برغم كل التحديات والصعوبات التي ما زالت تحول دون إيجاد علاج شافٍ للسرطان، إلا أن بارقة أمل قد تظهر في الأفق بعد أن كشف علماء بريطانيون نوعاً جديداً من علاج مرضى السرطان. ويرتكز هذا العلاج على فيروس يصيب الخلايا الضارة ويدمرها، وقد أظهرت نتائج واعدة في التجارب المبكرة.
فقد أوضح العلماء أن العلاج بهذا الفيروس أدى إلى اختفاء سرطان أحد المرضى، بينما رأى آخرون تقلّص أورامهم، وفق تقرير نشرته شبكة "بي بي سي" البريطانية.
وفي التفاصيل، يرتكز هذا العلاج على شكل ضعيف من فيروس قرحة البرد (herpes simplex) الذي تم تعديله لقتل الأورام. صحيح أنه ما زالت هناك حاجة لإجراء دراسات أكبر وأطول، لكن وفق الخبراء إن الحقن بهذا الفيروس قد يوفر في النهاية شريان حياة لمزيد من الأشخاص الذين يعانون من حالات متقدمة من السرطان.
كيف تعمل هذه الحقن؟
عند إعطاء الحقن مباشرة في الورم، يقوم الفيروس بمهاجمة السرطان بطريقتين: الأولى عن طريق غزو الخلايا السرطانية وجعلها تنفجر، والثانية عن طريق تنشيط جهاز المناعة.
وقد استخدم حوالي 40 مريضاً العلاج كجزء من تجربة. وأُعطي البعض حقنة الفيروس، التي تسمى RP2، بينما تلقى آخرون الحقنة بالإضافة إلى عقار آخر للسرطان - يسمى نيفولوماب.
وبحسب النتائج التي عُرضت في مؤتمر طبي في باريس:
* تقلصت الأورام لدى ثلاثة من كل تسعة مرضى عولجوا بحقنة RP2 فقط.
* سبعة من أصل 30 ممن اختبروا العلاج المشترك قد استفادوا وكانت الآثار الجانبية، مثل التعب، خفيفة بشكل عام.
قتل السرطان وتدميره
بدوره، قال البروفيسور كيفين هارينغتون، كبير الباحثين، إن استجابات العلاج التي شوهدت كانت "مثيرة للإعجاب" عبر مجموعة من السرطانات المتقدمة، بما في ذلك سرطان المريء ونوع نادر من سرطان العين.
كما أشار إلى أنه "من النادر رؤية مثل هذه المعدلات الجيدة للاستجابة في التجارب السريرية في المراحل المبكرة، إذ إن هدفها الأساسي هو اختبار سلامة العلاج، وهي تشمل مرضى مصابين بسرطانات متقدمة للغاية توقف معها مفعول العلاجات الحالية".
وختم بالقول "أنا متشوق لمعرفة ما إذا كنا سنستمر في رؤية الفوائد مع معالجة أعداد متزايدة من المرضى".
وهذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها العلماء فيروساً لمحاربة السرطان. فقبل بضع سنوات، أقرت السلطات الصحية في بريطانيا استخدام علاج قائم على فيروسات البرد، يسمى T-Vec.
ويقول هارينغتون إن RP2 يعدّ بمثابة نسخة معززة من T-Vec. لقد أُدخلت تعديلات أخرى على الفيروس بحيث إنه عندما يصل إلى الخلايا السرطانية فإنه يُعلن فعلياً وفاتها.
نتائج واعدة
في المقابل، رأت الدكتورة ماريان بيكر، من مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، "أن النتائج المشجعة قد تغير مسار علاج السرطان. اكتشف العلماء قبل 100 عام أن الفيروسات يمكن أن تساعد في علاج السرطان، لكن كان من الصعب الاستفادة منها بأمان وفعالية. إن العلاج الفيروسي الجديد يبدو واعداً في تجربة مبكرة على نطاق صغير، لذلك تكمن الحاجة إلى إجراء مزيد من الدراسات لمعرفة مدى نجاحه".
وأكدت أن "الأبحاث تشير إلى أن الجمع بين علاجات متعددة يعد استراتيجية قوية، وأن علاجات الفيروسات مثل هذا يمكن أن تصبح جزءاً من مجموعة أدواتنا للتغلب على السرطان".