مما لا شك فيه أن الملح يضفي نكهة لذيذة على الطعام، بالإضافة إلى أنه مادة حافظة. يتكوّن ملح الطعام من 60 في المئة من الكلوريد و40 في المئة من الصوديوم. ويعتبر الصوديوم حاجة أساسية لجسمك بكميات قليلة جداً لتسهيل عملية هضم الطعام وانقباض العضلات ورفة العين. إلا أن المشكلة اليوم تكمن في أن تناول الصوديوم يتجاوز الكمية التي يحتاجها الجسم ليكون في حالته الجيدة.
يوجد أكثر من 25 مكوناً تحتوي على الصوديوم يستخدمها مصنعو الأغذية بشكل شائع في تركيباتهم لصنع منتجات لا تقاوم وتطول مدة حفظها. يندرج ضمنها بيكربونات الصوديوم، نيترات الصوديوم مثل الملح وأكثر من 20 تسمية التي تعني الصوديوم، وفق ما نشر موقع Eat this not that.
وتحتوي الأطعمة الفائقة المعالجة على كمية كبيرة من الصوديوم. حتى الأطعمة التي ليس لها طعم مالح مثل الخبز، الحبوب ومنتجات الألبان تحتوي على نسب عالية من الصوديوم. ولكن ما الذي يحدث لجسمك عند تناول الكثير من الملح؟
يحتاج الجسم إلى كمية قليلة من الصوديوم لا تتعدى 500 ملغ يومياً أو ما يعادل نصف ملعقة صغيرة من الملح، لمساعدة انقباض العضلات والحفاظ على نبضات الأعصاب الصحية والحفاظ على توازن السوائل.
ولكن يمكن أن يكون للاستهلاك الكبير والمزمن للصوديوم الزائد آثار صحية سلبية عند بعض الأشخاص مثل ارتفاع ضغط الدم، وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية ومرض الشريان التاجي.
إليك ما يحدث لجسمك عند استهلاك كمية كبيرة من الملح:
1- ضرر في الأوعية الدموية والقلب
أكثر المشاكل الصحية شيوعاً المرتبطة بتناول مزمن لكميات كبيرة من الصوديوم هو ارتفاع ضغط الدم. اذ بمجرد تناوله ودخوله إلى مجرى الدم، يعتبر الصوديوم مثل اسفنجة للماء. وعليه، عندما يتم سحب المزيد من الماء إلى الدم يزداد حجم السائل ويزداد الضغط على جدران الأوعية الدموية.
كما يعتبر ارتفاع ضغط الدم القاتل الصامت لأنه لا يظهر سوى القليل من العلاجات والأعراض التي يمكن أن يشعر بها الشخص، وغالباً ما يتجاهل الشخص نصيحة مقدم الرعاية الصحية لمعالجة ضغط الدم المرتفع.
يعد ارتفاع ضغط الدم العامل الأول للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. تشير التقديرات إلى أن ارتفاع ضغط الدم مسؤول عن 54 في المئة من جميع السكتات الدماغية و 47 في المئة من جميع أمراض القلب التاجية، وفقًا لبحث نُشر في لانسيت. كما يعدّ ارتفاع ضغط الدم أحد عوامل الخطر لفشل القلب والرجفان الأذيني وأمراض صمام القلب.
2- الانتفاخ
إن الإفراط في تناول الملح أو تناول الوجبات المالحة الخفيفة أو تناول الطعام في الخارج يجعلك تشعر بالانتفاخ في الساعات التالية نتيجة احتباس الماء. وقد يعاني البعض الذين لديهم حساسية على الملح من انتفاخ في الوجه واليدين والقدمين. وتعتبر هذه العلامات الكلاسيكية التي تحدث عند الإفراط في تناول الصوديوم الذي بستغرق وقتاً ليفرزها الجسم.
3- زيادة الوزن أو زيادة الدهون في الجسم
الإفراط في تناول الملح يجعلك أثقل وزناً، نتيجة احتباس الماء في الجسم. ولكن تشير الأدلة المتزايدة إلى أن تناول كمية كبيرة من الصوديوم مرتبط بزيادة الوزن وزيادة الدهون في الجسم. كما أشار بحث نُشر في مجلة " Hypertension" إلى صلة مباشرة بين الأنظمة الغنية بالصوديوم والوزن الزائد والسمنة، بغض النظر عن السعرات الحرارية المستهكلة ونوعيتها.
وأظهرت الدراسة أن زيادة الصوديوم بمقدار 1000 ملغ يومياً يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالسمنة بنسبة 26 بالمائة. كما ارتبط تناول كميات كبيرة من الملح بزيادة مؤشر كتلة الجسم ومحيط الخصر ودهون الجسم. ويعتقد الباحثون أن الملح قد يؤثر سلبًا على التمثيل الغذائي للدهون.
4- يزيد من الصداع النصفي
تعود الدراسات الأولى إلى الصلة بين اختلال توازن الصوديوم والصداع إلى العام 1940. في حين وجدت دراسة أجريت في العام 2021 على 262 بالغاً ونُشرت في المجلة البريطانية للتغذية، أنه بعد التحكم في مسببات الصداع النصفي المحتملة، عانى الأفراد الذين لديهم مستوى مرتفع من الصوديوم من الصداع لوقت أطول من أولئك الذين تناولوه بكميات أقل. لذلك تكمن التوصية في الحفاظ على مستوى الصوديوم الموصى به، خاصة اذا كنت تعاني من الصداع النصفي.
5- يزيد من خطر الإصابة بالخرف
يحتل الخرف الوعائي ثاني أكثر المشاكل شيوعاً في الخرف التي تصيب كبار السن. ويؤثر أي عامل من نمط الحياة سلباً على وظيفة الأوعية الدموية كما يرتبط بأمراض القلب بشكل عام ويزيد خطر فقدان الذاكرة والتدهور المعرفي المرتبط بالخرف الوعائي.
تظهر العديد من الدراسات المستندة إلى الحيوانات وجود صلة بين النظم الغذائية الغنية بالملح والخرف، لكن الدراسات التي أجريت على البشر أقل وضوحًا.
خلافاً للاعتقاد الشائع، فإن زيادة الملح على الطعام ليست مصدراً مهماً للصوديوم في وجبات الأميركيين. وفقاً لدراسة نُشرت في "The Circulation" 71 في المئة من الصوديوم يأتي من الأطعمة فائقة المعالجة أو الأطعمة الجاهزة. ويوجد الصوديوم في السندويشات الجاهزة، البيتزا، الحساء والوجبات المالحة، الدواجن، أطباق المعكرونة، البرغر والأطباق القائمة على البيض، في حين يوجد الصوديوم الطبيعي في 14 في المئة في الأطعمة و 5.6 في المئة من الصوديوم المضاف عند الطهي وحوالى 5 في المئة من الملح المستخدم لتتبيل الأطعمة قبل الأكل.