انطلقت شهرت أماني السيبي كالنار في الهشيم في العالم العربي بصفتها عارضة أزياء ممتلئة Model plus size، وهي العربيّة التونسية الأولى التي كانت لها الجرأة على الانخراط في عالم المانيكان. وقد أوصلتها شهرتها إلى أن تكون سفيرة عطر Jean paul Gaultier perfume ثمّ سفيرة أسابيع الموضة في دبي.
ابنة الثلاث والعشرين سنة تبدأ خطواتها اليوم باتجاه باريس عاصمة الموضة في العالم لعرض مجموعة Weinsanto خلال أسبوع الموضة للألبسة الجاهزة، وحلمها أن تخطو نحو السوق الأميركية لتكون العارضة العربيّة الأولى التي ولدت وترعرعت في تلك المنطقة من العالم.
أماني السّيبي عملت مع العارضة العالميّة الممتلئة آشلي غراهام في دبي. لكن تلك العارضة التي كانت مصدر إلهامها خيّبت أملها.
"النهار العربي" حاورتها في مكاتب الجريدة، حيث وصلت من دون مكياج على وجهها، ومن دون لباس مبتذل، فاكتشفنا فيها شخصيّة لطيفة، ناعمة، دائمة الابتسام، متواضعة، وقبل كلّ شيء صادقة وصريحة.
العارضة التونسيّة أماني السّيبي Model plus size في مكاتب جريدة النهار.
أنت تدرسين الأزياء في الجامعة الأميركيّة في دبي. لماذا اخترت دخول عالم المانيكان بدل تصميم الأزياء؟
قد أخوض مضمار التصميم يوماً ما، ولكن مهنتي اليوم هي عارضة أزياء Model plus size. أردت من خلال ذلك أن أخرق مفهوم العارضة الهزيلة الشقراء، صاحبة العيون الزرقاء والبشرة البيضاء، وإثبات أنّ المقاس الكبير يفرض نفسه أيضاً في عالم الموضة. لم أكن أريد أن أكشف عن هذا المفهوم من خلال التمثيل أو تقديم البرامج، لأنّ عالم المانيكان هو العنصر الأكثر تعبيراً عن حق المقاسات الكبيرة في الظهور على المنصّات، وفي الحملات الإعلانيّة.
ربما تأثرت بالعارضة الأميركيّة آشلي غراهام...
نعم، هذا صحيح. ومن خلال عملي في الموضة، تعرّفت عليها شخصياً، وكنّا نقوم بجلسة تصوير لماركة Marina Rinaldi.
العارضة الممتلئة Model plus size أماني السيبي يبلغ طولها 1,75 ووزنها 105 كيلوغرامات.
كيف تصفين تعاملها معك ومع فريق العمل أثناء جلسة التصوير؟
لا شكّ في أنها لاقت الكثير من التقدير في دبي. أنا أحترمها جداً، لكنني بصراحة صدمت بها أثناء التعاطي معها. كنت أنتظر منها المزيد من الودّ.
إشرحي لنا أكثر....
بالنسبة لي، أنا لديّ شغف لمهنة العارضة، وهي كانت ملهمتي، لكنني شعرت بأنّ آشلي غراهام كانت تعتمد سياسة التسويق أمام الكاميرا، وتتعامل مع جلسة التصوير بمفهوم التجارة. كانت تبتسم أمام الكاميرا ثمّ تعود الى جدّيتها عندما تغادر الكاميرا وجهها.
أي أنها كانت تتصرّف بعقلية المرأة الأميركيّة Business is Business ....
نعم هذا صحيح. بالنسبة لي كانت تطبق المثل: "لا يمكنك أن تلتقي في حياتك بالشخص المثاليّ".
هل جرّبت أن تتودّدي إليها؟
(تهز رأسها بأسف) نعم حاولت. أردت أن أتواصل معها دائماً، خاصة عندما تجمعنا في المستقبل مشاريع عمليّة ضمن مهنتنا، لكنها أرسلتني إلى معاونها لكي آخذ منه عنوان بريدها الإلكتروني المخصّص لمعجبيها. هذا الأمر أزعجني!
(تبتسم بهدوء) الحقيقة أبدأ. عندما تكون الكاميرا بعيدة عنها تكاد تعزل نفسها عن البقيّة.
طولك 1,75 سنتم، فكم هو وزنك، إذا لم يكن هناك من إحراج؟
لا، ليس هناك من إحراج أبداً، وزني يبلغ 105 كيلوغرامات، وأرتدي مقاس 48 الأوروبي.
ألم تحاولي القيام بالريجيمات أسوة بغيرك؟
بالطبع، حاولت كثيراً، خاصّة عندما كنت في سنّ المراهقة، لكنّ الأمر ليس سهلاً كما يعتقد البعض، فأصبت باليأس، وقرّرت أن أستوعب وزني وجسمي وأتقبّل نفسي كما أنا.
الحقيقة أنا مصابة بفوبيا تلك العمليات، وأؤمن بأنّ الله خلقنا كما نحن، فلماذا نريد أن نخالف مشيئته؟ كثيرون من أصدقائي أجروا تلك العمليات، فمنهم من لاقى النجاح، ومنهم من تعرّض لانتكاسات خطيرة أدّت به إلى الدخول مجدداً إلى غرفة العمليات، فيما البعض الآخر لاقى حتفه. أنا أخاف أن ألعب بأعضاء جسمي.
