يحتمي الفلسطيني عدنان نغناغية بمنزله منذ ثمانية أيام في وقت تنفّذ القوات الإسرائيلية عمليات دهم وتوقيف وتخوض معارك مع مسلّحين في الضفة الغربية المحتلة.
وقال نغناغية، وهو أب لخمسة أبناء يبلغ من العمر 56 عاما، "إنه أشبه بسجن". يقطن نغناغية مخيّم جنين للاجئين في شمال الضفة الغربية المحتلة، وهي منطقة تُستهدف بسلسلة عمليات إسرائيلية كبيرة لـ"مكافحة الإرهاب" منذ 28 آب.
تحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ العام 1967 وتنفّذ قواتها عمليات بشكل متكرر داخل المناطق الفلسطينية، لكن السكان يشيرون إلى أن العمليات الحالية والتصريحات الصادرة عن المسؤولين الإسرائيليين تشكّل تصعيدا.
ومع اقتراب الحرب بين إسرائيل وحماس من دخول شهرها الثاني عشر، قال وزير الدفاع يوآف غالانت الأربعاء إنه "في مواجهة تجدد الإرهاب.. يجب القضاء على كل إرهابي، وإذا استسلم يجب اعتقاله، لا يوجد خيار آخر، الاستعانة بكل القوات، كل من نحتاج إليه، بكل قوة".
أدت العمليات المتواصلة في شمال الضفة الغربية إلى مقتل 36 فلسطينيا منذ الأسبوع الماضي، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية. وأعلنت فصائل مسلّحة بأن عددا من القتلى هم عناصر في صفوفها. وأوقفت القوات الإسرائيلية عشرات الفلسطينيين.
وفي آخر موجة عنف، أعلنت وزارة الصحة الخميس سقوط خمسة قتلى في ضربة على سيارة في منطقة طوباس جنوب جنين، فيما أفاد الجيش بأنه استهدف "إرهابيين مسلّحين".
يؤكّد نغناغية بأن تواجد الجنود الإسرائيليين في إطار أطول عملية لهم منذ عقود ضد عناصر فلسطينية في الضفة الغربية شلّ الحياة في جنين.
ويقول "يجبرونك على المكوث داخل المنزل بدلا من الخروج وعيش حياة طبيعية".
وبات الخروج من المنزل مهمّة محفوفة بالمخاطر حتى أن نغناغية كان يتحدّث مع مراسل فرانس برس عبر الهاتف رغم أن كليهما في مخيم جنين على بعد 600 متر عن بعضهما البعض.
وفي أزقّة المخيّم الضيّقة، خلّفت المركبات المدرّعة والجرّافات الدمار في ظل تواصل المعارك.
وأوضح نغناغية بأن معظم السكان "غادروا بالفعل"، بحثا عن ملاذ آمن في أماكن أخرى.
تعبوا
لطالما كانت مدينة جنين ومخيم اللاجئين المتاخم لها معقلا للفصائل الفلسطينية المسلّحة.
وبينما لا تحظى حماس بحضور قوّي في الضفة الغربية، تشير استطلاعات الرأي إلى أن شعبية الحركة ازدادت في أوساط الفلسطينيين خلال حرب غزة التي أشعلها هجومها على إسرائيل في السابع من تشرين الأول. وتنشط فصائل أخرى مسلّحة مثل حركة الجهاد الإسلامي خصوصا في شمال الضفة.
وبعد سنوات من عمليات الدهم المتكررة لمخيم جنين، اكتسب سكانه "خبرة" في انتظار انتهائها، بحسب نغناغية الذي خزّن مواد غذائية تكفيه لعدة أيام.
لكنه يخشى الآن من إمكانية نفادها. وقال "نخطط ليومين أو ثلاثة، لا لأسبوع أو أسبوعين".
والاثنين، فتّشت القوات الإسرائيلية منزل العائلة الذي يؤوي نحو 20 شخصا من أقارب نغناغية بينهم أطفال.
وأفاد أنه قبل مغادرتهم، أطلق أحد الجنود النار داخل المنزل باتّجاه السقف، مشيرا إلى أن لا علم لديه عن سبب التفتيش.
وفي مدينة جنين، تعتمد فدوى دبابنة (68 عاما) على سيارة إسعاف لإيصال مواد البقالة إليها. واختفت المركبات الأخرى من الشوارع إلى حد كبير في ظل إطلاق النار بينما جُرفت العديد من الطرقات.
وتقول إنه بالنسبة لمياه الشرب، "عندما مرّت سيارة الهلال الأحمر، أخذنا منهم".
وإلى جانب علاج المصابين، بات على الفرق الطبية الآن إيصال المواد الغذائية وغيرها من الأساسيات أو مساعدة السكان على التنقل في المدينة في الحالات الاضطرارية.
وقالت امرأة طلبت عدم الكشف عن هويتها لفرانس برس إنها اضطرت للصعود على متن سيارة إسعاف للخضوع لفحوص طبية روتينية في إحدى المستشفيات.
وقالت "هناك دمار كثير وخراب كثير. الناس تعبوا".
- نقص -
أجبرت العمليات العسكرية العاملين في قطاع الصحة على إدخال تغييرات سريعة على طريقة عملهم. ويعمل البعض غير القادرين على العودة إلى منازلهم بحرية مثل قبل، لمدة 24 ساعة.
وقال الطبيب مؤيد خليفة (29 عاما) من مستشفى الأمل قرب جنين، وهو مستشفى للتوليد بات يستقبل المصابين جراء العمليات الإسرائيلية، "إذا كنا نريد الخروج من المستشفى نحتاج إلى تصريح أو تنسيق مع سيارة إسعاف بحكم أن المنطقة التي نحن فيها خطرة".
وأوضح أن "أغلب الحراك وأغلب المواجهات وأغلب عمليات الإغلاق تكون على باب المستشفى".
لم يتمكن مدير المستشفى محمد العارضة من الوصول إلى المنشأة على مدى أسبوع بسبب القتال فاضطر لإدارة العمليات عبر الهاتف، بينما لم يكن بإمكان بعض الموظفين القدوم إلى العمل، وفق ما أفاد فرانس برس.
وأشار إلى تدهور الوضع أكثر بسبب انقطاع المياه "ست أو سبع مرات" منذ الأسبوع الماضي والانقطاع المتكرر للكهرباء.