تصف عارضة الأزياء بالوما إلسيسر اليوم الذي صورتها فيه آني ليبوفيتز لغلاف مجلة "فوغ"، لعدد كانون الثاني 2021 بـ"السريالي"، قائلة: "أقوم بتصوير غلاف فوغ كامرأة ممتلئة، قصيرة القامة، متعددة الأعراق لم تتخيل أبدًا أن هذا سيكون واقعها". ومثّل هذا انتصارًا ليس فقط لإلسيسر.
ولسنوات عديدة، كان يفترض بمن يتصدر غلاف مجلة "فوغ" أن يتمتع بمواصفات معينة. وحين اختارت المجلة إحدى أقطاب وسائل الإعلام المحبوبة أوبرا وينفري، الداكنة البشرة، لغلافها في تشرين الأول عام 1998، نُقِل على لسان رئيسة التحرير آنا وينتور اقتراحها بأن تخسر وينفري 20 رطلاً من وزنها، قبل التصوير.
وهذا الأمر لم يكن حكرًا على مجلة "فوغ" وحدها. فإلسيسر، الفتاة الممتلئة، المولودة في العاصمة البريطانية لندن لأم أميركية من أصل أفريقي وأب تشيلي سويسري، لن تنسى حادثة أبكتها في العاصمة الفرنسية باريس.
وكانت حينها تبلغ الـ22 من عمرها في عام 2015، برفقة فنانة المكياج بات ماكغراث، التي وقعت مع إلسيسر للترويج لظلال عيونها الأولى. وذات يوم، وجدت العارضة نفسها وراء كواليس العلامة التجارية لانفين. وكانت إلسيسر التي وصفت نفسها مرة مع العلامة التجارية "سوبريم" بأنها "صبيانية"، تشارك للمرة الأولى بعرض في باريس. وتلاشت حماستها ما أن شاهدت العارضات: فغالبيتهن من البشرة البيضاء وجميعهنّ نحيفات. ورغم أن إلسيسر جميلة، وتتميز بعيون بنية دافئة، وابتسامة مشرقة. لكن ما رأته أحبطها، وجعلها تبكي.
وتتذكر أنها قالت إنه "ليس مفترضًا أن أكون هنا. أنا لا أشبه أيًا من هذه العارضات هنا". وتابعت: "أضحك على من؟ أنا لست عارضة نموذجية".
لكن.. كيف تغيرت الأمور اليوم، بحيث أصبحت إلسيسر إحدى أكثر ملهمات الموضة رواجًا؟ وحاليًا، هي في الثلاثين من عمرها، وسارت على مدرجات العلامات التجارية الأوروبية الفاخرة بدءًا من "فندي" وصولًا إلى إلى "كلويه"، فضلًا عن أنها شاركت بأربعة عروض للعلامة التجارية "لانفين"، وظهرت بحملات إعلانية كبيرة لـ"مارك جاكوبس"، و"كوتش"، و"إتش آند إم"، حتى "فيكتوريا سيكريت"، التي اشتهرت بمعايير جمالية أحادية البعد، تعاونت مع إلسيسر.
ومع التحولات التي يختبرها المجتمع، وخروج الموضة "من العصور المظلمة"، حين كافحت عارضات الأزياء الأكبر حجمًا بغية الحصول على الوظائف والأجور المتساوية، يزداد الطلب على النساء اللواتي يتمتّعن بحجم زائد، بحسب بيكا ثورب، وكيلة "Next Models". وكذلك الأسعار التي يمكنهنّ تحديدها. وتُوضح تريانا لورانس، مديرة اختيار العملاء لدى "Cast Partner" أنّ "الزبائن يدفعون أجرًا مساويًا للعارضات التقليديات أو حتى أعلى".
وتُعتبر العارضات ذات المقاس الزائد، أي أن مقاسهنّ أكبر من 4 في آخر صيحات الموضة، وأكبر من مقاس 12 للسوق الشامل، عملًا تجاريًا مربحًا. وفي هذا الصدد يقول المصمم كارلوس نازاريو: "بمجرد أن رأت الوكالات أن هناك طريقًا حقيقيًا للنجاح بالنسبة لفتاة مثل بالوما، بدأت بتوقيع المزيد من العقود مع أخريات".
ومع تحول المجتمع، تغيرت الموضة. وفي عام 2017، عينت مجلة "فوغ" البريطانية المصمم الأسود والصحافي إدوارد إنينفول رئيس تحرير لها. وعام 2018، وظفت العلامة التجارية "لوي فويتون" المصمم الأميركي من أصل أفريقي فيرجيل أبلوه كمدير فني للملابس الرجالية. وبدأت مدارج ومجلات الموضة بإبراز مجموعة أكبر من الشخصيات.
وإلسيسر لا تُعتبر مجرد عارضة أزياء وشهرتها غير متأتية من شكلها فقط. ففي حين أن غالبية العارضات لا يتفاعلن عند التصوير، بما يتوافق مع الرؤية التي وضعها بقية الفريق الإبداعي، تلعب إلسيسر دورًا أكثر نشاطًا في جلسات التصوير، وتطلق على المصورين والمصممين الذين تعمل معهم اسم "المتعاونين".
وقالت مصممة الأزياء التي تشهد شهرة سريعة نانسي دوجوكا إنّ "بالوما تتوقع أن يقوم المصممون الذين تدعمهم بالإنتاج والبيع لأشخاص بحجمها إذا أرادت إضفاء صورتها القوية على علامتهم التجارية". وها هي تصمم بعد تعاونها مع إلسيسر، مقاسات أكبر من الملابس لأول مرة.