنه "كان ضالعا في تنفيذ وتوجيه عمليات إطلاق نار إرهابية وتفجير عبوات ناسفة إلى جانب أعمال إرهابية أخرى" في الضفة.
وأكد الجيش أنه بعد مقتل حازم، "قضت طائرة لسلاح الجو" على عنصرين آخرين "حاولا الهرب من السيارة التي كانوا يستقلونها" معه، وكانا "من نشطاء حماس في جنين عملا تحت قيادة المدعو وسام حازم".
وقتل الثلاثة في بلدة الزبابدة جنوب غرب جنين.
وأفاد سكان بأن القوات الإسرائيلية انسحبت خلال ليل الخميس الجمعة من طولكرم ومخيم نور شمس، بينما لا تزال المواجهات مستمرة في جنين ومحيطها. وكانت انسحبت قبل ذلك من طوباس ومخيم الفارعة.
- "نحن غزة ثانية" -
وأظهر فيديو لفرانس برس في مخيم نور شمس في طولكرم، فلسطينيين يعاينون آثار المعارك.
وإضافة إلى الدمار واللون الأسود الذي غطى بعض المباني الاسمنتية جراء حرائق، بدت بعض الطرق الضيقة وقد جرفت بالكامل نتيجة مرور الدبابات العسكرية فيها.
وقال نايف العجمة "ما الفارق بيننا وبين غزة؟ لا فارق بيننا وبين غزة، نحن غزة ثانية، خصوصا مخيمنا...".
وتشهد الضفة الغربية توغلات إسرائيلية منتظمة. لكن من النادر أن تنفذ بشكل متزامن في مدن عدّة، وبإسناد جوي، كما يحدث منذ الأربعاء.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في بيان الخميس "الى وقف فوري للعمليات" الإسرائيلية. واعتبرت الأمم المتحدة أن "التطورات الخطرة تغذي الوضع المتفجر أصلا في الأراضي الفلسطينية".
واعتبرت فرنسا الجمعة أنّ العمليات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية "تفاقم جو عدم استقرار وعنف غير مسبوق"، فيما ندّدت إسبانيا بـ"اندلاع أعمال العنف"، مشدّدة على أنّه "أمر غير مقبول إطلاقا".
كذلك، أعربت لندن عن "قلقها العميق" جراء "الأساليب" التي تستخدمها القوات الإسرائيلية في العملية العسكرية، و"التقارير عن ضحايا مدنيين وتدمير البنى التحتية المدنية" في الضفة الغربية، مؤكدة أنّ "الحاجة إلى وقف التصعيد ملحّة".
ومنذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة إثر هجوم شنّته الحركة على الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول، ازدادت أعمال العنف في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.
وقتل نحو 640 فلسطينيا في الضفة الغربية منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، حسب الأمم المتحدة. وقتل ما لا يقل عن 19 إسرائيليا، بينهم جنود، في هجمات نفذها فلسطينيون أو خلال عمليات عسكرية، وفق بيانات إسرائيلية رسمية.
- "هدن إنسانية" لشلل الأطفال -
في هذا الوقت تزداد الأوضاع تدهورا في قطاع غزة حيث يتواصل القتال والقصف.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية الخميس أن إسرائيل وافقت على سلسلة "هدن إنسانية" تستمر كلّ منها ثلاثة أيام في وسط القطاع وجنوبه وشماله للقيام بحملة تلقيح ضد شلل الأطفال.
وقال ممثل المنظمة في غزة ريك بيبركورن "ما ناقشناه وتمت الموافقة عليه، هو أن تبدأ الحملة في أول أيلول في وسط قطاع غزة لثلاثة أيام، وستكون هناك هدنة إنسانية" لساعات يوميا، لافتا الى أن الإجراء نفسه سيتخذ لاحقا في الجنوب والشمال.
واتخذ القرار بالحملة بعد تأكيد تسجيل حالات شلل أطفال في القطاع الفلسطيني.
وشدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أن هذه الهدن الموقتة "ليست وقفا لإطلاق النار" في الحرب.
وتحدثت مسؤولة في الأمم المتحدة الخميس عن معاناة سكان القطاع، قائلة إنها "تتجاوز ما يمكن لأي إنسان تحمله"، متسائلة "ما الذي حل بحسِّنا الأساسي بالإنسانية؟".
وقالت جويس مسويا، الرئيسة بالوكالة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي حول الوضع الإنساني في القطاع الفلسطيني، "المدنيون جوعى وعطشى ومرضى وبلا مأوى، وقد دفِعوا إلى ما هو أبعد من حدود التحمل وما هو أبعد مما يمكن لأي إنسان تحمله".
ميدانيا، أفادت فرق الإسعاف في القطاع عن ضربات إسرائيلية في مناطق مختلفة الجمعة، مؤكدة سقوط ثلاثة قتلى على الأقل في ضربة إسرائيلية على شرق مدينة خان يونس (جنوب)، واثنين آخرين بينهما طفل في قصف طال مخيم جباليا (شمال).
وأفاد مراسل فرانس برس عن قصف مدفعي على غرب مدينة غزة (شمال).
وأفاد الجيش الإسرائيلي عن استهداف منصة استخدمت لإطلاق مقذوفات باتجاه الدولة العبرية. وأفاد بأنه قضى خلال اليوم المنصرم "على عشرات الإرهابيين" وسط القطاع وجنوبه.
من جهة أخرى، أعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة أن "قوات الفرقة 98 استكملت عمليتها في منطقتي خان يونس (جنوب) ودير البلح (وسط)، بعد نحو شهر من النشاط العملاني المتزامن فوق وتحت الأرض".
وأضاف "كجزء من العملية، قضت القوات على أكثر من 250 إرهابيا ودمّرت عشرات البنى التحتية للإرهاب".
وأكد متحدث عسكري لوكالة فرانس برس أن لا عمليات أخرى تجري في هاتين المنطقتين في الوقت الحالي.
ووصف سكان من خان يونس مشاهد الدمار الواسع النطاق في المدينة الرئيسية في جنوب قطاع غزة بعدما عادوا إليها الجمعة.
وقالت أمل الأسطل (48 عاما) "عندما عدنا لنتفقد منطقتنا، وجدنا بيتنا مدمرا وبيت جيراننا أيضا (...) وجثة أحد جيراننا متحللة هناك".
وأضافت "مآس... لم نستطع التعرف على معالم الحي التي اختفت كلها".
وأدّى هجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول إلى مقتل 1199 شخصا، معظمهم مدنيون، وفق تعداد لفرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وخُطف 251 شخصا في ذلك اليوم، لا يزال 103 منهم محتجزين في غزة، بينهم 33 أعلن الجيش موتهم.
وتسبّب القصف والعمليات البرية الإسرائيلية على قطاع غزة ردا على هجوم حماس بمقتل ما لا يقل عن 40602 شخص، وفقا لآخر أرقام لوزارة الصحة التابعة لحماس. وتؤكد الأمم المتحدة أن غالبية القتلى هم من النساء والأطفال.