أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، في القاهرة أن وقف إطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة سيكون أفضل وسيلة لوقف تمدد العنف في الشرق الأوسط، وذلك خلال زيارة خاطفة إلى مصر بحث فيها "تعزيز الجهود" للمضي في مفاوضات الهدنة.
وهذه الزيارة العاشرة التي يقوم بها بلينكن إلى المنطقة منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس إثر هجوم الحركة على الأراضي الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول.
وتهدف زيارته إلى إنقاذ المفاوضات المتوقفة التي تتوسط فيها مصر وقطر والولايات المتحدة لإنهاء الصراع الدائر منذ نحو عام في القطاع.
ولا يشمل جدول الجولة أي محطات إقليمية أخرى، بما في ذلك إسرائيل.
وقال بلينكن للصحافيين في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي "ناقشنا أهمية التوصل إلى اتفاق، وهو ما سنواصل متابعته مع نظرائنا القطريين".
وأضاف "نعلم جميعا أن وقف إطلاق النار هو أفضل فرصة للتصدي للأزمة الإنسانية في غزة ومعالجة المخاطر التي تهدد الاستقرار الإقليمي".
وقال عبد العاطي من جهته إن "المشكلة الحقيقية هي استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. إذا تمّ التوصل الى وقف فوري لإطلاق النار فسيؤدي ذلك الى خفض التصعيد في المنطقة ويمنع الدخول في حرب إقليمية... لا بدّ من أن نركّز على وقف العدوان ووقف فوري لإطلاق النار لأنه صمّام الأمان الوحيد".
واكد أن مصر لن تقبل أي تعديلات على القواعد الأمنية التي كانت قائمة على حدودها مع قطاع غزة قبل اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في تشرين الأول الماضي.
وتمثل القواعد الأمنية على الحدود، إضافة إلى رغبة إسرائيل في الاحتفاظ بوجود عسكري في ممر فيلادلفيا وهو منطقة حدودية عازلة يبلغ طولها 14 كيلومترا، نقطة محورية في محادثات وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن الجارية منذ شهور.
ودخلت القوات الإسرائيلية ممر فلادلفيا في أيار في إطار عملية عسكرية في مدينة رفح في الطرف الجنوبي من القطاع قرب الحدود المصرية.
وتقول مصر، وهي أحد الوسطاء في محادثات وقف إطلاق النار، إن إسرائيل لا بد من أن تنسحب من ممر فلادلفيا وإن الإدارة الفلسطينية يجب أن تعود إلى معبر رفح بين شبه جزيرة سيناء المصرية وقطاع غزة.
وقال عبد العاطي في المؤتمر الصحافي مع بلينكن في القاهرة "مصر لن تقبل أي تغيير لقواعد العمل التي كانت قائمة قبل السابع من تشرين الاول، بخاصة في ما يتعلق بقواعد عمل وتشغيل معبر رفح من الجانب الفلسطيني والرفض الكامل لأي وجود عسكري على الجانب الآخر من المعبر وعلى الممر المشار إليه وهذا موقف مصري واضح ولن نحيد عنه".
وتعقيبا على تفجير اجهزة اتصال يستخدمها عناصر حزب الله في لبنان وصف الوزير المصري الأمر بأنه "تصعيد خطير". وقال "أي تصعيد يعرقل ويضع حجرات عثرة أمام التوصل لاتفاق وقف النار ولصفقة تسمح بإطلاق الرهائن والأسرى، يعرقل المفاوضات ويحمل بذرة ... حرب شاملة".
وصل بلينكن إلى العاصمة المصرية فجر الأربعاء، ثمّ التقى صباحا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القصر الرئاسي، قبل أن يشارك في "ترؤس افتتاح الحوار الاستراتيجي الأميركي-المصري" ويعقد مؤتمرا صحافيا مع نظيره بدر عبد العاطي.
وأعلنت الرئاسة المصرية في بيان أن اللقاء تناول "كيفية تعزيز الجهود المشتركة، بين مصر والولايات المتحدة وقطر، للمضي قدما في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين وتيسير إنفاذ المساعدات الإنسانية" الى قطاع غزة.
وأشارت الرئاسة المصرية إلى أن السيسي شدد على "أولوية التدخل الحاسم لإزالة العراقيل أمام إدخال كميات ضخمة من المساعدات إلى أهالي غزة"، ، بالإضافة إلى "ضرورة وقف الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية"
وتصاعدت وتيرة العنف في الضفة الغربية المحتلة منذ اندلاع الحرب في غزة، حيث نفذت إسرائيل غارات واسعة النطاق في الأسابيع الأخيرة.
