رانيا صفا
*زوجة الشهيد محمد صفا
خسرت زوجي المحاسب في جريدة "النهار" محمد صفا، في الخامس عشر من آب 2013، في الانفجار الإرهابي الذي ضرب منطقة الرويس في الضاحية الجنوبية لبيروت. استشهد محمد، تاركاً طفلتينا اللتين كانتا تنتظران عودته. وبعد مرور أكثر من سبع سنوات، ما زلت متمسّكة بلبنان، الوطن الذي نحبّه بقدر ما يجرحنا.
عقب وفاة محمد، أُصبتُ بإحباط بالغ، وشعرتُ باليأس في بلدٍ يعرّضنا كلّ لحظة لمأساة مماثلة. كانت صدمة غير متوقّعة، ولم أستطع رؤية جثمان زوجي لفظاعة ما حدث.
ثمّة شعور بالحبّ تجاه لبنان يعتريني كلّما فكرت بالهجرة، بالرغم من "هزّات البدن" المتكرّرة. قبل وفاته، رفض محمد الهجرة إلى أميركا حيث يعيش شقيقه، وأرفض بدوري الابتعاد عن عائلتي وإبعاد طفلتَيّ عن وطنهنّ وعن أقربائهنّ. نعيش اليوم في بلد غير آمن قتلَ محمد، ونرفض الرحيل. في نفسي مزيجٌ من العاطفة لبيروت رغم الألم والدمار، وحبٌّ للبنان الذي قدّم شهداءٌ حياتَهم لأجله، وإيمانٌ عظيم بالله وبقضائه وحكمته. أسلّم بمشيئة رب العالمين، هكذا أراد.
أعيش الانهيار اللبناني التام، مع جرعة ألم إضافية. تمسَّكْنا بوطننا بالرغم من رداءة الوضع وشعورنا الدائم بالقهر منه عليه. أرسلت ابنتيّ إلى مدرسة ذي طابع مسيحي، وأسعى اليوم لإبعادهما عن الفكر الموحّد المنغلق والنمطي، وتعزيز حبّ التعدّدية وتقبّلها وتقبّل الاختلافات في نفسيهما، ثمّ، ماذا يميّز لبنان غير تناقضاته والاختلاف؟