دوما، القرية اللبنانية المشهورة ببيوت القرميد التراثية الجميلة، هي جوهرة سياحية دينية بيئية تراثية في قلب قضاء البترون. المسافة إليها تستغرق حوالي ساعة ونصف الساعة من بيروت، لكنّها رحلة من العمر يقضيها المرء بين التراث العريق والجبال الخضراء المحيطة والمناظر الخلّابة.
تكثر بيوت الضيافة في دوما، وهي منازل تشتهر بالعمارة التراثية العريقة، وتراوح الليلة فيها من 10 دولارات إلى 150 دولاراً لليلة، إلى جانب وجود الفنادق.
وتجذب القرية السياحة الداخلية كثيراً، إذ يؤكّد صاحب صفحةLive love Douma، باتريك شمّاس، أنّ "السياحة حالياً ممتازة في دوما، كما في جميع المناطق، فلدوما خصوصية تراثية".
وتتّسم المنطقة بالسياحة البيئية لمحبّي الـ hiking في مسار مشي يربط جبل دوما ببالوع بلعا، والسياحة التراثية الكامنة في السوق القديم والمنازل التراثية، والسياحة الدينية بحيث تحتضن 17 كنيسة.
وجرت العادة أن يُقام مهرجان "العشاء القروي" السنوي في دوما، وسيُقام هذا العام في 13 آب. وبعدما استقطب "العشاء القروي" العام الماضي حوالي 1400 زائر، يتوقّع شمّاس أن يكون الإقبال هذا العام على هذا النحو.
وابتداءً من الأسبوع الجاري، من يوم الجمعة تموز 16 حتى 28 آب، ستكون دوما على موعد مع "ليالي سوق دوما"، حيث سيُقفل السوق القديم أيام الجمعة والسبت والأحد أمام السيارات ليكون للمشاة فقط، وستفتح المحالّ أبوابها على شوارع السوق مع أجواء غنائية لبنانية لا تُفوّت.
وبحسب شمّاس، "كلّ المغتربين الدومانيين يقصدون دوما هذا العام، والحركة هذا العام أنشط من الأعوام السابقة، إذ هناك ما يفوق الألف زائر يومياً لسوق دوما خلال الصيف".
وهناك رحلات ينظّمها وكلاء السياحة الداخلية بكثافة، بحيث يأتي الزوار لاكتشاف القرية وكنوزها المخبّأة التي لا يعرفها الكثيرون، في جولة سياحية. وتوفّر البلدية أدلّاء سياحيين مدرّبين لمَن يرغب من الزائرين في جولة سياحية غنيّة تدوم حوالي ساعتين.
ومن أشهر معالم دوما، سوق دوما القديم، فهو لا يزال يحافظ على صورة القرية الحقيقية مثالية، وعلى طابعها التقليدي. يوفّر السوق الصغير الذي يتكوّن من 125 متجراً، والواقع في وسط المنطقة، العديد من المتاجر التي تبيع الحرف اليدوية المحلية والأطعمة الريفية، بما في ذلك متاجر المونة التي تبيع الزعتر وزيت الزيتون والصابون والكبيس. ويمكن الاستمتاع بنزهة حول المتاجر والتعرّف إلى النشاطات القروية والإنتاج الذي تشتهر به دوما، بما في ذلك الحلاوة المحلية وراحة الحلقوم والبوظة، وزيت الزيتون والمربّيات. بالإضافة إلى ذلك، يشتهر السوق بمتاحفه الثقافية.
لذلك، يمكن زيارة متحف دوما العصري، أو متحف الحرفيين، الذي يقع بالقرب من السوق التاريخي القديم، ويعرض تاريخ دوما عبر الزمن، من صور المهاجرين من دوما، والحرف اليدوية المحلية، والأعمال الحرفية التقليدية، وملابس وأكسسوارات المسرح التي كانت تُستخدم في مسرح دوما الشهير.
تصوير رامي سميا (من صفحة Live love Douma)
وفي السوق، لا بدّ من زيارة السينما القديمة، التي افتُتحت في عام 1951، وكانت مكاناً شهيراً للاستراحة في ذلك الوقت، حيث عُرضت أفلام شهيرة مثل عنتر وعبلة.
كذلك، في ساحة البلدة يوجد تابوت حجري من القرن الرابع الميلادي، يحمل نقشاً يونانياً يسجَّل أنّه كان مكان دفن "كاستور"، الذي تُوفي عام 317 م.
وفيما الكنائس القديمة عديدة، في دوما أيضاً العديد من المعابد مثل معبد ناووس الروماني، ومعبد إله الصحّة اسكلابيوس الروماني الذي أصبح في ما بعد كنيسة مار ضومط.
سارة دي منسا (من صفحة Live love Douma)
وبإمكان الزوّار التجوال في البلدة والاستمتاع برؤية المنازل القديمة العريقة التي تظهر البيت اللبناني النموذجي، إذ بُنيت غالبية المنازل في دوما بين عامي 1881 و1914، حيث حوالي 300 من المنازل هي منازل لبنانية نموذجية.
ولمحبّي الـhiking، يمكنهم استكشاف قرية بشعلة المجاورة، حيث أشجار زيتون يعود تاريخها إلى آلاف السنين. وعلى عمق 250 متراً، حُفرت حفرة بالمياه قبل 160 مليون عام، تضمّ ثلاثة جسور طبيعية بداخلها، وأهمّ ما يميزّها هو الشلال.
أمّا لمحبّي الصناعات اليدوية، فتشتهر قرية آسيا المجاورة لدوما بصناعة الفخار، حيث لا تزال تقليداً حيّاً.