في 13 كانون الثاني 2020، نُشرت ورقة بحثيّة على الإنترنت تروّج لابتكار علاج يُمكن استخدامه لمواجهة جميع سلالات الأنفلونزا المعروفة.
ولكن بعد أسبوع واحد، أعلنت أوّل حالة مؤكّدة مخبرياً بإصابتها بفيروس سارس-كوفي 2 الذي أدّى إلى الجائحة لأكثر من عامين.
هذه الحقيقة دفعت الباحثين إلى إجراء اختبارات على فيروس كورونا، بعد أن كانت تجاربهم تتناول سلالات الأنفلونزا آنذاك، وفق ما نشر موقع labblog.
ويشرح الأستاذ في الطب الباطنيّ في قسم الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة ميشيغن دافيد ماركوفيتز أنّه "في ذلك الوقت، كنّا نظن أن متلازمة الشرق الأوسط التنفسية ستكون الهدف الأكبر لنا، لأننا كنا قلقين بسبب معدل الوفيات البالغ 35 في المئة. ولكن جاءت جائحة كورونا المستجدّ، لتغيّر بوصلة اهتمامنا".
وتوضح الورقة المنشورة في Cell Reports Medicine فاعليّة المكوّن H84T-BanLec ضدّ جميع متغيّرات الفيروس التاجيّ، ومنها متحوّر أوميكرون، وكذلك سلالات الأنفلونزا، بما فيها متلازمة الشرق الأوسط التنفسيّة.
وعليه، قاد فريق الباحثين دراسة للتأكّد من إمكانية العلاج ضد الفيروسات التاجيّة على الحيوانات في المختبر، فاكتشفوا أنّه فعّال ضدّ كلّ أنواع الفيروسات التاجيّة، سواء أعطيت عن طريق الأنف عند الحيوانات أو من خلال استخدامها كعلاج وقائيّ أو في وقت مبكر من المرض.
يشتقّ H84T-BanLec من الليكتين (بروتين رابط للكربوهيدرات) المعزول من فاكهة الموز. ووجد الباحثون أنّه يحقّق قدراته الرائعة في منع الفيروسات من خلال الارتباط بـ"الجليكانات عالية المانوز"، والسكّريات الموجودة على سطح الفيروسات، وبعد الارتباط لا يستطيع الفيروس دخول الخلايا لإصابتها.
وباستخدام الفحص المجهريّ للقوة الذريّة، أكّد الفريق أن المركّب H84T-BanLec يطوّر روابط قويّة متعدّدة مع البروتين السطحيّ للفيروس، ممّا يفسّر صعوبة مقاومة فيروس كورونا لـ"الليكتين".
وبالرغم من قدرتها المضادة للفيروسات، فقد تجنّبت الأبحاث السّابقة "الليكتينات" كعلاجات محتملة، لأنّها بروتينات يمكنها تحفيز جهاز المناعة بطريقة قد تكون ضارّة، وفق ما يقول ماركوفيتز. ولكن الباحثين قاموا بتعديل المركّب H84T المستخرج من "الليكتين"، لإزالة هذا التأثير، والنتيجة؟ لم تظهر أيّ آثار ضارة أو سلبية في النماذج الحيوانية التي تمّ إجراء التجارب عليها.
إذن، قد يحمل هذا العلاج المحتمل وفق الدراسة، نتائج مبشرة في الحرب ضد كورونا، خصوصاً أنه أثبت فاعلية ضد جميع أنواع فيروس كورونا بالإضافة إلى فيروسات الأنفلونزا.
ويأمل ماركوفيتز في أن ينتقل اختبار هذا العلاج من التجارب الحيوانية إلى التجارب على البشر، من خلال إعطائه على شكل رذاذ أو قطرات في الأنف لمنع أو علاج عدوى كورونا والأنفلونزا في الأوقات الموسمية والوبائية. كما تمنى أن تجرى دراسات في وقت لاحق على السرطان، لأن الخلايا السرطانية مثل الفيروسات تحتوي على نسبة عالية من الجليكانات المانوز على أسطحها.