فتحت مراكز الاقتراع في الأردن اليوم الثلاثاء لانتخابات برلمانية، تأتي على خلفية غضب شعبي بسبب الحرب في قطاع غزة ووضع اقتصادي صعب يثقل كاهل الأردنيين.
ودُعي أكثر من خمسة ملايين أردني الى المشاركة في الانتخابات التي تجري وفق قانون جديد أقرّ في كانون الثاني 2022، رفع عدد مقاعد مجلس النواب من 130 إلى 138 مقعداً، ومقاعد النساء من 15 إلى 18 مقعداً، وخفّض الحد الأدنى لأعمار المرشحين من 30 إلى 25 عاماً.
ولدى افتتاح مراكز الاقتراع عند الساعة 07,00 بالتوقيت المحلي (04,00 ت غ)، كان الرجال أول الوافدين.
وقال فايز الديسي (21 عاماً) وهو طالب جامعي يدرس الهندسة لوكالة "فرانس برس" بعد أن أدلى بصوته في منطقة جبل الحسين وسط عمان: "أتمنى أن يكون للنائب دور أكبر في المجلس القادم، وأن يعمل على تغيير الوضع الحالي في ما يتعلق بالشباب والطلاب والمجتمع بشكل عام. فالوضع من سيء إلى أسوأ من ناحية فرص العمل البسيطة جداً والرواتب المتدنية مع ساعات عمل طويلة تصل إلى 9 أو 10 ساعات".
وأضاف أنّ "قطاعات التعليم والصحة والاقتصاد تعاني من مشاكل، لذا أتمنى أن يوصل النائب صوتنا حول هذه المشاكل وأن يساهم في إيجاد حلول لها".
وأظهرت صور التلفزيون الأردني الرسمي توافد الناخبين على مراكز الاقتراع في مدن عدّة.
وقال الناطق باسم الهيئة المستقلة للانتخاب محمد خير الرواشدة، إنه خلال الساعة الأولى من الاقتراع، أدلى نحو 60 ألف شخص بأصواتهم.
وينتظر أن تنتهي عملية التصويت عند الساعة 19,00 بالتوقيت المحلي (16,00 ت غ) من دون ان يكون هناك أي تمديد.
وبدت شوارع العاصمة عمان في الصباح خفيفة الحركة لكون اليوم عطلة بسبب الانتخابات، ومع مرور الوقت بدأ الناس يصلون إلى المراكز للإدلاء بأصواتهم على شكل عائلات.
وينتظر أن تصدر أولى النتائج ابتداء من مساء اليوم، على أن تعلن النتائج النهائية في خلال "48 ساعة من تاريخ إغلاق صناديق الاقتراع"، بحسب رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للإنتخاب موسى المعايطة.
ولا يُتوقّع أن تنتهي الإنتخابات بتغيير كبير في الخريطة السياسية، ر أنها تجري للمرة الأولى على أساس قانون انتخاب جديد زاد عدد مقاعد مجلس النواب من 130 إلى 138، وخصّص 41 مقعداً منها للأحزاب، في محاولة لإعطاء دفع للعمل السياسي.
ولم تحظ الحملات الإنتخابية باهتمام كبير بين الأردنيين الذين يتحدّر حوالى نصفهم من أصول فلسطينية، بسبب الغضب الشعبي جراء استمرار الحرب في قطاع غزة التي دخلت السبت شهرها الثاني عشر.
ولعلّ إقدام أردني الأحد على قتل ثلاثة حرّاس إسرائيليين عند معبر اللنبي/جسر الملك حسين بين الضفة الغربية المحتلة والأردن، في عملية نادرة الحدوث، يشكّل مؤشراً على ما يسود الرأي العام الأردني.
ويقول محمد جبر (خمسيني)، وهو صاحب محل لبيع السجاد في وسط عمان، لوكالة "فرانس برس": "الناس مشغولون بأشياء كثيرة كالحرب في غزة والوضع الاقتصادي السيئ، ولا يعرفون ماذا يمكن أن تفعل الأحزاب في هذه الانتخابات؟".
ويضيف: "الحرب في غزة أثّرت على كل نواحي الحياة وليس فقط على الانتخابات".
ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة "حماس" إثر هجوم غير مسبوق لهذه الأخيرة على الدولة العبرية، يشهد الأردن تظاهرات منتظمة تدعو إلى إلغاء معاهدة السلام الموقّعة بين الأردن وإسرائيل عام 1994.
