الإثنين - 16 أيلول 2024
close menu

إعلان

وقفات "النهار" بين ربيعٍ وخريف... الثابت أن شعوباً انتفضت!

المصدر: "النهار"
Bookmark
وقفات "النهار".
وقفات "النهار".
A+ A-
كانت دول العربية هادئة نسبياً، يطغى عليها الاستقرار السلبي، وكل رئيس دولة متمسك بحكمه، هدفه تحصين أدوات هذا الحكم المتعدّدة، لضمان استمراره... حتى أشعل "بوعزيزي" نفسه في تونس منتفضاً على التمييز بين مواطن وآخر، رافضاً ازدواجية المعايير. وسرعان ما تمدّدت الشرارة التونسية إلى مصر وسوريا وليبيا واليمن وصولاً إلى البحرين.بين نقمة هذه الاحتجاجات ونعمتها تأرجحت الآراء. وبعد سنوات من هذه الانتفاضات المتنقلة، طرح كثيرون السؤال: هل كان العالم العربي يجدّد نفسه؟ أم أن ما حصل في بعض الدول ما كان يجب أن يحصل؟ في ملحق اليوم من "وقفات النهار"، نعود إلى تلك الحقبة المهمّة من تاريخ العالم العربي، ونتذكّر.الثورة التونسية بدءاً من 17 كانون الأوّل (ديسمبر) 2010 وتنحّي الرئيس التونسي زين العابدين بن عليإعداد: مجد بو مجاهدسارعت الثورة التونسية في الاندلاع متّخذة بادئ ذي بدء فحوى تضامنيّاً مع الشاب محمد البوعزيزي الذي أضرم النار في جسده في 17 كانون الأوّل (ديسمبر) 2010، في خضمّ غضبه على واقعه الاجتماعي المخيّب نتيجة البطالة ومصادرة عربته التي يبيع عليها الفاكهة والخضار. وكان للتضامن أن تحوّل تظاهرات شعبية واسعة في اليوم التالي مع مشاركة آلاف من التونسيين في احتجاجات رافضة للبطالة وغياب العدالة الاجتماعية وشاجبة الفساد. لم تكن تلك الاحتجاجات خالية من مواجهات مع الأمن قبل أن تنتقل إلى بعض البلدات والمدن التونسية التي سقط فيها عدد من المتظاهرين وجُرح آخرون. كبرت حلقة الاحتجاجات أكثر في 21 كانون الأوّل (ديسمبر)، متخذة شعارات مطالبة بالعمل والمواطنة والمساواة. ثم شملت محافظات عدّة بدءاً من 27 كانون الأوّل (ديسمبر) قبل أن يتوجّه الرئيس التونسي حينذاك زين العابدين بن علي بأول ردّ رسمي على التظاهرات، استنكر خلاله ما يحصل على أنه بمثابة "أعمال الشغب"، بحسب قوله. بعد ذلك، قام بن علي بتعديل وزاريّ محدود في 30 كانون الأول (ديسمبر)، لكنه لم يخفّف من حدّة التظاهرات التي بقيت آخذة في التكاثر. توفي محمد البوعزيزي في 5 كانون الثاني (يناير) 2011 متأثراً بحروقه بعد أيام على محاولة انتحاره، فإذا بالتظاهرات تنتشر بسرعة أكبر حتى وصلت إلى العاصمة في 9 كانون الثاني (يناير) وسط مواجهات مع الأمن، قبل أن يحاول زين العابدين بن علي التهدئة في خطاب آخر ألقاه في 10 كانون الثاني (يناير). لكنه لم يستطع الوقوف أمام الغضب الشعبي في العاصمة بشكلٍ خاص، فإذا به يعزل وزير الداخلية ويعيّن آخر قبل أن يُلقي خطاباً في 13 كانون الثاني (يناير) محاولاً تهدئة غضب الشارع الذي كان آخذاً في الاتساع أكثر، فيطلق يومذاك وعداً بعدم الترشّح لولاية رئاسية جديدة في عام 2014، ويأمر الشرطة بوقف إطلاق النار على المتظاهرين ويوعز بخفض أسعار بعض المنتجات متعهّداً إطلاق الحريات الإعلامية وإزالة الرقابة عن مواقع الانترنت.  أتت هذه الوعود بعد يوم آخر من المواجهات الدامية في العاصمة وعدد من المدن، سقط فيها قتلى وجرحى. وقال بن علي في الخطاب الذي وجّهه ليل 13 كانون الثاني (يناير) إلى الشعب بعد أسابيع من الاحتجاجات المتواصلة في البلاد: "لا أقبل أن تسيل قطرة دم واحدة في تونس... كفى عنفاً، لقد أعطيت تعليمات لوزير الداخلية، كفى لجوءاً إلى الرصاص الحيّ إلا في حالة هجوم... والإجبار على الدفاع عن النفس". وأضاف حينذاك أنه استطاع أن يفهم الجميع، العاطل عن العمل والمحتاج السياسي، مع إقراره بأن الوضع يفرض تغييراً عميقاً شاملاً. لكن كلام بن علي لم يغيّر في واقع الاحتجاجات الشعبية في تونس التي أطاحته سريعاً في 14 كانون الثاني (يناير) 2011، بعدما حكم البلاد بقبضة من حديد 23 عاماً.