يبدو أن شبح الكورونا لن يفارقنا بسهولة، هذا الفيروس الذي ما زال ينتشر ويحصد إصابات في مختلف أنحاء العالم، يترك آثاره في الجسم لأشهر، وقد يتسبّب بالإصابة بمشاكل صحية عديدة.
قد تكون خلاصة الدراسة العلمية الجديدة مخيبة للآمال لدى كثيرين، فعلى الرغم من أن حدّة الإصابات تراجعت بشكل ملحوظ نتيجة حملات التلقيح والإصابات الطبيعية، إلّا أنّ مخاطر الإصابة بالعدوى المتكررة قد يحمل مخاطر صحية غير متوقعة.
إذ أشارت دراسة هي الأولى من نوعها على مخاطر الإصابة بالعدوى المتكررة بكوفيد، إلى أنّ الإصابات المتكررة قد تزيد من فرصة الإصابة بمشاكل صحية جديدة ومستمرة في بعض الأحيان، وفق ما نشر موقع CNN.
وفي التفاصيل، وجدت الدراسة التي ارتكزت على سجلات 5.6 ملايين شخص عولجوا في النظام الصحّي، أنه بمقارنتهم مع أشخاص أصيبوا مرة واحدة بكوفيد_19، فهم معرّضون مرتين أكثر للوفاة وثلاث مرات لخطر الدخول إلى المستشفى في غضون ستة أشهر بعد الإصابة الأخيرة، كما أنّهم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب، التعب، مشاكل في الجهاز الهضمي والكلى، ومرض السكّري ومشاكل عصبية.
وجاءت نتائج هذه الدراسة في ظل انتشار متحورات أوميكرون الفرعية BA.4 و BA.5 التي من شأنها أن تزيد معدلات الإصابة بكورونا مرة جديدة. كما أنّ متحور BA.5 أصبح المتحور المهيمن في الولايات المتحدة وأوروبا حيث تسبّب في إصابة 45 في المئة من اجمالي الإصابات في البلد خلال الأسبوع الماضي.
ويشرح البروفسور في عالم الأوبئة في جامعة واشنطن في سان لويس زياد العلي أنّ "الدافع من اجراء هذه الدراسة يعود إلى زيادة الإصابات المتكررة عند الأشخاص. فقبل عام أو أكثر كانت الإصابة المتكررة نادرة جداً، أما اليوم فلم يعد ذلك صحيحاً، الواقع مختلف تماماً".
لذلك برز السؤال الأهمّ: هل الإصابة المتكررة تزيد من المخاطر الصحية على الشخص؟
وعليه، قام الفريق برئاسة البروفسور العلي في المقارنة بين سجلات أكثر من 250 ألف شخص أصيبوا بكوفيد مرة واحدة مع سجلات 38 ألف شخص أصيبوا بالفيروس مرتين أو أكثر، بالإضافة إلى سجلات لـ5.3 ملايين شخص لم يصابوا بالفيروس أبداً.
ومن بين المصابين بالعدوى، سجل 36 ألف شخص الإصابة مرتين بالفيروس، و2200 أصيبوا ثلاث مرات في حين أصيب نحو 246 بالكورونا أربع مرات.
وتمثلت العوارض المشتركة بعد التشخيص لحالات العدوى المتكررة بالفيروس بألم في الصدر، عدم انتظام دقات القلب، نوبات قلبية، التهاب في عضلة القلب، قصور في القلب وجلطات. في حين شملت العوارض المتعلقة مشاكل في الرئتين وصعوبة في التنفس، انخفاص الأوكسجين.
وتوصّلت الدراسة إلى أن خطر الإصابة بمشاكل صحية مرتبط بوقت الإصابة المتكررة بكوفيد-19 والتي قد تستمر لمدة ستة أشهر. وهذه المخاطر موجودة مع كل إصابة جديدة سواء أكان الشخص ملقحاً أم غير ملقح. وبالتالي فكلّ إصابة تقدم فرصة جديدة للفيروس لإلحاق الضرر بالجسم، مما يزيد من فرصة الإصابة بمشاكل صحية.
وأشار العلي إلى أن "الأشخاص الذين يعانون من نقص في المناعة أو مشاكل صحية عرضة أكثر للإصابة المتكررة والنتائج السلبية الناتجة عن هذه العدوى. والسؤال الأهمّ هل يمكن للإصابة الجديدة أن تزيد من خطر المضاعفات أو الآثار الطويلة المدى؟ والجواب نعم".
في المقابل، حذّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس "من أنّ كلّ موجة جديدة من الفيروس تؤدّي إلى إصابة المزيد من الأشخاص بـ"كوفيد" طويل الأمد". وشدّد على أهمية تلقيح الفئات الأكثر ضعفًا مثل المسنّين والمصابين بالأمراض المزمنة والعاملين في المجال الصحي بالجرعات التعزيزية.