ماذا عن العمليات التجميليّة مثل شفط الدهون، أو تصغير الصدر.....؟
شفط الدهون؟ لماذا؟ لخسارة 7 كيلوغرامات، ثمّ إعادتها عندما نعود إلى أكلنا الطبيعي؟
قد أقوم بعملية تصغير الصدر لأنّ صدري كبير، ممّا يسبّب ألماً في ظهري، هنا السبب طبّيّ محض.
أنا سفيرة عطر "جان بول غوتييه" في الشرق الأوسط، وسوف أعرض إن شاء الله في باريس خلال أسبوع الموضة للألبسة الجاهزة للمصمّم Weinsanto، وهو تلميذ جان بول غوتييه. عرضت له سابقاً في دبي.
عيّنت سفيرة لأسابيع الموضة في دبي، فما هو دورك في هذا المضمار؟
دوري هو أن أظهر الاختلاف والتنوّع ضمن مهنة عارضة الأزياء، خاصة بالنسبة إلى الأجسام الممتلئة plus size. أنا أعتبر نفسي بمثابة أمّ لتلك العارضات.
ما كانت ردّة فعل المرأة الخليجيّة بالنسبة لدورك كعارضة ممتلئة؟
أعتقد أنّ المرأة الخليجيّة تدعمني كثيراً، لأنّ الأغلبيّة منهن ممتلئات. أنا أعكس صورتهنّ، وأجعلهنّ يبتعدن عن المقارنة بينهنّ وبين النساء الرشيقات. فمن خلال إطلالاتي يكتسبن ثقة بالنفس أكثر، وقوّة داخليّة، ويتقبّلن أجسادهنّ، ولا يتأثرن بانتقادات المجتمع، إذ مجتمعنا العربي يعلّق كثيراً حيثما وُجدن.
بدأت تخطين نحو أوروبا، ألم تجرّبي السوق الأميركيّة بعد مثل وكالة Ford؟
لم أطرق باب أميركا بعد. يجب أن أثبّت نفسي في عواصم الموضة الأوروبيّة، خصوصاً باريس قبل أن أدخل إلى السوق الأميركيّة.
ولماذا تنوين دخول السوق الأميركيّة ما دمت بدأت تشتهرين في أوروبا؟
لأننّي أريد أن أمثّل المرأة العربيّة في هذا المضمار. صحيح أنّ العارضتين جيجي وبيلا حديد هما من أصول فلسطينيّة، ولكنهما لم تولدا، ولم تترعرعا في المنطقة العربية، فمفاهيمهما أميركيّة مئة في المئة.
ألا يزعجك وزنك أحياناً، وعذرا على السؤال المحرج؟
بلى، خاصة بعد جائحة كورونا، إذ ازداد وزني 22 كيلوغراماً. ولكنّني حالياً أنتبه إلى أكلي، من دون أن أحرم نفسي من شيء. آكل بكميّات قليلة، وأحاول أن آكل دائماً في المنزل. أريد استعادة وزني السابق.
عمرك 22 سنة. أنت تعلمين أنّ هذه المهنة مداها قصير... فماذا ستفعلين عندها؟
في العالم العربي، مهنة المانيكان الممتلئة تدوم أكثر من غيرها. السوق مليئة بالمقاسات الصغيرة على عكس المقاسات الكبيرة، حتى في الخارج الأمر كذلك، آشلي غراهام توقّفت بعمر 36 سنة.
نعم، إنّه عالم موبوء من دون شكّ؛ السمكة الكبيرة تأكل الصغيرة من دون رحمة، وأنا أصفه بعالم الحيتان. المخدرات، خصوصاً الكوكايين، تدور بكثرة. هو هروب من الواقع. الكثير من الذين يعملون في الموضة يشعرون بعدم الأمان وعدم الثقة بالنفس لذا يتعاطونه.
العارضات يتنناولنه لقطع الشهيّة....
هذا صحيح يبدأن بأخذه قبل أسابيع الموضة بأسبوعين لقطع الشهيّة وعدم التدخين. لذلك نرى وجوههنّ مخيفة وراء الكواليس، البعض يبكين أثناء التمرين، أو يتقيّأن. 99 بالمئة من العارضات يتعاطينه، هنّ مستعدات لأيّ شيء بغية الوصول الى الشهرة طالما الناس لاتعرف بهذا الأمر. بالنسبة لي هذا ليس جوهر الموضة ولا هدفها ولا جمالها! أنا أرفض التعاطي قطعياً.
وهناك انتحارات رغم الشهرة، لماذا برأيك؟
بسبب الصحافة الأجنبيّة التي تملك حرّية التعبير والانتقاد على حساب مشاعر الآخرين بعكس الإعلام في الدول العربيّة الذي لاينتقّد ولا يجرّح ربما لأنّه لايملك حريّة التعبير.
هل تعرّضت للانتقاد شخصياً؟
نعم مرّتان، ولكن ليس من قبل الصحافة، الأولى حين لم يؤمن بي أهلي وخاصة أبي وأصدقائي يوم نويت مزاولة مهنة المانيكان. والمرّة الثانية حين أدخلوا الدين في مهنتي، فانتقدوني لأنيّ أمارس مهنة غير محترمة ومعيبة في الإسلام. أنا مسلمة ومؤمنة ولكن لا أحد يدخل بيني وبين ربّي. كل إنسان يمارس دينه حسب مفهومه.