هي واحدة من أقدم المدن المأهولة في العالم، وواحدة من أشهر المدن - الممالك الفينيقية؛ هي "صور" التي التقت فيها الحضارات، وأقامت فيها شعوب، وقاومت المحتلّين، حفلت بالشواهد على الأمم الغابرة، لا سيّما الرومان، الذين تركوا فيها آثاراً عظيمة.
إنّها مدينة التاريخ والبحر وسيّدته. إنّها "سيّدة البحار" وسيّدة الألوان بإنتاجها الأرجوانيّ، الذي طمع به نبلاء العالم، وجعلها مركزاً للتجارة لعدة قرون.
ولكونها مدينة ساحليّة، تتميّز "صور" بواجهة بحريّة سياحيّة رائعة، تكتنز تاريخاً عريقاً من الحضارات، وتبُعد صور نحو ساعة ونصف الساعة من بيروت. وهي مقصد سياحيّ للسيّاح الأجانب بدرجة عالية، فضلاً عن جميع المقيمين من مختلف المناطق اللبنانية، الذين يقصدونها ضمن سياحة الطعام والثقافة والترفيه...
ضمن قضاء صور، هناك منطقة الناقورة التي تسحر الناظرين ببحرها ومناظرها الخلابة، لا سيما شاطئها الذي يصنّف ضمن أنظف الشواطئ على طول الساحل اللبناني، إن لم يكن أنظفها؛ بل صُنّف بحر صور بمياهه الزرقاء الصافية من بين أفضل 5 شواطئ في الشرق الأوسط.
يورد رئيس اتحادات بلديات صور، حسن دبوق، أنّ صور مقصودة من السيّاح بشكل لافت، ومن المقيمين أيضاً في لبنان الذين يسكنون في أقصى البلاد. وفيما اعتادت المدينة أن تُقفل الكورنيش البحريّ، ليكون للمشاة وروّاد المطاعم والمقاهي حتى ساعات الليل المتأخّرة، يورد دبوق أنّ هذا الأمر لا يزال موضع بحث هذا العام، فهو إجراء مكلف من الناحية اللوجستيّة.
قضاء يوم على شاطئ صور
يستأثر بحر صور بالحصّة الأكبر من زوّار المدينة، لا سيما "شاطئ الخيم" العام، الذي تمتدّ خيمه على طول كيلومتر ونصف الكيلومتر.
يتميّز الشاطئ برماله الذهبيّة، وبالخيم المنتشرة على مسافة لا بأس بها، حيث تُقدّم خدمات مختلفة للزائر، الذي لن يتكلّف أكثر من 20 ألف ليرة مخصّصة لموقف السيّارات والطاولة التي يختارها.
كذلك، يُتيح شاطئ صور مكاناً شاعرياً، حيث يُمكن للراغب مشاهدة واحدٍ من أجمل مشاهد غروب الشمس، ممّا يزيد عدد الزائرين الذي قد يبلغ في أيّام الذروة كالأحد نحو 20 ألف زائر في اليوم، بحسب دبوق.
ولأن صور تشتهر صور بالغوص، يقدّم مركز الغطس اللبنانيّ جلسات غوص رائعة، يزيد من روعتها رؤية الآثار الرومانيّة تحت الماء.
محميّة شاطئ صور الطبيعية
هي محميّة أدرجتها الـ"يونسكو" بين المحميّات الطبيعية، حيث تشكّل موطناً للسلاحف البحريّة المهدَّدة بالانقراض، وهي أشبه بكتاب حيّ في عالم النبات، حيث السلاحف المائيّة الكبيرة تسبح إلى جانب الغواصين، ويُمكن مشاهدتها من خارج المياه.
الآثار التاريخيّة الرومانيّة
بالنظر إلى تاريخها الحضاري الممتدّ في التاريخ، تحضر السياحة الثقافية في صور، حيث لا بدّ من زيارة موقع البصّ الأثريّ، وميدان سباق الخيل، الذي أدرجته "اليونيسكو" على لائحة الآثار العالمية، بالإضافة إلى موقع الميناء الأثريّ؛ وذلك لقاء رسم دخول رمزيّ.
الجولة في موقع البصّ الأثريّ يمكن أن تشمل المجمع الجنائزي، الذي يتضمّن مئات من التوابيت المزخرفة والمقابر، وحيث لا يزال العديد منها مليئاً بالعظام، والطريق الرومانيّة ترقى في التاريخ إلى عهد "هادريان" في القرن الثاني الميلاديّ.
