النهار

لبنان ليس فندقاً... وفيه باقون
A+   A-
لا شك أن ما نمر به في لبنان من أصعب اللحظات التي عشتها منذ طفولتي حين فتحت عيني على مشاهد الدمار والقذائف التي كانت تتساقط في محيط منزلنا. فالدمار الذي شاهدته في الحرب كلها، لا يقارن بالدمار الذي خلفته جريمة العصر في انفجار مرفأ بيروت، يوم عيد ميلادي، في 4 آب، حيث كُتب لي وللآلاف عمر جديد، نحاول أن نستغله حتى اللحظة الأخيرة. لم أتذكر يوماً أننا عشنا أوقاتاً طويلة بسلام من دون أزمات سياسية واجتماعية ومالية. حاولت مرات عدة أن أخرج من البلد، كي أعمل في الخارج، وأعيش بعيداً عن هذا الواقع. لكن الظروف كانت تعيدني مجدداً إلى لبنان. الله يريدني هنا، ولا أخفي مدى حبي للبنان، هو قضية انتماء ولا يمكن أن أكون بعيداً عنه. أعترف أني أشتاق حتى إلى أزماته، التي علمتنا قدرة الصبر والصمود. بالنسبة لي لبنان ليس فندقاً، كما كان يقول المعلم غسان تويني، أعيش فيه عندما لا يكون فيه مشاكل وأستفيد من خدماته، وعندما تحصل الأزمات، أغادره إلى وجهة ثانية. عندما أخذت قراراً بتأسيس عائلة في لبنان والبقاء هنا، كنت على يقين من أن هذه الطريق لن تكون سهلة بل مليئة بالصعاب. أعترف أنني خفت كثيراً بعد انفجار المرفأ، خفت على عائلتي وعلى كل من أحبهم، وخسرت الكثير منهم في هذه الجريمة. علاقتي بلبنان الذي ينزف، أبدية سرمدية، زواج أبدي، في السرّاء والضرّاء.  

اقرأ في النهار Premium