طرزان يعود بنسخته اللبنانية لكن... على "تيك توك". يكفي أن تشاهد فيديوهاته لتشعر بالأمل والإيجابية ولتضاعف حبّك للبنان، وتتحمّس للتجوّل وللسياحة فيه. إذ نقل طرزان صورة لبنان الجميل وأوصلها إلى أصقاع العالم من خلال مغامراته الشيّقة والفريدة التي كشف من خلالها كنوزاً مخبّأة في أرجاء الوطن، ليقوم بذلك بترويج سياحيّ لم تقم به الدولة بحدّ ذاتها.
هو عبدالله سعادة، ذو الـ 22 عامًا. يقوم بمغامرات في الطبيعة ويقصد أماكن سياحية، لا تحتاج إلى ميزانية كبيرة. مفهوم سياحي جاء في ظلّ الأزمة لتجتمع فيه دوافع عديدة. مغامرته لا تنتهي. فحتى لدى تحدّثنا إليه واتّصالنا به، كان في بحيرة شوان في محمية جبل موسى.
درس "طرزان" اللياقة البدنية في الجامعة وعمل فيها لفترة وجيزة. لكن مع انتشار الجائحة، أقفلت الشركة حيث كان يعمل، وكان حينها يقوم بالـ hiking (رياضة السير في الطبيعة) لمدة سنتين بوتيرة خفيفة وينشر محتواه على "إنستغرام".
وعندما أرادت الشركة نقل جميع موظفيها إلى دبي، رفض عبدالله وتمسّك بالبقاء في لبنان، رغم عدم إيجاده وظيفة بديلة هنا، لكنّه فضّل الاحتفاظ بسعادته بمغامراته في بلده الرائع. "اتّخذت القرار بأن أكون طرزان full time"، يروي الشاب لـ"النهار". ورغم أنّ قراره لم يكن سهلاً، إنّما "كان لا بدّ من أن أكون سيّد عملي، لذا قرّرت جني مدخول من منصّات التواصل عبر أمر أحبّه".
بدأ عبدالله يزيد من مغامراته ويلقى استحساناً واسعاً من روّاد مواقع التواصل. باتوا يسألونه عن كيفية الوصول إلى الأماكن التي يزورها. لذلك، قام بدور الدليل السياحي، "فأنا عاشق لبنان وطبيعته والمغامرات فيه". كبر عدد متابعيه على المنصّات، بحيث فاق الـ 300 ألفاً على "تيك توك" والـ 159 ألفاً على "إنستغرام".
في الأشهر الماضية، ضاعف طرزان مغامراته، وكان تركيزه على الـ Vloggs، لتعريف الناس بطريقة مختلفة عن لبنان، "فهوايتي اكتشاف المناطق الجديدة والطبيعة". وكان عبدالله يهوى بأن يكون مدوّن سفر ويعشق تمضية الوقت مع الأشخاص الأصليين في مناطقهم والتعرّف على ثقافات وعادات مختلفة ومشاركة التجارب الغنية. لكن كونه في لبنان، كان الانطلاق من هنا، "من تعريف الناس على بلدي الجميل". فعلاً وصل إلى ما تمنّاه، حتى تعاونت معه وزارة السياحة مؤخّراً في حملتها السياحية الأخيرة لإطلاق الموسم السياحي الصيفي.
جال المغامر مدّة سنتين، لقّبه في بداياتها الناس بـ "طرزان"، خصوصاً وأنّه يعيش حياة الطبيعة والجبال والمغامرات، ويتّسم بشعر كثيف وطويل، و"أنا أعشق شخصية شعري، وكثير ما أتسلّق وأقفز"، يضيف ممازحاً.
ومذّاك، ابتكر عبدالله شخصية "طرزان" الخاصة على منصّته، وبات يُعرف بـ"طرزان تيك توك"، بعد أن أسمى صفحته The strolling Tarzan، وصنع شخصية محايدة، ولاؤها الأول والأخير للطبيعة وللبنان وجماله، ووظيفتها إبراز جمال الطبيعة في لبنان وكيفية الاستمتاع فيها بأقلّ كلفة، حتى أنّ لا أحد يعرف اسمه الحقيقي.
ومع حلول الموسم الصيفي الزاخم هذا العام، كان تفاعل الناس هائلاً مع عبدالله، "فأنا انفجرت -إيجابياً- على منصّات التواصل منذ نحو 3 أشهر"، أي عندما دخل عالم "تيك توك". وأصرّ على التأكيد للناس أنّه يمكن الاستمتاع والسياحة البيئية بكلفة زهيدة رغم الأزمة. لذا، صار يوثّق نظريّته في مغامراته. ويوضح الآتي:"أدرك جيداً أنّ لبنان يعاني من أزمات عديدة، لكنّني لا أودّ أن أراها، أريد أن أرى ما هو جميل فقط في هذا البلد".
وجاء إعجاب الناس بالمحتوى الذي يقدّمه لهم "لأنّني أعلّمهم كيف يستمتعون بالطبيعة ويقومون بمشاوير دون الحاجة إلى ميزانية كبيرة، وهو أمر بحاجة إليه الكثيرون في ظلّ الأزمة، سواء لناحية التوفير أو لناحية اكتشاف أماكن سياحية جديدة للترفيه".
الجدير بالذكر أنّ عبدالله لا يملك سيارة. فهو إمّا يتشارك كلفة البنزين مع أحد أصدقائه الذين يملكون سيارات، أو يستقلّ في معظم مشاويره خارج بيروت، الفان، و يوثّق ذلك بالفيديوهات.
وارتبط اسم طرزان "تيك توك" بالسياحة الداخلية هذا الموسم، بحيث روّج للصورة الجميلة للبنان رغم الأزمة "وهذا يعني لي الكثير، وأحياناً أبكي من فرحي بما أنجزته وحقّقته، من تشجيع للناس على المجيء إلى لبنان"، يورد عبد الله. فكثيراً ما يتواصل معه أشخاص ليعبّروا له عن شكرهم لمحتواه الذي دفعهم إلى المجيء إلى لبنان، و"أشعر بإفادة ما أقوم به، وعندما أكون أحياناً غير متحمِّس، بمجرّد قراءتي لهذا الكمّ الكبير من التعليقات الإيجابية، أندفع مجدّداً".
وبرأيه، الوزارة لا تقوم بالخطوات اللازمة لجذب الوافدين إلى السياحة كما يجب، "لكن ما نقوم به أنا وسواي من محتوى سياحي مماثل، له الأثر الكبير على جذب الوافدين إلى لبنان"، يؤكّد عبدالله. و"يعني لي كثيراً أن أمثّل السياحة بشكل مُعترف به، وأنا ممتنّ أنّني أساهم ولو بشكل بسيط بتحسين صورة البلد، حتّى أنّ بعض الناس على منصّات التواصل يطلقون عليّ لقب "وزير السياحة المستقبلي"، يقول الشاب ضاحكاً.