بـ"الآيس كريم" نقاوم حر الصيف والإحباط والحزن، إن كنا صغاراً أو كباراً. إنه ذاك الطعم السكري المثلج، المنكّه بالفاكهة، يزرع فينا جميعاً شعوراً محبباً بالانتعاش.
ربما يكون "الآيس كريم" قاسماً مشتركاً في تلبية الأذواق مهما اختلفت، فهو يأتي بنكهات كثيرة، وبوصفات تتراوح بين التقليدي والعصري، وبينها نكهات صارت "ترندات" في مواقع التواصل الاجتماعي.
قد لا نعرف منشأ "الآيس كريم" ولا هوية أول من صنعها، لكننا نحفظ عن ظهر قلب أسماءها كلها: إنها الـ "جيلاتو" في إيطاليا، و الـ "هيلادو" في الأرجنتين، والـ "سباغيتي" في ألمانيا، والـ "باغوتو" في اليونان، والـ "داندرمه" في تركيا... وهي الـ "بوظة" في لبنان.
يقول ألكساندر بشير، حفيد مؤسس "بوظة بشير" الذي افتتح منذ 88 عاماً، لـ "النهار" إن البوظة في لبنان صنّعت في البداية في جبل صنين، الذي كان الثلج يتوج قممه حتى في فصل الصيف. فأعلى قمم صنين ترتفع 2695 متراً عن سطح البحر.
حتى اليوم، حين تثلج في أعالي الجبال اللبنانية، يلتقط السكان هناك رذاذ الثلج النقي الناصع، ويصبونه في أكواب صغيرة، ويضيفون إليه دبس العنب التقليدي، أو عصير البرتقال، ويتناولونه حين يجمد تماماً. وفي بعض القرى، ما زالوا يسمون هذا النوع من المثلجات التقليدية "يقسمة" أو بقسمة"، وهي التسمية التي تعود، بحسب الروايات المتواترة، إلى أواخر القرن التاسع عشر.
تقليديّ وحديث
بدأ "الجد بشير" يحضّر البوظة يدوياً في عام 1936، بالوصفة الآتية: "يوضع الثلج داخل قالب خشبي مع الملح لخفض حرارته إلى ما تحت الصفر. وفي وعاء نحاسي، يضاف الحليب والسكر والسحلب مع الثلج، وتضرب المكونات بمضرب خشبي ساعة كاملة". ومع تعاقب الأجيال، توقّفت هذه العملية اليدوية، "وأتينا بالآلات الحديثة إلى لبنان"، كما يقول ألكساندر، مؤكداً أن بوظة القشطة التي تعرف بها "بوظة بشير" تحتوي على الحليب والسكر والسحلب والمسكة وماء الورد فقط.
في المقابل، اعتمد أصحاب متاجر أخرى طرقاً أحدث في صنع المثلجات، وبين هؤلاء الشيف اللبناني أحمد تميم، صاحب محل "Swirly" في بيروت، الذي يقدّم لـ"النهار" وصفته الخاصة. يقول: "نضع "الآيس كريم" الإيطالية في آلة خاصة مع أي نوع من الشوكولاتة أو رقائق الذرة أو الفواكه، ثم نخلطها جيداً لنحصل على مثلجات بنكهات ممزوجة، تلبي رغبات العملاء"، مؤكداً أن "الآيس كريم" في متجره تعدّ أمام العميل مباشرة، على درجة حرارة منخفضة جداً، "تصل إلى ما دون 200 درجة مئوية تحت الصفر".
قرّر تميم افتتاح متجره في موقع محطة وقود سابقة. يقول: "عملنا على مفهوم محطة الوقود، لكن بدلاً من أن تزود سيارتك بالوقود، تزود نفسك بالسعرات الحرارية".
الأكثر رواجاً في صيف 2024
يشارك العديد من عشاق "الآيس كريم" صيحاتها المبتكرة على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي جولة سريعة ومنعشة، نجد "الآيس كريم" الأكثر رواجاً هي "الآيس كريم الكورية"، المستوردة من كوريا الجنوبية، تأتي بنكهات المانغو والخوخ والحامض، والمميز فيها أنها تتخذ شكل الفاكهة نفسها.
وانتشر هذه النوع من المثلجات على نطاق واسع في الدول العربية والعالم، فأصبح "ترند" في مواقع التواصل، ويحرص صنّاع المحتوى على تجربته أمام الجمهور، وتقييمه لهم.
على شكل أفخاذ دجاج!
هذا من أغرب "ترندات الآيس كريم"... مثلجات تأتي على شكل أفخاذ دجاج مقرمشة ومقلية. تصدرت هذه الصيحة المثلجة مواقع التواصل، والجميل أنها تقدّم مع صلصة الشوكولاتة وكريمة الفستق... ففيهما يحلو تغميس "أفخاذ الأيس كريم" وقرمشتها.
المنزليّ ألذّ
شارك العديد من الطهاة عبر الـ"سوشيل ميديا" وصفاتهم للمثلجات المنزلية، أبرزها تلك التي تجهّز بالفواكه المجمدة... إنها سهلة وسريعة التحضير: توضع الفاكهة المجمدة في الخلاط، ويضاف إليها الحليب، والسكر (بحسب الرغبة). تضرب المكونات جيداً في الخلاط... ليبدأ بعدها الانتعاش.
ولكن!!
ربما تكون المثلجات ألذّ ما يتناوله المرء صيفاً، لكنّ الدراسات الصحية تصنفها في لائحة "غير صحّي". فكيف يمكن إدراجها ضمن نظام غذائي صحّي؟
السرّ في انتعاش من دون الشعور بالذنب هو الاستفادة ممّا تحتويه المثلجات من عناصر غذائية مهمة كالكالسيوم والفيتامينين "أ" و"د" وغيرها، من دون مراكمة ما فيها من دهون وسكّريات في خلايا الجسم.
لذلك، لا ينبغي الاعتماد على "الآيس كريم" للحصول على الجرعة اليومية من الانتعاش الصيفي، إنما هو تناولها باعتدال... أو استبدال الحليب والقشطة في صناعتها منزلياً باللبن الزبادي غير المحلّى وقليل الدسم. حينها، المتعة كلها بلا تردد!