ورأى المحلّل السياسي عريب الرنتاوي أنّ "هناك قطاعاً من الرأي العام الأردني يعتقد أن ما يجري في غزة أولى بالمتابعة، وبالتالي تراجع اهتمامه بالانتخابات وقد يستنكف ويعزف عن المشاركة".
وعبّر عن اعتقاده أن بعض القوى السياسية التي "تفاعلت مع غزة منذ اليوم الأول وحضرت في الشارع من دون غياب، كالإسلاميين وبعض القوى اليسارية والقومية، ستستفيد من تصاعد شعبيتها لكن ليس بالشكل الذي يثير مخاوف"، معتبراً أنّ "تحسّن مكانة هذه القوى وتمثيلها النيابي سيكون طفيفاً".
وأوضح أنّ "قانون الانتخاب الجديد لا يسمح سواء من حيث النظام أو توزيع الدوائر والمقاعد وعتبة الحسم وما الى ذلك، لأي حزب مهما بلغت شعبيته بالحصول على غالبية المقاعد او أقلية وازنة ذات تأثير كبير".
ويتنافس على مقاعد الأحزاب 36 حزباً يغلب على معظمها الطابع الوسطي القريب من توجّهات الحكومة.
كما يشارك في الانتخابات حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين وأبرز أحزاب المعارضة في البلاد، ومرشحون يمثلون العشائر الأردنية الكبرى، ومستقلون، ويساريون، وعسكريون متقاعدون إضافة الى عدد كبير من رجال الأعمال.
- نتائج خلال 48 ساعة -وقُسّمت المملكة إلى 18 دائرة انتخابية، ويتنافس على مقاعد المجلس 1640 مرشحاً بينهم 1258 من الذكور و382 من الإناث.
ويشكّل مجلس النواب المنتخب أحد جناحي مجلس الأمة الأردني الذي يضمّ أيضا مجلس الأعيان المؤلف من 69 عضواً يعينهم الملك.
ويمكن للبرلمان حجب الثقة عن الحكومة وإقرار القوانين وإصدار التشريعات.
وبموجب الدستور الأردني، يعيّن الملك الحكومات ويحقّ له حلّ البرلمان وإعلان الحرب وعقد الصلح وإبرام المعاهدات والاتفاقات.
ووفقاً للهيئة المستقلة للانتخابات، تجاوز عدد الناخبين المسجلين 5,1 ملايين ناخب، من أصل 11,5 مليوناً عدد سكان الأردن.
وأجريت الانتخابات السابقة في تشرين الثاني 2020 وسط إجراءات استثنائية، مع تأثّر المملكة بجائحة كوفيد، وبلغ عدد المقترعين حينها نحو 1,4 مليون من أصل 4,6 ملايين ناخب مسجل.
وبحسب السلطات، سينتشر 54 ألف عنصر أمني في 1649 مركز اقتراع في عموم البلاد.
وأعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي في الأردن نشر 38 مراقباً للإشراف على هذه الانتخابات.
وركّز غالب المرشحين في برامجهم على القضايا الاجتماعية والاقتصادية في بلد يناهز دينه العام 50 مليار دولار ووصلت نسبة البطالة فيه الى 21 في المئة خلال الربع الأول من العام الحالي. ويعتمد اقتصاد الأردن بشكل كبير على المساعدات الخارجية، خصوصاً من الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي.
وأثّرت حرب غزة على قطاع السياحة، أحد ركائز الاقتصاد والذي تشكّل مداخيله نحو 14% من إجمال الناتج المحلي.
وقال وزير السياحة مكرم القيسي في نهاية العام الماضي، إن حرب غزة تكبّد القطاع السياحي خسائر تراوح ما بين 250 الى 281 مليون دولار شهرياً.
وعانى الاقتصاد الأردني بشدة في العقدين الماضيين جراء النزاعات في العراق وسوريا المجاورتين، واستضاف مئات آلاف اللاجئين السوريين الذين يشكّلون عبئاً إضافياً على كاهل المملكة المحدودة الموارد، وكذلك جراء وباء كوفيد.
ويقول عبد المجيد البستنجي (47 عاماً)، الموظف في أمانة عمان: "نأمل في أن يأتي الخير مع من سيصلون (إلى البرلمان)".
ويضيف: "إن شاء الله ربنا يختار الأفضل للأردن ولغزة ولكل الناس، وأن يكون النواب على قدر المسؤولية التي كلفهم بها الناس".