الطيران الكندي (أ ف ب).
يقلب الذكاء الاصطناعي صناعة السفر رأساً على عقب، إذ بات يستخدم أطراف هذه الصناعة الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي، ما يعيد تعريف جوهر السفر وتشكيل رحلتنا منذ اللحظة التي نقرر فيها استكشاف العالم، ويجعلها أكثر انسيابية وصديقة للبيئة ومصمَّمة خصيصاً لتناسب تفضيلاتنا الفردية.
وبرزت اتجاهات في الذكاء الاصطناعي شكّلت بالفعل صناعة السفر، كالتخصيص، وهو الأكثر شيوعاً بحيث تقوم خوارزميات التطبيقات بتقديم للمستخدم ما يبحث عنه، من خلال تحليل تاريخ سفرك السابق وسلوك تصفحك، وحتى نشاط وسائل التواصل الاجتماعي. ونجح هذا النهج في خدمات البث ومنصات التجارة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى تحسين مشاركة المستخدمين ورضاهم.
شركات السفر والسياحة تحافظ على عملائها عبر الذكاء الاصطناعي!
بالنسبة لشركات السفر، تتمثل المهمة في إعادة التفكير في كيفية تفاعلها مع العملاء، وتطوير المنتجات والخدمات، وإدارة العمليات. ووفق تقديرات شركة McKinsey Digital، فإنّ الشركات التي تستفيد من الفرص الرقمية والتحليلية، قادرة على تحسين أرباحها بنسبة تصل إلى 25 في المئة.
وتستخدم الشركات الذكاء الاصطناعي لتحليل أنماط الحجز التاريخية وطلب السوق والعوامل الخارجية (مثل الطقس والأحداث) لتحسين الأسعار في الوقت الفعلي. وتساعد استراتيجيات التسعير الديناميكية الشركات على ضبط الأسعار لتحقيق أقصى قدر من الإيرادات ومعدلات الإشغال في الفنادق. وتستفيد الشركات من الذكاء الاصطناعي أيضاً في تنبّؤ المشكلات المحتمَلة في قطاع النقل، ما يساعد على معالجتها في المركبات والطائرات قبل أن تتسبّب بحدوث اضطرابات.
فإن كنت مسافراً اقتصادياً تستمتع باستكشاف الثقافة المحلية، فقد يقترح الذكاء الاصطناعي رحلة طيران خلال موسم الركود بالإضافة إلى الإقامة في فندق ميسور التكلفة بالقرب من المعالم التاريخية وخيارات وسائل النقل العام.
ووفق ما نشرت McKinsey وSkift Research في مقابلات مع مديرين تنفيذيين من 17 شركة، تتعامل شركات السفر مع التقنيات الناشئة، أولاً عبر التجزئة، لتحديد شرائح العملاء وكيفية التعامل معهم. ثانياً، عبر تفاعل الذكاء الاصطناعي مع العملاء طوال رحلاتهم، عبر تقديمه مسارات رحلات مخصصة وتوصيات مخصصة والمساعدة في حل الاضطرابات غير المتوقعة. وثالثاً عبر تجهيز العمال بشكل أفضل، لتوفير وقت العاملين في الخطوط الأمامية، ما يسمح لهم بالتركيز أكثر على التفاعلات الشخصية مع العملاء.
وفيما يرى مقال لـ"منتدى الاقتصاد العالمي" أنّ مستقبل الذكاء الاصطناعي في السفر مهيّأ للتركيز على الحلول الفعالة والشخصية للغاية والمصمَّمة خصيصاً لتلبية احتياجات المسافر الفردية، فإن آثار التقنية حالياً على سوق السياحة، لا تُعدّ ولا تحصى، بحيث تقترح روبوتات الدردشة إعادة جدولة الرحلات أو مقارنة العروض.
وتُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل التعرّف إلى الوجه، لتسجيل الوصول في المطارات والفنادق، ما يعزز الأمن ويسهّل عملية الصعود إلى الطائرة. وتُستخدم الروبوتات العاملة على الذكاء الاصطناعي في مجال الضيافة، للقيام بمهام مثل خدمة الغرف وخدمات الكونسيرج والتنظيف. وتنشر بعض المطارات أيضاً روبوتات للتعامل مع الأمتعة ومساعدة العملاء. وتُستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع لتحليل سلوك المستخدم وتفضيلاته وتاريخ سفره السابق لتقديم توصيات مخصصة للوجهات وأماكن الإقامة والأنشطة. كما تستخدم المنصّات الذكاء الاصطناعي للاستفادة من قصص المسافرين، عبر تشكيل قوائم خوارزمية توفّر معلومات منسَّقة بناءً على تفضيلات المستخدِم والبيانات في الوقت الفعلي.
