حازم صاغية- كاتب
على عكس ما تقوله الأغاني والأناشيد، ليس الوطن مقدّساً، هذا إن كان هناك ما هو مقدّس أصلاً. فهو يستحقّ التكريم بقدر ما يكون المواطن مُكرّماً وحرّاً فيه. والمواطن اللبنانيّ اليوم ليس حرّاً ولا مُكرّماً. هكذا يُجعل الوطن بيتاً للطاعة يؤدّيها الطرف الأضعف، وفي عداده المقتولون، للطرف الأقوى، وفي عداده القَتَلة.
وإلى ضفّتي الضعف والقوّة، تنقسم المعاني الكثيرة التي من دون وحدتها لا يكون اجتماع وطنيّ ولا يكون وطن أو وطنيّة، بحيث غدا الحديث عن شعبين على الأقلّ وصفاً أشدّ ملاءمة للموصوف.
وكان يمكن لهذا التباعد، الذي بات يطال خيارات تتعدّى السياسة، أن ينضبط في تعدّديّة بالغة الرخاوة تبحث عن أشكالها السياسيّة والدستوريّة. لكنّ مسألة السلاح والقتل تجعل المساكنة شبه مستحيلة، خصوصاً أنّ استجابة المسلّحين للأوامر الإقليميّة مطلقة فيما هذه الأوامر تتطلّب القتلَ بلا توقّف ومن غير رحمة.
ولئن مال الإنشاء إلى ربط الوطن بالماضي وافتراضه آتياً من جذور راسخة وأصول قويّة، فأغلب الظنّ أنّ الوطن مهمّة للمستقبل – مهمّة قد ينجح فيها أبناء الوطن وقد يفشلون. ونحن آن الأوان لأن نعترف، بعد قرن على تأسيس "لبنان الكبير"، أنّنا فشلنا في هذه المهمّة، وأنّنا، منذ 1975 على الأقلّ، نسهر الليالي الطويلة في غرفة العناية الفائقة حول هذا الوطن المريض. لكنْ، بسبب السلاح والقتل، وخصوصاً بعد فشل الثورة التي كانت آخر محاولات العلاج، أضحت حظوظ الموت أرفع كثيراً من فرص النجاة.
هكذا، ولمصلحة الجميع، ربّما بات التفكير في بدائل أخرى التفكيرَ الوحيد العاقل.