استنكرت شبكة "الجزيرة" "اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مكتبها في رام الله في الضفة الغربية المحتلة". وندّدت بـ"هذا العمل الإجرامي الذي قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي"، مؤكدة "رفض هذه الإجراءات المدانة".
وقالت في بيان إن "هذه الإجراءات القمعية تهدف إلى منع العالم من مشاهدة حقيقة الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والحرب على غزة"، معتبرة ان "قمع إسرائيل المستمر للصحافة الحرة يهدف إلى إخفاء أفعالها في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة".
وحمّلت الجزيرة "حكومة بنيامين نتنياهو مسؤولية سلامة صحتفييها، مؤكدة "متابعة الخطوات القانونية لحماية حقوقنا والعاملين معنا". وشددت على "أننا متمسكون بنقل الحقيقة بمهنية وموضوعية حتى في ظل هذه الإجراءات الإسرائيلية الرامية لإسكاتنا".
وكانت الجزيرة القطرية أعلنت أن القوات الإسرائيلية اقتحمت مكتبها في رام الله بالضفة الغربية المحتلة الأحد وأغلقته لمدة 45 يوما بموجب أمر عسكري، بعد أشهر من حظر عملها في داخل الدولة العبرية.
ويعتبر إغلاق المكتب أحدث الإجراءات الإسرائيلية ضد القناة وطاقمها، إذ تخوض معها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نزاعا منذ فترة طويلة، وقد تفاقم منذ اندلاع حرب غزة إثر هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول.
ولم يرد الجيش الإسرائيلي بشكل فوري على طلب للتعليق.
وسبق للجيش ان اتهم مرارا مراسلي الشبكة في غزة بأنهم "عملاء إرهابيون" يتبعون حماس أو حركة الجهاد الإسلامي.
لكن القناة المملوكة من الدولة، تنفي اتهامات الحكومة الإسرائيلية، وتعتبر أن إسرائيل تستهدف العاملين لديها في قطاع غزة بشكل ممنهج.
ومنذ بداية الحرب في غزة قبل أكثر من 11 شهرا، بثت القناة تقارير ميدانية متواصلة عن تأثير الحملة العسكرية الإسرائيلية. وكان نقلها المباشر وبرامجها المتواصلة من بين الأكثر متابعة في الشرق الأوسط، وسط خيبة أمل واسعة من التغطية الإعلامية الغربية.
وسحبت الحكومة الإسرائيلية الأسبوع الماضي بطاقات اعتماد صحافيي الجزيرة بعد أربعة أشهر من حظر عمل القناة داخل الدولة العبرية.
وأفادت القناة بأن ضابطا إسرائيليا أبلغ مدير مكتبها وليد العمري بـ"قرار قضائي لإغلاق مكتب الجزيرة لمدة 45 يوما". ونقلت ذلك على الهواء مباشرة.
وقال الضابط وفق ما أظهرته المشاهد "أطلب منكم أن تأخذوا جميع الكاميرات وتغادروا المكتب في هذه اللحظة"، بينما كان جنود إسرائيليون مدججون بالسلاح ويضعون أقنعة يدخلون المكتب.
وأشارت القناة إلى أنه لم يتم إعطاء أي مبرر لأمر الإغلاق "الفوري".
- "اعتداء سافر" -
وأكد مدير مكتب القناة في الأراضي الفلسطينية وليد العمري لوكالة فرانس برس بأن الأمر العسكري "يحظر عمل قناة الجزيرة، وإغلاق المكتب".
وقال العمري "هذا اعتداء سافر على الصحافة العربية والفلسطينية وعلى حرية التعبير واعتداء على شبكة الجزيرة بالدرجة الأولى".
وكان العمري أشار في وقت سابق الى أنّ قرار الإغلاق اتهم القناة بـ"التحريض على دعم الإرهاب".
وأضاف أنّ "استهداف الصحافيين بهذه الطريقة يهدف دائما إلى محو الحقيقة ومنع الناس من سماع الحقيقة".
ويقع مكتب الجزيرة وسط مدينة رام الله حيث مقر السلطة الوطنية الفلسطينية، والتي من المفترض أن تكون تحت السيطرة الأمنية الفلسطينية وفق اتفاقية أوسلو للسلام الموقعة مع إسرائيل في تسعينات القرن الماضي.
من جهته، دان المكتب الاعلامي الحكومي الفلسطيني اقتحام الجيش الاسرائيلي للمدينة وإغلاق مكتب الجزيرة.
وقال مدير المكتب الاعلامي محمد أبو الرب لفرانس برس "هذا العمل... ليس فقط مدان وانما يأتي في سياق اتساع العدوان الاسرائيلي على الضفة وغزة".
وأعتبر أبو الرب أن إغلاق المكتب "استهداف للوسط الصحافي الفلسطيني الذي شهد أعلى معدل قتل للصحافيين منذ الحرب العالمية الثانية، ويؤكد سعي الاحتلال لتعطيل عمل وسائل الإعلام في إيصال صورة انتهاكات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني".
كما دان المكتب الإعلامي للحكومة التي تديرها حماس في قطاع غزة اقتحام مكتب الجزيرة، معتبرا في بيان أنها "فضيحة مدوية وانتهاك صارخ لحرية الصحافة".
واستنكرت نقابة الصحافيين الفلسطينيين الخطوة الإسرائيلية واعتبرت هذا "القرار العسكري التعسفي عدوانا جديدا على العمل الصحفي ووسائل الإعلام التي دأبت على كشف جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني".
من جانبها، دانت وزارة الخارجية الفلسطينية إغلاق مكتب القناة واعتبرت الاقتحام "وحشيا" و"انتهاكا صارخا" للقانون الدولي.
- "ليس مفاجئا" -
وكان البرلمان الإسرائيلي أقرّ في أوائل نيسان قانونا يسمح بحظر وسائل إعلام أجنبية تضرّ بأمن الدولة.
وبناء عليه، صدّقت الحكومة الإسرائيلية في الخامس من أيار على قرار منع بث الجزيرة من إسرائيل وإغلاق مكاتبها لمدّة 45 يوما قابلة للتجديد. وتمّ تمديدها للمرة الرابعة الأسبوع الماضي من قبل محكمة في تل أبيب.
غير أنّ هذا القرار لم يؤثر على بث القناة من الضفة الغربية أو قطاع غزة، حيث لا تزال تغطّي الحرب المتواصلة منذ أكثر من 11 شهرا.
وقالت مراسلة الجزيرة نداء إبراهيم إنّ إغلاق المكتب في الضفة الغربية "ليس مفاجئا" بعد الحظر السابق على التغطية الإخبارية من داخل إسرائيل.
وأضافت "سمعنا مسؤولين إسرائيليين يهددون بإغلاق المكتب... ولكننا لم نتوقّع أن يحدث ذلك اليوم".
وقال صحافي آخر في الجزيرة إنّ الموظفين مُنعوا من تغطية مداهمة المكتب بينما تمّت مصادرة كاميراتهم.
وفي أيار، وصفت الشبكة الحظر الذي فُرض عليها بسبب تغطيتها الحرب في غزة بأنّه "إجرامي". وندّدت في بيان بـ"الفعل الإجرامي الإسرائيلي المتعدي على حقوق الإنسان في الوصول إلى المعلومات".