النهار

أن يحقنَ الأستاذ الأمل...
A+   A-
محمد خير حسن - أستاذ ومُربٍّ 
 
لبنان مخلوق جميل، لكنه سيّئ الحظّ. ابتلاه الله بسلسلة من الأزمات الصحّية العنيفة شهدتها بنفسي، منذ عام 1958 مروراً بالحرب الأهلية عام 1975 والاجتياح الإسرائيلي في 1982، واستمرّت حالته تسوء حتى عام 1990، حين عاد بعض الأمل بالشفاء مع اتفاق الطائف. 
 
لكنّ هذا المخلوق اللطيف عادت إليه النكسات واشتدّت في الأعوام 2005 و2006 و2008، إلى أن ساءت حالته الآن وراح في غيبوبة عميقة لا يعلم إلّا الله متى تنتهي. 
 
وهنا تتبادر إلى ذهني صور من مسيرتي التعليمية طوال خمس وأربعين سنة. وتذكرت العديد من طلّابي، الذين كانوا في نظر بعض زملائي المدرّسين لا يصلحون إلّا لبيع البقدونس والبطيخ. 
 
وكانوا يصدمونهم بأقسى الصفات من الغباء، وانعدام الأمل في أن تكون لهم الحظوظ في التحصيل العلمي الثانوي أو الجامعي. 
 
كان هؤلاء الطلاب على حافة اليأس والإحباط، وكاد بعضهم أن يهجر مقعده الدراسي هرباً من واقعه الميؤوس. 
 
وهنا أعود إلى تلك الأوقات التي كنت أتلقّف فيها أولئك الطلاب بحقن من الأمل، إذ كنت أُقدم على منحهم بعض العلامات في مادّتي، كانت كافية لإعادة الروح إليهم ومن ثم ترفيعهم إلى صفوف أعلى. 
 
كان إيماني بقدراتهم الحقيقية كافياً لإيصالهم إلى الجامعات. وصدّقوني بأنّ العديد منهم تفوّق جامعياً ومهنياً ولا يزال. 
 
 
لبنان الآن طالب ميؤوس منه في نظر الكثيرين. لكنّه يحتاج إلى جرعات من الأمل، وإلى إيمان أبنائه بقدرته على الشفاء والصحو من غيبوبته ليعود ويحلّق من جديد في مجالات التقدّم والازدهار... فلا تفقدوا الأمل بالله وبلبنان الحلو من جديد. 

اقرأ في النهار Premium