يستعرض تقرير بصحيفة "
التايمز" أزمة غزة الاقتصادية والإنسانية، حيث تسببت الحرب الدائرة والتدمير الشامل للقطاع بانتشار الأمراض والجوع وفقدان جميع أسس الحياة الرئيسية والاعتماد الكبير على الحمير في أداء العديد من المهمات الحيوية، نتيجة نقص الوقود وندرة وسائل النقل.
ونقل تقرير الجراحين البريطانيين فيكتوريا روز وغرايمي غروم تجربتهما في العمل في مستشفى ناصر لشهر، حيث وجدا أن "الحرب" التي تبدو من الخارج على أنها معركة بين طرفين متساويين، تتكون بالحقيقة من جيش مجهّز بالعدّة والعتاد، يضرب حشود المدنيين في محاولة إصابة خصم مراوغ.
وتحدث روز وغروم عن الظروف القاسية التي يعيشها السكان، وقالا أن لا أحد في غزة ينام متأكداً من استيقاظه فجر اليوم التالي بسبب القصف المستمر، حتى في المناطق التي يفترض أنها آمنة، و"من الغريب أن تجد أحداً بلا فقيد يشكوه أو إصابة تقضّ مضجعه".
وشهد الجرّاحان حقيقة حياة الفلسطينيين من تجربتهما الشخصية، إذ ساعدت جمعيتهما الخيرية "آيديلز" -التي ترمز إلى "المساعدة الدولية في حالات الكوارث والطوارئ مع الدعم الطويل الأجل"- 3 جراحين وممرضين اثنين واختصاصيين في مجال العلاج الطبيعي على القدوم إلى لندن للتدريب.
وقال الكاتبان إنّ 4 من هؤلاء الزملاء عادوا إلى غزة، وفقد جميعهم أفراداً من عوائلهم، إذ ماتت إبنة أحد الممرضين عن 17 عاماً، بينما تعرضت إبنة الممرض الآخر البالغة من العمر 3 سنوات لإصابة خطيرة وجروح عميقة في جنبها وكسر في وركها.
ويعيش أحد الإختصاصيين في الشمال في ظروف صعبة، بينما أصيب الجرّاحان، واعتقلت القوات الإسرائيلية الثالث -عدنان البرش- في كانون الأول أثناء عمله في مستشفى العودة، وتوفي في السجن في 19 نيسان (أبريل).
شح الموارد وارتفاع الأسعار
وقال الكاتبان إن التضخّم الهائل في أسعار السلع الأساسية جعل غزة من أغلى المناطق عالمياً، إذ أصبح سعر السيجارة الواحدة حوالى 16 دولاراً، بينما وصل سعر ليتر الوقود إلى 22 دولاراً، أما البطاطا فأصبحت تكلفة الكيلو الواحد منها 150 دولاراً.
كما ارتفعت أسعار الحمار والعربة إلى حوالى 3900 دولار، مقارنة بـ 650 دولاراً سابقاً، ويصعّب هذا الغلاء حياة الناس، خصوصاً أنّ العربات التي تجرّها الحمير أصبحت وسيلة نقل أساسية تغطي متطلبات الحياة، من توصيل الضروريات مثل الخشب والفحم والغذاء إلى نقل الموتى والمصابين.
وتطرق التقرير إلى معاناة الأطباء اليومية والممرضين في المستشفيات، حيث هناك نقص حاد في الأدوية الأساسية لعلاج أمراض مثل السكري، ووجد الجرّاحان أن مرضى الفشل الكلوي يحصلون على 30 دقيقة فقط من جلسات غسيل الكلى، وهي فترة قصيرة جداً لا تكفي للحفاظ على حياتهم.
واختتم الطبيبان التقرير بالتأكيد على ضرورة نقل ما يحدث في غزة إلى العالم، حيث يشعر سكان القطاع أن معاناتهم لا تصل إلى المجتمع الدولي، وقال روز وغروم إنه كلما سألا فلسطينياً عن معاناته لم يجدوا غضباً عارماً، بل ابتسامة حزينة متواضعة تتبعها إجابة: "هذه هي حياتنا".