النهار

من الحبّ ما قتل
A+   A-
من الحبّ ما قتل .
 
نعرف هذه العبارة ونردّدها، لكنّها أصبحت واقعاً.
 
حبّ لبنان قتلنا ويقتلنا ...
 
هذا الحبّ أخذ أغلى مَن لدينا. أخذ جبران تويني والكثيرين الذين استشهدوا. 
 
هذا الحبّ أخذ ابتسامة غسان تويني الذي رحل مجروحاً بعد كلّ التضحيات والعطاء وكلّ ما وهبه للوطن. 
 
وأخذ هذا الحبّ أجمل سنين حياتنا، فبتنا نسير بين الألغام، من حروب إسرائيل، إلى الانفجارات والإشكالات، حتى باتت معظم أيامنا مليئة بالخوف والقلق والإرهاق. 
 
هذا الحبّ يجعلنا نأكل ونتنفّس ونعيش في بيئة غير ملائمة لنا ولأولادنا، ونحن نعلم ذلك وندرك الخطر. 
 
هذا الحبّ يجعلنا نخسر كلّ ما كان متبقياً لنا، خصوصاً بعد مأساة 4 آب، إحدى أفدح جرائم التاريخ، التي جعلتنا نخسر أصدقاءنا وأحبّاءنا، ومنازلنا، وصحّتنا النفسية، وأحلامنا، بعدما دمّرت عاصمتنا. 
 
هذا الحبّ يجعلنا نخسر كلّ ما نملك. ففي غضون 24 ساعة، تبخّرت كلّ مدخرتنا في المصرف!
 
هذا الحبّ قاتل. قاتل. قاتل. 
 
وبرغم كلّ ذلك، نحبّ لبنان. نحبّ كلّ ما فيه، ونحب أن نغيّر كلّ ما يجب تغييره كي يكفّ يوماً عن قتلنا. 
 
هذا الحبّ لا يُفسَّر، بخاصة عندما يصبح الرحيل متاحاً فيقرّر المرء أن يبقى. أي أنّه يختار البقاء برغم كلّ الوجع، لأنّه فقط يحبّ هذه الأرض، من دون منطق، من دون شروط، ومن دون عقل. يختار البقاء لأنّه ينتمي إلى هذه الطبيعة ويحبّها، هي التي مهما حاول البعض تشويهها ستبقى الأجمل والأروع. 
 
ولعلّ أبناء هذا الوطن قدّموا له الكثير ليكون الأفضل، لكنّ بعض ناسه وحكّامه دمّروه مرّات ومرّات.
 
ولذلك، وبرغم الدمار والوجع وفقدان الأمل، ينتصر الحب دائماً. وحبّ لبنان ليس خياراً، بل هو شعور أقوى من كلّ شعور آخر. حبّ بتنا نكرهه ونتمنّى لو يغادرنا لنتخلّص من مشاكلنا، لكنه قويّ، مَرَّ باختبارات كثيرة، وبقي الأقوى. 
 
أكره هذا الحب وأريد التخلّص منه. لكنّني أكيدة من أنّني لن أتمكّن، لأنّه يصبح أكبر وأكبر مع الوقت. وهذا من سوء الحظ.
 
علّمتني الحياة أنّ الحب أقوى من كلّ شيء. أقوى من الوجع. أقوى من الموت. أقوى من الخوف. أقوى من الظلمة. الحبّ ينتصر ولا يُهزَم. هكذا هو حبي لكَ يا لبنان. 
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium