دخل الذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات والصناعات الإبداعية حتى وصل إلى عالم الأزياء والموضة، وبات قادراً على مساعدة شركات الأزياء في رفع إنتاجيّتها، وعلى وصولها إلى الأسواق بشكل أسرع، وتقديم خدمة عملاء أفضل.
في شهر شباط من العام الجاري، وخلال أسبوع الموضة الذي أقيم في لندن، عُرضت مجموعة من الأزياء التي تمّ إنتاجها بوساطة الذكاء الاصطناعي. تفاءل المطلعون في عالم الأزياء بشأن ما يمكن أن تقدّمه التكنولوجيا هذه للقطاع، بدءاً من التنوّع في التصاميم إلى تقصير مسار الإنتاج، من الشركة إلى المتجر.
لذا، سيثبت أن الذكاء الاصطناعي "أداة مفيدة للغاية" للعمليات الإبداعية ولعالم الأزياء ككلّ، يقول رئيس وكالة الابتكار في كلية لندن للأزياء، ماثيو درينكووتر، في إحدى التصريحات الإعلامية. فقد فتحت التقنية الباب أمام مسارات غير تقليدية في صناعة الأزياء للأشخاص الذين لم يتمكّنوا من الدخول فيها من قبل.
إدارة الإمدادات
من خلال الذكاء الاصطناعيّ، يُمكن للشركات اتّخاذ قرارات أكثر استباقيّة واستشرافيّة بشأن ما يجب تخزينه ومتى. ويمكن أن يساعد ذلك في تقليل الهدر وتحسين رضا العملاء وزيادة الأرباح. وتستخدم علامات تجارية مثل Heliot Emil وZara وH&M الذكاء الاصطناعي للتحكم بسلاسل التوريد، معتبرين أنّها تعزّز الاستدامة.
تصميم
تستخدم العلامات التجارية بمعظمها الذكاء الاصطناعي لمساعدتها في عمليات التصميم، من خلال تصوّر الموادّ والأنماط المختلفة لصور الملابس التي يتم إنشاؤها. فمن خلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تتنبأ بالاتجاهات وتحلّل تفضيلات العملاء، يمكن لشركات الأزياء إنشاء تصاميم من المرجّح أن تحظى بشعبية كبيرة في السوق المستهدفة، وتقلّل مخاطر إنتاج تصاميم غير مرغوبة في البيع.
مثلاً، استفادت المصمّمة إيريس فان هيربن من الذكاء الاصطناعي لإنشاء ملابس تفوق الخيال، في دلالة على كيفيّة مشاركة الذكاء الاصطناعي في الإبداع، وعلى ترجمة رؤية المصمّم إلى فنّ ملموس.
تسويق
باستخدام أدوات التسويق المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمكن للشركات تحليل البيانات لتحديد أفضل استراتيجيّات التسويق واستهداف العملاء المناسبين، ممّا يوفّر الوقت والمال ويساعد الشركات على التفوّق على المنافسين من خلال تحديد الاتجاهات الجديدة والأسواق الناشئة.
وتوقعت شركة "ماكينزي" الاستشارية أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يضيف ما بين 150 إلى 275 مليار دولار إلى الأرباح التشغيلية لأزياء القطاعات الفاخرة، خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة. فبخلقه مساحة جديدة للإبداع، يمكنه إدخال جميع أشكال البيانات، النص الخام، الصور والفيديو، وإخراجها بأشكال جديدة من الوسائط.
وبينما يرى كبير مسؤولي البيانات والتحليلات السابق في شركة H&M، وكبير مستشاري الذكاء الاصطناعي لشركة الاستشارات BCG الحالي، آرتي زيغامي، أنه يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي كقوة لصالح الموضة، تشير رئيسة دائرة الذكاء الاصطناعي في TUC، ماري تاورز، إلى أنّ الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مساعدة مفيدة للعاملين في القطاع الإبداعي، لكن لا ينبغي أن يحلّ محل الإبداع البشري.
تجربة المبيعات والمستهلك
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد موظفي خدمة العملاء على الاستعانة بمصادر خارجية للاستفسارات المعقدة، كبرامج الدردشة الآلية متعددة اللغات، لتقليل أوقات الانتظار.
وبحسب "ماكينزي"، يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يقدّم خدمة للعلامات التجارية الفاخرة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بـ"التعامل مع العملاء"، في إطار استراتيجية البيع بالتجزئة. في هذا الإطار، يقوم شركاء المبيعات بتطوير علاقات طويلة الأمد مع عملاء العلامة التجارية الأكثر إنفاقاً لتشجيع عمليات الشراء وتحسين الولاء للعلامة التجارية، إذ يمكن للعلامات التجارية الراقية أن تحقق معدل تحويل مبيعات يتراوح ما بين 60 إلى 70 في المئة في المتاجر الفاخرة، من خلال التسوّق في موعد محدد فقط. فهذه الأدوات تقدّم التوصيات حول التصميم بعد مغادرة المتسوّق المتجر، وتدرّب شركاء المبيعات على كيفيّة التفاعل مع العملاء، وتخصص الاتصالات لعملاء محدّدين، وتحلّل ملفات تعريف المستهلكين والتفاعل في الوقت الفعلي عبر الإنترنت.
في تموز 2022، جرّبت شركة بيع الملابس بالتجزئة Stitch Fix مولد الذكاء الاصطناعي لتحويل النص إلى صورة، لتعزيز المبيعات وتحسين رضا العملاء، من خلال خدمات تصميم أفضل. يمكن لأداة الذكاء الاصطناعي تحليل جميع تعليقات العميل، التي يمكن أن تشمل مئات التعليقات النصية، وطلبات البريد الإلكتروني، وتقييمات المنتج، والمشاركات عبر الإنترنت.
كذلك، تتيح شركة Veesual تجربة التكامل التجريبي الافتراضي لعلامات الأزياء التجارية الإلكترونية، مما يعني أنه يمكن للعملاء اختيار النمط الخاص بهم واختيار الملابس لتجربتها.
استدامة في الموضة عبر الذكاء الاصطناعي
الاستدامة ليست مجرد اتجاه بل ضرورة. ومن خلال استخدام الذكاء الاصطناعي، تقلل العلامات التجارية من الإفراط في الإنتاج، وهي مشكلة مهمة تساهم في الهدر في صناعة الأزياء. وقد تعاونت علامة "ستيلا مكارتني" الرائدة في مجال الأزياء المستدامة، مع فريق الذكاء الاصطناعي في Google لتطوير أداة يمكنها تحليل تأثير المواد الخام المختلفة، مما يساعد في اتخاذ خيارات أكثر وعياً بالبيئة.