يُثير مشروب جديد يتهافت عليه الأطفال في الولايات المتحدة بكثافة، منذ أن أطلقه عدد من مشاهير "يوتيوب"، قلق الخبراء نظراً إلى ما يحتويه من كمّيات عالية جدّاً من الكافيين.
أطلق نجما "يوتيوب" الشهيران الأميركي لوغان بول والبريطاني "كيه إس آي" مشروب "برايم" (Prime) عام 2022، ولم يكن أول صنف منه "برايم هايدريشن" (Prime Hydration) يحتوي على مادة الكافيين.
لكنّ صنفاً ثانياً أُطلِق هذه السنة هو "برايم إنرجي" (Prime Energy). وتحتوي عبوة واحدة من هذا المشروب على 200 ميلّيغرام من الكافيين، أي أكثر بكثير من الميلّيغرامات الثلاثين التي تحويها عبوة كوكاكولا، والثمانين ميليغراماً في عبوة "رِد بول".
يظهر نجما الإنترنت في مقطع فيديو وقت الإطلاق وهما يلعبان ألعاب الفيديو أو كرة الطاولة، في البداية ببطء شديد ومن دون حماسة، ثمّ بنشاط محموم بعد تناول المشروب.
مذّاك، تحفل شبكة "تيك توك" للتواصل الاجتماعي بمقاطع فيديو يظهر فيها أطفال وهم يحملون بفخر العبوات الشهيرة على وقع موسيقى، مع عبارة "حصلنا على برايم يا رفاق!" (we got Prime, boys).
إلّا أنّ خبراء الصحة ينبّهون إلى أنّ من غير المستحسن أن يستهلك الأطفال الكافيين.
تُشدّد الأكاديمية الأميركية للطبّ النفسي للأطفال والمراهقين على أنّ الأطفال دون 12 عاماً يجب ألّا يستهلكوا الكافيين إطلاقاً. أمّا بالنسبة إلى أولئك الذين تراوح أعمارهم بين 12 عاماً و18 عاماً، فيُنصَح بحدٍّ أقصى هو 100 ميلّيغرام يومياً، أي نصف عبوة من "برايم إنرجي". فبالإضافة إلى الأرق أو القلق أو الصداع، يمكن أن يتسبّب الإفراط في تناول الكافيين في تقيؤ الطفل أو ارتفاع ضغط الدم أو مشاكل في ضربات القلب، وفق الأكاديمية. وقد يكون البعض أكثر تأثّراً بهذه المادة من البعض الآخر.
استراتيجية التسويق
لاحظ السناتور الديموقراطي الواسع النفوذ تشاك شومر، والذي قرّر التصدّي لهذه القضية، أنّ "هذا المنتج يستهدف سوقاً فعلية واحدة هي الأطفال دون 18 عاماً"، إذ تتوافر من "برايم إنرجي" نكهات جذابة للصغار، ومن بينها البرتقال والمانغو والتوت البري والبطيخ وسواها.
PRIME Energy Drink has so much caffeine that it could endanger kids’ health.
But it's being marketed to kids!
Parents and pediatricians are worried.
The FDA must investigate PRIME for its absurd caffeine content and its marketing targeting kids on social media. https://t.co/8f8Udp3dZu
في تصريح هذا الأسبوع، قال شومر إنّ مستويات الكافيين في هذا المشروب "كبيرة جدّاً بالنسبة إلى جسم الطفل". ولاحظ في بيان أنّه "انتشر لأنّه أصبح رمزاً للمكانة الاجتماعية المتأثّرة بالشبكات الاجتماعية، والتي يحاول الأطفال تقليدها بأيّ ثمن".
وجّه السناتور كتاباً إلى رئيس وكالة الأدوية الأميركية المسؤولة أيضاً عن المعايير الصحية للأغذية، على ما ذكر، طالب فيه بإجراء تحقيق في شأن مستويات الكافيين الموجودة وفي استراتيجية التسويق المعتمدة.
من جانبها، ردّت الوكالة هذا الأسبوع مؤكّدة أنّها تدرس "أسباب القلق" التي أثارها السيناتور، وأنّها ستردّ عليه مباشرةً.
بدوره، دعا ناطق باسم إدارة الغذاء والدواء "الأفراد المسؤولين والعائلات" إلى قراءة ملصق المنتج قبل إعطائه لأطفالهم"؛ فقد وردت على العبوة عبارة خجولة تكاد لا تظهر، مفادها أنّ من غير المستحبّ أن يتناول المشروب من تقلّ أعمارهم عن 18 عاماً.
في الإطار، ذكّرت إدارة الغذاء والدواء، والتي سبق أن أصدرت تحذيرات في الماضي ضدّ عدد من الشركات التي تسوق المشروبات الكحولية وتلك التي تحتوي على الكافيين، بأنّ في إمكان البالغين عموماً استهلاك ما يصل إلى 400 ميلّيغرام من الكافيين يومياً من دون آثار ضارّة، أي من أربعة إلى خمسة فناجين من القهوة.
سوق مربحة
ردّ نجم "يوتيوب" لوغان بول جزئيّاً على الجدل بواسطة مقطع فيديو نُشر الخميس على وسائل التواصل الاجتماعي. وأعرب عن استهجانه التقارير الإعلامية التي تفيد بأنّ كندا سحبت من السوق عبوات "برايم إنرجي"، في حين أنّ الإجراء كان في الواقع يستهدف الواردات غير القانونية، إذ أنّ منتجات الشركة لا توزَّع رسمياً هناك.
في الفيديو، أكّد بول أنّ "برايم" يتماشى مع القواعد التي وضعتها الهيئات التنظيمية في كلّ دولة"، ولم يستغرب أن يكون مُنتَجه مستهدفاً "من التكتّلات الكبيرة وحتى الحكومة الأميركية (...) لأنّنا باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أطلقنا مشروباً مبتكراً جدّاً، ينتزع حصص السوق من كبرى الشركات على هذا الكوكب!".
تأتي أزمة "برايم"، في وقت تشهد سوق مشروبات الطاقة ازدهاراً ونمواً، وتمتلئ رفوف محال السوبرماركت الأميركية بالعلامات التجارية المختلفة. وقد بيعت من المشروب موضع الجدل، في سنته الأولى، منتجات بقيمة 250 مليون دولار، على ما قال لوغان بول في وقت سابق في مقابلة.