تتحوّل بعض القصص إلى بصيص أمل أمام المصابين بالمرض الخبيث، الذي يدبّ سرطاناً في الأجساد الهشّة، فتشكّل ذخيرة نفسيّة للّذين يُناضلون على طريق الاستشفاء الطويل.
خبر العلاج الثوريّ الجيني الجديد لسرطان الدم بعث الأمل في نفوس الكثيرين من الناس، سواء أكانوا من المرضى أم من الأهالي القلقين، وأسّس لمرحلة جديدة من العلاجات التي قد تغيّر الكثير من المسارات الاستشفائيّة.
شُفيت أليسا الصغيرة (13 عاماً) من سرطان الدم أو اللوكيميا بعد حصولها على أول استخدام لعلاج ثوريّ، يُطلق عليه العلماءُ اسم "الهندسة الوراثيّة في تعديل الخلايا التائية"، بعد فشل المحاولات العلاجيّة الأخرى.
في تعليقها على التجربة، رأت أليسا أنّ التطوّع في العلاج التجريبيّ الجديد ضد السرطان سيساعد الآخرين، لذلك قالت "قرّرتُ المشاركة به. وبمجرّد القيام به سيعرف الناس ما عليهم فعله. بطريقةٍ أو بأخرى مشاركتي في هذا العلاج التجريبيّ سيساعد الناس في المستقبل"، حسب ما نشر موقع the national news .
ويؤكّد العلماء أنّه لولا هذا العلاج الذي جاء بعد العلاج الكيميائيّ وعمليّة زرع نقي العظم، الذي فشل في التخلّص من السرطان، لما كان أمام الفتاة سوى الرعاية التلطيفيّة.
في مستشفى "غرايت أورموند ستريت" للأطفال في لندن، تلقّت أليسا الخلايا التائية المعدّلة بعد سحبها من متطوع سليم وتعديلها لقتل الخلايا السرطانية من دون مهاجمة الخلايا الأخرى. وكان هذا الاستخدام هو الأوّل للهندسة الوراثيّة في تعديل الخلايا التائية لعلاج حالة أليسا التي كانت يائسة.
في العام 2021، شُخّص مرض أليسا أنه سرطان الدم الليمفاوي الحادّ في الخلايا التائيّة، أو ما يُعرف بابيضاض الدم الليمفاوي الحادّ. وبالرّغم من خضوعها للعلاج الكيميائيّ ولعمليّة زرع نقيّ العظم، عاودها السرطان من جديد.
نتيجة لذلك، أصبحت الفتاة أوّل مريضة تُشارك في التجربة السريرية المموّلة من مجلس البحوث الطبيّة، وتلقّت الخلايا التائية المعدّلة من متطوع سليم.
وصف الباحثون هذا التحوّل بأنّه تحوّل كيميائيّ لشيفرة الحمض النووي التي تحمل التعليمات تُجاه بروتين معيّن، ويتمثّل بإعطاء الخلايا التائية المعدّلة للمريض حتى تتمكّن بسرعة من العثور على الخلايا التائية وتدميرها، ومن ضمنها الخلايا السرطانية. ومن بعد ذلك، يُمكن للمريض إجراء عمليّة زرع نقيّ العظم لإعادة عمل الجهاز المناعيّ.
بعد 28 يوماً من تلقّيها العلاج التجريبيّ الجديد، خضعت أليسا إلى عمليّة زرع نقي العظم مرّة ثانية؛ وهي اليوم في منزلها تتعافى مع متابعة طبيّة مستمرّة.
بانتظار تقديم نتائج هذا البحث لأوّل مرّة في الاجتماع السنويّ للجمعية الأميركية لسرطان الدم في الولايات المتحدة، يعتبر عالم المناعة البروفيسور، وسيم قاسم، أحد قادة هذا المشروع العلاجيّ، أن هذه الهندسة "هي هندسة الخلايا الأكثر تطوّراً لدينا حتى الآن، وهي تمهّد الطريق لعلاجات جديدة أخرى، وفي نهاية المطاف مستقبل أفضل للأطفال المرضى".