في سرد ما حصل أيضاً، ذكرت "النهار" أنه حتى اللحظات الأخيرة التي سبقت رحيل بن علي، حاول الأخير عبثاً التشبّث بالسلطة عبر سلسلة من الإجراءات، فأعلن حال الطوارئ في أنحاء البلاد وأقال الحكومة ووعد بإجراء انتخابات نيابية في غضون 6 أشهر بعدما كان وعد بألا يترشّح للرئاسة في عام 2014. لكن ذلك لم يوقف موجة التظاهرات التي كانت الأكثر حشداً وحصلت مواجهات مع قوات مكافحة الشغب وتسلّق متظاهرون جدران وزارة الداخلية.تزامناً مع إعلان رحيل زين العابدين بن علي، أطلّ رئيس الوزراء محمد الغنوشي عبر التلفزيون وأكد أنه تولّى السلطات الرئاسية موقتاً بموجب الدستور، لأنّ الرئيس لم يعد قادراً على ممارسة مهماته. لكن عملية انتقال السلطة بهذا الشكل أثارت اعتراضات من تونسيين لاحظوا أنها غير دستورية وغايتها استمرار نظام بن علي بصورة أخرى. في يوم السبت 15 كانون الثاني (يناير) 2011، عنونت "النهار" الآتي: "بن علي أول رئيس عربي يسقط بانتفاضة شعبية فرّ بالطائرة إلى جدّة والغنوشي أعلن تولّيه سلطاته". هكذا، استطاعت الاحتجاجات الشعبية على الفقر في تونس أن تطيح الرئيس زين العابدين بن علي، فيما تحول إحراق الشاب محمد البوعزيزي نفسه شرارة مواجهات، ما دفع بالرئيس التونسي إلى التخلي عن السلطة مرغماً. كذلك، احتجّ التونسيون على تولي الغنوشي السلطة بعد بن علي، من خلال تحرّكٍ احتجاجي طالب برحيله. وعلى الرغم من أنه شكّل حكومة في 17 كانون الثاني (يناير) 2011 تضمّ بعضاً من المعارضين، فإنه أعلن استقالته في 27 شباط (فبراير) 2011 بعدما لم يستطع أن يحوز موافقة الشعب التونسي."25 يناير"، انتفاضة للتاريخ!مجموعة عناوين وشعارات وأمكنة ووجوهنطقت وهتفت بمفردات الانتفاضة على الواقع، فكان التحوّلإعداد: لوسيان شهوان25 كانون الثاني (يناير) 2011، انتفاضة للتاريخ. هكذا أرادها المصريون من ميدان سعد زغلول في عام 1919 وميدان الانتفاضة ضد الإنكليز في عام 1935 إبان حكم الخديوي. في ذاك اليوم، في القاهرة، تجمهر آلاف المصريين معلنين رفضهم واقع الفقر والقهر في "يوم الغضب"، رافعين شعارات ضد الحكم آنذاك. انتهاك إنساني خلق حملة عنوانها "كلنا خالد سعيد" على وسائل التواصل الاجتماعي أطلقها رفاق خالد دعوا من خلالها الشعب المصري لينتفض نصرة لحقّه في العيش الكريم، وتنديداً بمصير ذاك الشاب الاسكندراني الذي فارق الحياة بعدما تعرّض له اثنان من رجال مباحث سيدي جابر في مقهى للإنترنت في سيدي جابر بمدينة الإسكندرية... وكان خالد سعيد شرارة الانتفاضة. لكن، قبل الشرارة، ساهمت مجموعة عوامل في شحن النفوس المصريّة، وعلى مراحل، وصولاً إلى "25 يناير"، أولّها تزوير انتخابات برلمان عام 2010 وسيطرة الحزب الوطني الحاكم على أغلبية المقاعد وما رافق هذا التزوير من عنف واشتباكات بين مناصري الأحزاب المتنافسة، فسقط قتلى وجرحى بين المتصارعين، وبدا واضحاً آنذاك عدم حسم قوات الأمن الأمر بينهم. العامل الآخر الذي سبّب قيام انتفاضة 2011 كان العمل على توريث جمال مبارك، نجل الرئيس آنذاك حسني مبارك، الرئاسة الأمر الذي اعتبره معارضو مبارك الأب امتداداً لحكمه. ومن يجري مراجعة لتلك المرحلة يشعر أن المجتمع المصري كان جاهزاً لينتفض، ومرّت عليه محاولات خجولة مقارنة بـ "25 يناير" سبقت ذاك اليوم وأهمّها ما حاولت فعله حركة "6 أبريل" في عام 2008 مع جملة "خليك في البيت" والإضراب العام التي دعت إليه بإرسالها رسائل نصية للمصريين. بين 25 كانون الثاني (يناير) و11 شباط (فبراير)نجح التونسيون بإطاحة الرئيس زين العابدين بن علي قبل نحو 10 أيام من بداية الانتفاضة المصرية، الأمر الذي اعطى زخماً للمصريين إذ اقتنعوا أن بإمكانهم فعل الشيء نفسه، فبدأ المشوار. وبعد مرور اليوم الأول على الانتفاضة، تمدّدت التظاهرات...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم