ساءت حالة ابن الـ 24 عاماً نتيجة التهاب الكبد الفيروسي الحاد من النوع أ، وبدأت وظائف الكبد تتراجع وراح يفقد وعيه. لم يكن وحده يعاني هذه الحالة المتقدمة ويتمّ إنقاذه واستعادة وظائف الكبد من جديد، بل شهد مستشفى المنلا في طرابلس على إنجاز طبي سابق منذ 5 سنوات بعد نجاح أول غسيل كبد في لبنان لفتى لم يتخطَّ عمره 13 عاماً.
هي ليست المرة الأولى التي نسمع فيها عن الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي من النوع أ، لقد عانت طرابلس وضواحيها منذ شهور مضت انتشار الفيروس بشكل كبير نتيجة تلوث المياه. صحيح أن الفئة الأكبر تتخطى العوارض من دون أي مضاعفات أو مخاطر، إلا أن هناك حوالى 5-10% من المرضى قد يواجهون خطر توقف وظائف الكبد، وهذا ما حصل مع 4 مرضى عولجوا في مستشفى المنلا بفضل غسيل الكبد.
في 3 كانون الأول نشر مستشفى المنلا في صفحته على الفيسبوك الخبر السار قائلاً: "حقق الدكتور عامر بركة، اختصاصي أمراض الكلى، إنجازًا طبيًا عبر قيامه بعملية غسل الكبد، لشاب عمره 22 عامًا، كان قد أصيب بالتهاب فيروسي كبدي حادّ من نوع أ. تكلّلت العملية بنسبة نجاح 100%، أمضى بعدها الشاب 10 أيام في المستشفى لتلقّي العلاج المناسب لحالته. إنّ هذه العملية لم تُنجَز من قبل في لبنان إلّا مرّة واحدة، وأيضًا في مستشفى المنلا.
ماذا في التفاصيل؟ وكيف يتم إجراء هذا العمل الطبي؟
يشرح الاختصاصي في أمراض الكلى والذي أجرى غسيل الكبد الدكتور عامر بركة لـ"النهار" أن التهاب الكبد الفيروسي الحاد من النوع أ يُسبب عند 5-10% من المرضى فشلاً في وظائف الكبد، وهي حالة نادرة تؤدي إلى دخول المريض في غيبوبة أو وضعه على التنفس الاصطناعي أو تسمم في الدم، وقد تُسبب الوفاة نتيجة هذه المضاعفات الصحية.
إن الكبد لديه وظيفتان أساسيتان، أولاهما تنظيف الكبد من السموم، والثانية فرز مواد تمنع النزيف والتجلطات وتورّم الجسم. ويؤدي تراكم السموم وعدم التخلص منها نتيجة فشل في وظائف الكبد إلى دخول المريض في غيبوبة أو وضعه على التنفس الاصطناعي، ويكون الحل وفق ما يؤكد بركة "إما في زرع كبد وهو الحل الاعتيادي أو غسيل الكبد وهو الذي بدأتُ به منذ 5 سنوات حيث أنقذتُ فتى يبلغ من العمر 13 عاماً بعد معاناته من فشل في وظائف الكبد نتيجة إصابته بالتهاب الكبد الفيروسي الحاد".
ويسترجع بركة حالة الفتى الذي عانى من كهرباء في الرأس ووضع على التنفس الاصطناعي نتيجة اصابته بالفيروس الكبدي من النوع أ، وأجريتُ غسيل الكبد له وقد تكلل الإجراء الطبي بالنجاح واستعاد الكبد وظائفه بشكل كامل. حدث ذلك منذ 5 سنوات وكانت المرة الأولى التي تنجح فيها هذه العملية وتعطي نتائج مدهشة.
منذ أسبوعين، عالج بركة حالتين متشابهتين لشابين (الأول يبلغ من العمر 24 عاماً والثاني يبلغ من العمر 32 عاماً) يعانيان من مضاعفات نتيجة التهاب الكبد الفيروسي الحاد، وعانيا من فقدان الوعي، وهي مرحلة تسبق مرحلة الدخول في الغيبوبة، وكانا بحاجة إلى تدخل طبي سريع.
ويوضح بركة كيفية إجراء هذه العملية بالقول: "إن الهدف من غسيل الكبد هو تنظيفه من السموم ومد الجسم بالمواد التي يحتاجها والتي يفرزها الكبد عادة، والتي تساعد على منع النزيف والتجلطات في انتظار تقوية مناعة الجسم حتى يصبح الكبد قادراً على استعادة عافيته وترميم وظيفته.
يستغرق هذا الإجراء الطبي بين الأسبوع حتى الأسبوعين، حسب حالة المريض وحدّة الفشل الكبدي لديه، ويرتكز غسيل الكبد على تنظيف الجسم من بروتين الـALBUMINE بواسطة جهاز يغيّر الدم ويعطي كميات كبيرة من بروتين الـALBUMINE والمواد التي لم يعد يفزرها الكبد والتي يحتاجها الجسم لمنع تورمه والنزيف.
وقد أثبتت هذه العملية فعاليتها وهي أسهل من زرع الكبد، وقد تماثل المريض الأول إلى الشفاء بشكل كامل واستعاد وظائف الكبد بشكل كامل. كما استعاد الشاب (24 عاماً) وظائف الكبد بنسبة 100% في حين أن الشاب الثاني (32 عاماً) استعاد وظائف الكبد بنسبة كبيرة. وهما يخضعان لغسيل الكلى نتيجة فشل وظائف الكبد ويحتاجان إلى أسبوعين حتى تعود الكلى إلى وظائفها بشكل طبيعي.
ويشدد بركة على أن نجاح غسيل الكبد يتمثل بتخفيض معدل التهاب الكبد الفيروسي من النوع أ بنسبة 20-30 في المئة، وانخفضت النسبة عند أحد المرضى من 55 إلى 4.8، فيما انخفضت عند مريض آخر من 71 إلى 6، ومريض ثالث من 61 إلى 7. في حين توفيت مريضة (كانت تبلغ من العمر 34 عاماً) وصلت إلى المستشفى بحالة توقف دماغي بسبب التهاب الفيروس الكبدي الحاد، ولم نتمكن من إنقاذها وتوفيت في اليوم التالي في سوريا.