النهار

سيراليون تحظر زواج الأطفال في بلد خضعت 83% من إناثه للختان
المصدر: "أ.ف.ب"
أقرّت سيراليون هذا الأسبوع قانوناً تاريخياً يحظر زواج الأطفال، في خطوة رحبت بها جماعات حقوقية وشركاء أجانب، لكنّها دفعت ببعض الناشطين إلى المطالبة بمزيد من الإجراءات لوقف عمليات ختان الإناث في البلاد.
سيراليون تحظر زواج الأطفال في بلد خضعت 83% من إناثه للختان
تفشي زواج القاصرات في سيراليون
A+   A-
أقرّت سيراليون هذا الأسبوع قانوناً تاريخياً يحظر زواج الأطفال، في خطوة رحبت بها جماعات حقوقية وشركاء أجانب، لكنّها دفعت ببعض الناشطين إلى المطالبة بمزيد من الإجراءات لوقف عمليات ختان الإناث في البلاد.
 
وتشهد هذه الدولة الواقعة في غرب إفريقيا تزويج مئات آلاف الفتيات قبل بلوغهنّ سن 18 عاماً، إذ يعرّض المجتمع الذكوري النساء في البلاد لخطر أشكال متعددة من العنف القائم على النوع الاجتماعي.
 
 
وتضمّ سيراليون بعضاً من أعلى معدلات زواج الأطفال وحمل المراهقات ووفيات الأمهات في العالم.
 
وفي خطوة كبيرة إلى الأمام، يجرّم القانون الذي أقرّته البلاد هذا الأسبوع زواج الفتيات دون سن 18 عاماً، مع عقوبة بالسجن لمدة لا تقل عن 15 عاماً أو غرامة تزيد عن ألفي دولار.
 
كما يحظر القانون على الرجال العيش مع فتيات قاصرات، ويحدد حزمة تعويضات للفتيات اللواتي يتزوّجن أو يحملن قبل بلوغهنّ سن 18 عاماً.
 
لكن القانون الذي روّجت له سيدة سيراليون الأولى فاطمة مادا بيو، لا يأتي على ذكر الممارسة الضارّة المتمثلة في تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، والتي يرى كثر أنها مرتبطة بشكل وثيق بظاهرة تزويج القاصرات.
 
وقالت جوزفين كامارا (31 عاماً)، مديرة المناصرة في منظمة "بربسفول" المناصرة لحقوق النساء والفتيات "نقول إن القانون جيد، لكن... لا يمكن أن تغفل حقيقة أن هناك ممارسة لا تزال تسهم في استدامة تزويج الأطفال".
 
وأضافت لوكالة فرانس برس في مقابلة عبر الهاتف "إذا رفضت حل المشكلة، وإذا تم إسكاتك بشأنها، فإن أي إجراء لإنهاء زواج الأطفال قد يكون مجرد كلام".
 
يتضمن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية الإزالة الجزئية أو الكلية للأعضاء التناسلية الخارجية للأنثى، أو أي إصابة أخرى للأعضاء التناسلية الأنثوية، ويمكن أن يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة بينها التهابات ونزف وعقم ومضاعفات أثناء الولادة.
 
وفي سيراليون، خضعت 83 % من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و49 عاماً لهذه الممارسة، وفق مسح صحي سكاني أجري عام 2019.
 
وقالت كامارا "إن قطع البظر يرمز إلى أن الفتيات خضعن لطقوس الانتقال من مرحلة الفتاة إلى الامرأة".
 
وأضافت "طقوس العبور هذه تعني أنه حتى لو كان عمركِ سبع سنوات، إذا خضعتِ لهذه العملية، فسيُنظر إليكِ منذ الآن كامرأة".
 
سوق للزواج
بينما أشاد الناشطون إلى حد كبير بحظر زواج الأطفال، فإن عدم إدراجه أي حوافز لإنهاء ختان الإناث ترك قلقاً لدى البعض حيال ما اعتبروه رسائل متضاربة من الحكومة.
 
وقالت الناشطة في الحملة أليماتو ديمونكيني (54 عاماً)، وهي إحدى الناجيات من تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، "الأمر يثير حيرة كبيرة". وأوضحت أن الممارستَين غالباً ما تسيران جنباً إلى جنب.
 
وأضافت لوكالة فرانس برس "السبب وراء ختان الفتيات في سيراليون في سنّ مبكرة هو أن العائلات تريد تزويجهنّ"، و"في بعض الأحيان تقول العائلات: لقد وجدنا رجلاً مستعداً للزواج منها، أو أن هذا الرجل سيدفع لنا المال مقابل إجراء عملية الختان".
 
 
ولفتت ديمونكيني إلى أنه "في العادة... يتم تزويج هذه الطفلة في اليوم التالي لأي شخص، لأنه يكون من الوجهاء التقليديين".
 
كما أعربت كامارا عن قلقها بشأن المضيّ قدماً بحظر زواج الأطفال، خصوصاً في المناطق الريفية، فيما المجتمعات المحلية لا تزال قادرة على إجراء عمليات ختان الإناث.
 
وقالت "هذا يرسل معلومات متضاربة" في موضوع حماية الفتيات، مضيفة "يريدون القول إنهم سيمنعون زيجات الأطفال، لكنهم يسمحون باستمرار مؤسسة تشكّل سوقاً للزواج".
 
وأُدرج حظر تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية وزواج الأطفال في قانون شامل لحقوق الطفل، لكن هذا النص القانوني لا يزال متعثراً في البرلمان.
 
ورأت الناشطات اللواتي تحدثت إليهنّ وكالة فرانس برس أن قضية زواج الأطفال اختيرت لإدراجها في مشروع القانون من جانب المشرعين لتجنب التصدي لموضوع تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية.
 
وقالت كامارا "نعلم سبب رفض التحدث عن هذا الأمر، فتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية جزء بارز في الثقافة المحلية: هذه ثقافتنا، وهذه ممارستنا".
 
وأضافت "لكن ليس هناك أي شيء ثقافي في قطع البظر، فهو انتهاك لحقوق الإنسان".
 
وقالت روغياتو توراي (50 عاماً)، وهي مؤسسة منظمة "حركة مبادرة الأمازون" المناهضة لختان الإناث، إن الخوف من انتقاد هذه الممارسة المنتشرة هو ما يُسكت عدداً كبيراً من المشرّعين.
 
وخضعت توراي نفسها لعملية ختان في سن الحادية عشرة، وعانت نزفا حاد وفقدت قريبة لها بسبب هذه الممارسة.
 
وقالت "إنهاء زواج الأطفال وحده لن يوقف أو يقلص ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية"، معتبرة أن المشرّعين "في حاجة إلى النظر إلى نهج شامل لإنهاء معاناة الأطفال، وليس فصل قضية عن أخرى".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium