طلب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من نظيره الروسي سيرغي لافروف، خلال لقاء مقتضب جمعهما على هامش اجتماع لمجموعة الدول العشرين في نيودلهي الخميس، "إنهاء الحرب العدوانية" الروسية على أوكرانيا.
وفي أول لقاء مباشر بين واشنطن وموسكو بهذا المستوى الرفيع منذ بدأت روسيا غزو جارتها أوكرانيا قبل عام، شدّد بلينكن على مسامع لافروف على وجوب وقف الحرب وانتهاج الديبلوماسية سبيلاً للتوصّل إلى "سلام عادل ودائم".
وقال الوزير الأميركي للصحافيين "لقد قلت لوزير الخارجية (الروسي) ما سبق وأن قلته، على غرار كثر آخرين، الأسبوع الماضي في الأمم المتّحدة وما قاله العديد من وزراء خارجية دول مجموعة العشرين اليوم +ضعوا حدّاً لهذه الحرب العدوانية وانخرطوا في ديبلوماسية هادفة يمكن أن تثمر سلاماً عادلاً ودائماً+".
من جانبها، حرصت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على التقليل من شأن الاجتماع.
ونقلت وكالة ريا نوفوستي الرسمية للأنباء عن زاخاروفا قولها إنّ بلينكن هو الذي بادر إلى هذا اللقاء الذي كان عابراً.
وأضافت أنّ لافروف "تحدّث إليه، وقوفاً، في إطار الجلسة الثانية لمجموعة العشرين"، مضيفة "لم تحصل محادثات أو اجتماع حقيقي".
وفشل وزراء خارجية دول مجموعة العشرين في اجتماعهم في التوصّل لإعلان نهائي مشترك بعدما اعترضت موسكو وبيجينغ على النصّ المقترح.
ونقل مسؤول أميركي طالباً عدم نشر اسمه عن بلينكن تأكيده التزام واشنطن حماية حليفتها كييف من أجل "دحض أي فكرة لدى الروس عن أنّ دعمنا يتراجع".
وفي آخر مرة كان بلينكن ولافروف موجودين خلالها في نفس القاعة، خلال اجتماع لمجموعة العشرين في بالي في تمّوز العام الماضي، خرج لافروف مسرعاً، بحسب مسؤولين غربيين.
وحتى الخميس لم يكن أي اتصال رفيع المستوى قد حصل بين الحكومتين الأميركية والروسية منذ بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط 2022، مع دعم واشنطن الحازم لكييف وقيادتها جهوداً دولية لعزل موسكو.
وعلى الرّغم من الأهمية الجليّة لاجتماع لافروف وبلينكن، إلا أنّ محللين قالوا إنّهم لم يروا فيه ما يشير إلى نهاية قريبة للحرب.
وقال هارش في. بانت، الأستاذ في "كينغز كوليدج لندن" إنّ الوزيرين "لم يقولا أيّ شيء من شأنه أن يقنع أيّ شخص بأنّ هذه الأزمة تتّجه نحو تسوية مهمّة أو جادّة. يبدو أنّنا باقون فيها لفترة طويلة".
- لا بيان مشتركاً -
وانتهى اجتماع مجموعة العشرين الخميس من دون صدور بيان مشترك، وهو ثاني اجتماع مماثل للتكتل في غضون أسابيع يخفق في التوصل لاتّفاق.
وقال لافروف لنظرائه في نيودلهي إنّ الوزراء الغربيين أخرجوا الاجتماع عن سكّته في مسعى منهم لتحميل روسيا مسؤولية إخفاقاتهم ونسفوا الجهود التي بذلها المضيف الهندي للتوصّل إلى اتّفاق بشأن قضايا أخرى.
وأضاف "أودّ أن اعتذر للرئاسة الهندية ولزملائنا من دول جنوب الكرة الأرضية عن السلوك الفاضح لبعض الوفود الغربية التي حوّلت أجندة مجموعة العشرين إلى مهزلة "، بحسب ما نقلت عنه وكالة تاس الروسية للأنباء.
وتعثرت المحادثات بشأن البيان المشترك حول قضايا عدّة من بينها إصرار روسيا على إجراء تحقيق في تخريب خط أنابيب نورد ستريم العام الماضي، على ما قال لافروف.
وتبادلت روسيا ودول الغرب الاتهامات بشأن المسؤولية عن التفجيرات التي وقعت في أيلول.
ومع انضمام الصين إلى روسيا في الاعتراض على صيغة البيان المشترك، أصدرت بقيّة دول التكتّل بياناً منفصلاً دعت فيه موسكو إلى وقف الأعمال الحربية في أوكرانيا.
وطالب البيان روسيا "بانسحاب كامل وغير مشروط من الأراضي الأوكرانية".
وكان اجتماع لوزراء مالية دول المجموعة عقد في مدينة بنغالورو الهندية الأسبوع الماضي فشل بدوره في التوصّل لبيان مشترك بعدما سعت روسيا والصين لتخفيف لهجته بشأن الحرب في أوكرانيا.
ويخشى موفدون غربيون أن تكون الصين تفكر في إمداد روسيا بالأسلحة وقالوا قبل القمة إنهم يعتزمون ثني بيجينغ عن التدخل في النزاع.
ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا تموضعت الصين كطرف محايد مع الاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع حليفتها الاستراتيجية روسيا.
وردّت بيجينغ بغضب على التصريحات القائلة إنّها ربما تفكر في إرسال أسلحة إلى موسكو، وأعلنت في شباط في وثيقة استراتيجية أنّها تدعو إلى الحوار لحلّ النزاع.
- خلافات -
وهيمنت الحرب الروسية في أوكرانيا على قضايا أخرى في جدول أعمال اجتماع مجموعة العشرين التي تضمّ أكبر 19 اقتصاداً في العالم إلى جانب الاتحاد الأوروبي.
وأثارت الخلافات استياء الهند التي كانت قالت إنها تريد الاستفادة من استضافتها للقمة هذا العام للتركيز على قضايا مثل مكافحة الفقر وتمويل قضايا المناخ.
وقال وزير خارجية الهند إس جيشنكار للصحافيين في ختام الاجتماع "في القضية، المتعلقة بكل صراحة بالنزاع في أوكرانيا، كانت هناك اختلافات، خلافات لم نتمكن من التوفيق بينها".
وفي مستهلّ الاجتماع اعتبر رئيس الوزراء ناريندرا مودي أنّ الحوكمة العالمية "فشلت" ودعا الحاضرين إلى التكاتف من أجل دول نامية غير ممثّلة في الاجتماع.
وقال "بصفتنا الاقتصادات الرائدة في العالم، نضطلع أيضاً بالمسؤولية عمن هم غير موجودين في هذه الغرفة".
وفيما تشارك الهند مخاوف الغرب بشأن الصين فهي أيضاً من كبار مستوردي المعدات العسكرية من موسكو كما أنّها زادت منذ عام وارداتها من النفط الروسي.
ولم تندد الهند بغزو أوكرانيا لكنّ مودي قال للرئيس الروسي فلاديمير بوتين العام الماضي إنّ "هذا ليس الوقت المناسب لشن حرب".