بحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء خلال زيارة خاطفة إلى القاهرة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "تعزيز الجهود" بين مصر والولايات المتحدة وقطر التي تتوسط بين حركة حماس وإسرائيل للمضي في مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، حيث تدور حرب دامية منذ نحو عام.
وصل بلينكن إلى العاصمة المصرية فجر الأربعاء، ثمّ التقى صباحاً السيسي في القصر الرئاسي، قبل أن يشارك في "ترؤس افتتاح الحوار الاستراتيجي الأميركي-المصري" ويعقد مؤتمراً صحافياً مع نظيره بدر عبد العاطي، بحسب وزارة الخارجية الأميركية.
وأعلنت الرئاسة المصرية في بيان أن اللقاء تناول "كيفية تعزيز الجهود المشتركة، بين مصر والولايات المتحدة وقطر، للمضي قدما في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين وتيسير إنفاذ المساعدات الإنسانية" الى قطاع غزة.
إلا أنّ هذه الزيارة وهي العاشرة لبلينكن إلى المنطقة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في تشرين الأول 2023، لن تشمل إسرائيل ولا أيّ دولة عربية أخرى.
ويبدو أن العلاقات بين الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل متوترة، ولا تخفي واشنطن انزعاجها وإن لم تصرح بذلك في العلن.
وأسرَّ مسؤولون أميركيون بأنّهم لا يتوقعون حدوث اختراق خلال محادثات بليكن في القاهرة. غير أنّ الوزير الأميركي يريد من خلال زيارة مصر أحد حلفاء بلاده الرئيسيين، مواصلة الضغط باتجاه التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتحرير الرهائن المحتجزين في القطاع.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر "نحن ملتزمون ونواصل العمل مع الوسيطين الآخرين في النزاع، مصر وقطر".
وأوضح أن المحادثات تركز بشكل خاص على "سبل التوصل إلى مقترح نعتقد أنه سيحصل على موافقة الطرفين". غير أنه رفض "وضع جدول زمني لتقديم هذا الاقتراح"، إذ إن واشنطن تحاول أولا جسّ نبض المصريين.
وأضاف "نريد، عندما نقدم مقترحا، أن نعرف أنه سيتم قبوله". فقد باءت كل المبادرات السابقة بالفشل، باستثناء اتفاق هدنة تم التوصل إليه في تشرين الثاني.
- نقاط تقارب -
منذ إعلان إسرائيل في الأول من أيلول أن حماس قتلت ستة رهائن بينهم مواطن أميركي، وهو الأمر الذي أخرج قطار المفاوضات عن سكّته، ضاعفت واشنطن جهودها للتوصّل إلى اتفاق لكن بدون جدوى. ولا تزال المفاوضات الرسمية متعثّرة في حين تتقاذف إسرائيل وحماس الاتهام بعدم الرغبة في التوصل إلى اتفاق.
وبحسب مصدر أميركي، فإن نقطتَي الخلاف الرئيسيتين تظلان محور فيلادلفيا الواقع عند الحدود بين غزة ومصر والذي تريد إسرائيل السيطرة عليه، بالإضافة إلى التفاصيل المتعلقة بالإفراج عن السجناء الفلسطينيين المحتجزين في إسرائيل بعد مطالب جديدة قدمتها حماس.
وسبق أن أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن تحقيق أهداف الحرب يتطلب إبقاء السيطرة على محور فيلادلفيا، الأمر الذي تعارضه أطراف عدة بينها القاهرة.
والوقت يدهم بالنسبة لواشنطن مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرّر إجراؤها في الخامس من تشرين الثاني وانتهاء ولاية الرئيس جو بايدن مطلع العام المقبل. وتخشى الإدارة الأميركية من زيادة خطر اتساع نطاق الحرب مع كل يوم إضافي يمضي.
في لبنان، أدى تفجير أجهزة اتصال (بيجر) يحملها عناصر حزب الله بشكل متزامن الثلاثاء إلى مقتل 12 شخصاً وإصابة قرابة 2800 آخرين. واتّهم حزب الله إسرائيل بالوقوف وراءه.
وتطرق لقاء بلينكن والسيسي إلى "تطورات المشهد الإقليمي"، بحسب الرئاسة المصرية التي أشارت إلى أنه "تم التوافق على تكثيف الجهود المشتركة بين مصر والولايات المتحدة بهدف التهدئة وخفض التصعيد".
أججت الحرب في قطاع غزة التوترات على الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، مع تبادل شبه يومي لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني، حليف حماس.
ويُتوقع أن يناقش بلينكن أيضا في القاهرة الأربعاء، تعزيز العلاقات الثنائية مع مصر التي تتهمها واشنطن بشكل منتظم بانتهاك حقوق الإنسان لكنها تبقيها كحلف رئيسي.
الأسبوع الماضي، قررت الولايات المتحدة الإفراج عن 1,3 مليار دولار من المساعدات العسكرية لمصر، بدون شروط تتعلق باحترام حقوق الإنسان، بخلاف ما فعلت العام الماضي.
في المقابل، تقول واشنطن إن السلطات المصرية تحرز "تقدما" في هذا المجال.
بعد القاهرة، يتوجه بلينكن إلى باريس لاطلاع نظرائه الفرنسي والبريطاني والإيطالي عن ما آلت إليه محادثاته في مصر إضافة إلى زيارته الأخيرة إلى أوكرانيا الأسبوع الماضي، حسب ما قالت الخارجية الأميركية الأربعاء.
وسيلتقي بلينكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وفق المصدر نفسه.