أمّا ميدان سباق الخيل، الذي يبلغ حجمه العديد من ملاعب كرة القدم، فهو مشهد من العظمة الرومانيّة القديمة. كان يستوعب ما يصل إلى 40 ألف شخص، يجلسون لمشاهدة سباقات العربات وألعاب المصارعة.
وفي موقع الميناء الأثري، الجزء الأكبر منه عبارة عن سلسلة من الأعمدة المطلّة على الواجهة البحرية، ممّا يجعل المشهد خلاباً.
سوق صور القديمة
التجوال في هذه السوق يعود بك إلى الزمن القديم، ويمكن أن تعيش تجربة ذوقيّة مميّزة عبر تناول المأكولات الصوريّة الأصيلة. ففي السوق بعض الأماكن الأكثر أصالة في المدينة، لا سيّما لفائف الفتايل الشهيرة والفول الصوري؛ وكلّ ذلك ليس بعيداً من الكورنيش البحري، حيث البحر الجميل وإمكانيّة التنزّه إلى جواره.
إلى ذلك، تنشط سياحة الطعام في المدينة، حيث تنتشر المطاعم على الكورنيش البحري، وفي منطقة الميناء، لتشكّل مقصداً لمحبّي المأكولات البحريّة بشكل خاص. كذلك تنتشر مطاعم الوجبات السريعة والمثلّجات والحلويات التي تحظى بشهرة واسعة في المدينة.
ميناء صور القديم
يعدّ الميناء موقعاً سياحياً رائعاً مليئاً بقوارب الصيد والصيادين الذين تشتهر بهم المدينة، ويمكن الاستمتاع بجولة بالقارب في البحر.
تقدّم بعض القوارب جولات فنيّة، كما قد تُتيح للركاب السباحة في عمق البحر خلال الرّحلة، وخلال التوجّه إلى "الزيرة"، التي ليست سوى جزيرة صخريّة على بعد مئات الأمتار من اليابسة في صور.
حارة المسيحيّين
لا بدّ في صور من زيارة حارة المسيحيّين المجاورة للميناء وللسوق القديمة، والتي تشهد على تنوّع المدينة الاجتماعي.
إنّها من أكثر مناطق صور روعةً، وأكثرها جذباً للتصوير الفوتوغرافي، بفضل منازلها الملوّنة، والزّهور المتدفّقة من الشرفات، وأزقّتها الجميلة الضيّقة، التي تمنح الزائر إحساساً عالياً بالجمال البسيط الأخّاذ.
تنتشر بيوت الضيافة والفنادق من جميع مستوياتها في صور، ممّا يلاقي قبولاً حسناً لدى السيّاح.
الحياة الليليّة
تتوافر في صور بعض الحانات التي تشغّل موسيقى رائعة، وحيث يُمكن الاستمتاع بكأس من المشروب.
زيارة الحديقة العامة
تكتسب الحديقة العامة في صور أهميّة ملحوظة، لكونها من أكبر الحدائق العامة في لبنان، إذ تبلغ مساحتها 170 ألف متر مربّع، وهي مقسّمة إلى عدّة أقسام، وتضم ألعاباً متعدّدة للأطفال.
وعند مدخل صور، تستقبل الزوّار مدينة ملاهٍ كبيرة، فيها الكثير من الألعاب المخصّصة للأطفال وللكبار.
السباحة في الناقورة وبين صخور البياضة
تقع الناقورة في أقصى الطرف الجنوبيّ من الساحل اللبنانيّ، وهي مدينة صغيرة إلى جنوب صور، وتتميّز بأوديتها الخضراء الغنيّة، وبحقولها الزراعية وبساتين أشجار الموز.
يعتبر الشاطئ في الناقورة من أجمل وأنظف الشواطئ في لبنان. هو شاطئ صخريّ، أشهر نقاطه "صخور البياضة"، وهي صخور في الماء يمكن الاستمتاع من خلالها بمغامرة بحريّة فريدة.
كذلك يمكن زيارة المطاعم الكائنة في البياضة، وهي أعلى منطقة كاشفة في الناقورة، حيث يُمكن رؤية مشهد بانوراميّ لا مثيل له، من أقصى نقطة في جنوب لبنان. ويمكن إحضار المأكولات وتمضية يوم كامل على هذا الشاطئ العام.