مثلاً، أطلقت شركة "ماريوت إنترناشيونال" برنامج دردشة آلياً يعمل بالذكاء الاصطناعي، "Marriott Bonvoy Chat"، يساعد الضيوف في إجراء الحجوزات، والإجابة عن الأسئلة حول وسائل الراحة في الفندق وتقديم التوصيات بشأن مناطق الجذب المحلية بناءً على تفضيلاتهم.
ويبقى التحدي الفعلي، بحسب المدير العام للتكنولوجيا المالية في شركة Hopper، إيلا ألكالاي شرايبر، في هذا الإطار، هو "فهم البيانات، وطرح الأسئلة الصحيحة، وقراءة التنبؤ مقابل الواقع، والقيام بذلك في الوقت المناسب".
يستفيد المسافر من تخطيط ذكيّ وتجربة معزّزة في السفر!
بالنسبة للمسافر، فهو يستفيد من التخطيط الذكي للسفر. فمثلاً، يوفر مساعد السفر المعتمِد على الذكاء الاصطناعي TripGenie خطط رحلات مناسبة للمسافر في أقل من دقيقة ويوصي بالمواقع السياحية ووجهات التسوّق ويوفر روابط الحجز والصور وخرائط المدينة، فيما يستغرق التخطيط يدوياً ساعات أو أياماً. ويمكنه أيضاً التعامل مع طلبات مثل التخطيط المتعدّد الوجهات.
وتُستخدم روبوتات الدردشة والمساعدون الافتراضيون المدعمون بالذكاء الاصطناعي لخدمة العملاء، وتوفّر استجابات فورية للاستفسارات والمساعدة في عمليات الحجز. ويمكنها التعامل مع المهام الروتينية، مثل تغييرات الحجز والأسئلة الشائعة، وتقديم توصيات السفر بناءً على تفضيلات المستخدم.
وتتعامل روبوتات الدردشة هذه مع العديد من الاستفسارات عبر الرسائل النصية والصوتية بدقة مذهلة للخدمة الذاتية لتذاكر الطيران والفنادق. ويوفر هذا المفهوم وقت وطاقة العملاء، ويسرّع حل المشكلات بكفاءة.
ويُستخدم الواقع المعزَّز كثيراً في تطبيقات الترجمة، ما يسمح للمستخدمين بتوجيه هواتفهم الذكيّة نحو الإشارات أو النصوص الأجنبية. ويركّب التطبيق الترجمات على صور من العالم الحقيقي، ما يكسر الحواجز اللغوية أمام المسافرين ويسمح لهم بتجربة المكان الجديد بشكل أفضل.
وكشف تقرير عن استخدام المسافرين للأجهزة المحمولة للتخطيط للرحلات، لشركة إحصاءات Statista، أنّ ما يزيد قليلاً عن 20 في المئة من المشاركين استخدموا روبوت الدردشة المدعم بالذكاء الاصطناعي لهذه الأغراض اعتباراً من تشرين الأول 2023. وفيما أكثر من 60 و40 في المئة من المشاركين في الولايات المتحدة والهند، على التوالي، استخدموا الذكاء الاصطناعي على الهاتف المحمول للتخطيط للسفر، فإن أقل من 10 في المئة في المملكة المتحدة واليابان فعلوا الشيء نفسه.
منصّات السفر والسياحة تعتمد أدوات الذكاء الاصطناعي!
يظهر استطلاع أجرته Statista حول استخدام الذكاء الاصطناعي في سوق السياحة الأوروبي وتحديداً سوق الإقامة، أنّ اثنتين من كل عشر شركات في ألمانيا والنمسا استخدمت الذكاء الاصطناعي في آب 2023، وخطط حوالي ربع أماكن الإقامة في إسبانيا للمضيّ بالمسار نفسه.
وفي شباط 2023، أطلق موقع Trip.com برنامج TripGen، وهو برنامج دردشة آلي يسمح لمستخدمي تطبيقات الهاتف المحمول للشركة بالحصول على توصيات بشأن رحلات الطيران والفنادق وخدمات السفر الأخرى. بعد فترة وجيزة، أعلنت شركة Kayak المملوكة لشركة Booking Holdings وExpedia، اعتمادها المسار نفسه. واستحوذت Airbnb على GamePlanner.AI في تشرين الثاني 2023، بهدف دمج الذكاء الاصطناعي في منصتها. وانتشرت تطبيقات مجانية باستخدام الذكاء الاصطناعي للتخطيط السفر للحصول على مسار رحلة فوري مثل Layla، Wonderplan، Vacay chatbot، وغيرها.