- نقاط تقارب -
منذ إعلان إسرائيل في الأول من أيلول أن حماس قتلت ستة رهائن بينهم مواطن أميركي، وهو الأمر الذي أخرج قطار المفاوضات عن سكّته، ضاعفت واشنطن جهودها للتوصّل إلى اتفاق لكن بدون جدوى. ولا تزال المفاوضات الرسمية متعثّرة في حين تتقاذف إسرائيل وحماس الاتهام بعدم الرغبة في التوصل إلى اتفاق.
وبحسب مصدر أميركي، فإن نقطتَي الخلاف الرئيسيتين تظلان محور فيلادلفيا الواقع عند الحدود بين غزة ومصر والذي تريد إسرائيل السيطرة عليه، بالإضافة إلى التفاصيل المتعلقة بالإفراج عن السجناء الفلسطينيين المحتجزين في إسرائيل بعد مطالب جديدة قدمتها حماس.
والوقت يدهم بالنسبة لواشنطن مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرّر إجراؤها في الخامس من تشرين الثاني وانتهاء ولاية الرئيس جو بايدن مطلع العام المقبل. وتخشى الإدارة الأميركية من زيادة خطر اتساع نطاق الحرب مع كل يوم إضافي يمضي.
- انفجارات لبنان -
وقد وصل بلينكن إلى القاهرة بعد ساعات من انفجارات شبه متزامنة طالت مئات أجهزة الاتصال التي يستخدمها أعضاء في حزب الله في أنحاء مختلفة من لبنان الثلثاء، ما أسفر عن مقتل 12 شخصا وإصابة أكثر من 2750 آخرين.
وأفيد كذلك عن انفجارات جديدة في أجهزة اتصال وأخرى لاسلكية في مناطق مختلفة يتواجد فيها حزب الله الأربعاء.
ونفى بلينكن تقارير أفادت بأن الولايات المتحدة لديها أي علم مسبق أو تورط في الهجوم الذي اتهم حزب الله إسرائيل، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة، بالوقوف وراءه. ولم تعلق إسرائيل بعد رسميا على الانفجارات.
وقال وزير الخارجية الأميركي في القاهرة "في ما يتعلق بلبنان، لم تكن الولايات المتحدة على علم بهذه الحوادث، ولم تشارك فيها، وما زلنا نجمع المعلومات والوقائع" بشأنها.
وأضاف "بشكل عام، كنا واضحين للغاية ولا نزال كذلك بشأن أهمية تجنب جميع الأطراف لأي خطوات من شأنها تصعيد الصراع".
وأفاد موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت اتصل بنظيره الأميركي لويد أوستن قبل دقائق من الانفجارات، وأبلغه بعملية وشيكة في لبنان، من دون إعطاء أي تفاصيل.
وبعد أشهر من الاشتباكات على طول حدودها الشمالية مع لبنان، قالت إسرائيل الثلثاء إنها تعتزم توسيع أهداف الحرب ضد حماس لتشمل أيضا حزب الله.
كما ناقش بلينكن أثناء وجوده في القاهرة تعزيز العلاقات الأميركية المصرية.
وتُتهم مصر باستمرار بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، لكنها تظل شريكا استراتيجيا للولايات المتحدة. وفي الأسبوع الماضي، قررت واشنطن الإفراج عن 1,3 مليار دولار من المساعدات العسكرية للقاهرة من دون ربطها بشروط حقوقية، على عكس ما حدث في عام 2023.
وبعد القاهرة، من المقرر أن يتوجه بلينكن إلى باريس لإطلاع نظرائه الفرنسيين والبريطانيين والإيطاليين على التطورات.
وسبق أن أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن تحقيق أهداف الحرب يتطلب إبقاء السيطرة على محور فيلادلفيا، الأمر الذي تعارضه أطراف عدة بينها القاهرة.
والوقت يدهم بالنسبة لواشنطن مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرّر إجراؤها في الخامس من تشرين الثاني وانتهاء ولاية الرئيس جو بايدن مطلع العام المقبل. وتخشى الإدارة الأميركية من زيادة خطر اتساع نطاق الحرب مع كل يوم إضافي يمضي.