النهار

صـفحات مكرّسـة لـحمايــة الصحافيين
تعبيرية.
A+   A-
مع المشهد السياسي والعسكري الذي شهده العام 2023، يُقابل السعي النبيل لمعرفة الحقيقة بإحصائية قاتمة. فقد قُتل أكثر من ١٢٠ صحافياً وسُجن منهم أكثر من ٤٠٠ فرد. يعد هذا العام هو الأكثر دموية في ما يتعلق بالعمل الصحافي، فقد تجاوز عدد الضحايا مجموع الصحافيين الذين قتلوا خلال الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام.

أضحت الصحافة مهنة خطيرة ويواجه الصحافيون في معظم الجبهات واقعاً قاسياً يتمثل في إسكات أصواتهم وتهديد أرواحهم. هذا السيناريو الدموي عايشته «النهار» مراراً وتكراراً، وتم اغتيال رئيس تحريرها جبران تويني، كذلك الصحافي سمير قصير، لالتزامهما بالكشف عن كل الحقائق المتعلقة بلبنان، وتحولهما إلى رمزٍ لا يتزعزع يُمثل التفاني والالتزام في واجب نقل الحقيقة.

وعلى الرغم من القوانين الدولية المفترضة التي تهدف إلى حماية الصحافيين، إلا أن المفارقة تكمن في أن أكثر الذين لقوا حتفهم كانوا يرتدون خوذات وسترات الصحافة، وهذا تذكير صارخ بأن حراس الحقيقة هؤلاء يجدون أنفسهم دائمًا في مواقف غالباً ما تعرّض حيواتهم للخطر.

وبينما تؤكد اتفاقيات جنيف على ضرورة معاملة الصحافيين تماماً كالمدنيين الذين يواجهون خطر الحرب، ويدين قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1738 الهجمات ضد الصحافيين، إلا أن هذه الوثائق لا تحظّر صراحة مثل هذه الأفعال أو تعاملها على أنها جرائم حرب يجب محاكمتها في المحاكم الدولية. وفي خضم التهديدات المتصاعدة التي يواجهها الصحافيون،

تزداد الحاجة إلى وضع إطار قانوني شامل يجرّم أي عمل يهدف إلى قمع أصواتهم. استجابة لهذه الأزمة، نقدم عبر جريدتنا دليلاً يُعنى بسلامة الصحافيين وحماية أولئك الذين يستخدمون أقلامهم وعدساتهم للكشف عن الحقيقة. لقد تم تصميم هذا الدليل للتعامل مع المخاطر التي يواجهها الوسط الإعلامي، وهو بمثابة أداة عملية ضد القوى التي تسعى إلى إطفاء شعلة الجرأة الصحافية.

كما نناشد الأفراد والمنظمات والدول أن يتحدوا لمناصرة هذه القضية من خلال التوقيع على عريضة تهدف إلى منح الصحافيين الحرية الكاملة والاعتراف بحقهم في العمل الآمن والدعوة إلى وضع قانون دولي يضمن حمايتهم. العريضة مرفقة بهذا العدد.

إن جوهر الديمقراطية يكمن في التدفق الحر للمعلومات، ويعمل الصحافيون كقنوات لهذا التدفق الأساسي. لتعزيز ركائز هذه الديمقراطية، لا بد من تحصين أولئك الذين يسعون بشجاعة في البحث عن الحقيقة، وهي مهمة كرست «النهار» نفسها للقيام بها منذ لحظة إطلاقها.



اقرأ في النهار Premium