أشار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى أن "الغليان الشعبي اليوم أدرك أن عدم انتخاب رئيس جديد هو فعل تخريبي لضرب المركز الأساسي في الدولة".
ومن الديمان، أكّد الراعي مواصلة الصلاة لانتخاب رئيس، معرباً عن خشيته من أن يستمر ربط الجلسات الانتخابية بالتوافق.
كما شدّد على أنه "إذا لم ينتفض النواب على أنفسهم وينتخبوا رئيساً سيادياً فلا يجب لوم الشعب إذا انتفض عليهم".
وقال: "أوّل ما نرجو أن يسبق التوافق على اسم المرشّح المتّصف بالمواصفات التي يجمعون عليها، رؤيةٌ مُوحَّدةٌ وطنيّةٌ واقتصاديّةٌ للحكمِ ولعَلاقاتِ لبنانَ العربيّةِ والدوليّة، بحيث تتّفق عليها جميع القوى السياسيّة. وما نَخشاه، أن يَستمرَّ ربطُ جلسةِ الانتخابِ بتوافقٍ لا يَحصُلُ، فتَنتهي الـمُهلةُ الدستوريّةُ من دون توافقٍ ومن دونِ انتخاب رئيس. وهذا مرفوض بالمطلق لأنّه جريمة بحقّ الشعب اللبناني والدولة في حالتيهما الراهنتين".
هذا وسأل الراعي: "كيف لمجلسٍ نيابيٍّ أنْ يَعتبرَ الشغورَ الرئاسيَّ هو الممكِنُ، والانتخابَ هو المستحيل؟ أين الضميرُ؟ وأين المسؤوليّةُ الفرديّةُ والوطنيّة؟ وأين المرشَّحون الجِدِّيون الّذين يُوحُون بالثقة إنِ انتُخِبوا، أكانوا مُرشَّحِي تحدٍّ أم مرشّحِي توافق؟ ليست الرئاسةُ تتويجَ مسيرةِ حياةٍ خاصّةٍ، بل تتويجًا لمسيرةٍ وطنيّةٍ في خِدمةِ القضيةِ اللبنانيّة".
وأضاف: "وما نخشاه أيضًا أنّ تَسليمِ نوّابٍ بحصولِ شُغورٍ رئاسيٍّ لا يعود إلى انتظارِ الاتّفاقِ على اسمِ رئيسٍ، بل إلى تَموضُعٍ من شأنِه أن يُحدِثَ شغورًا دستوريًّا يؤدّي إلى تغييرٍ في مقوِّماتِ البلاد، وماهيّة الوجود اللبنانيّ الحرّ، في ظلِّ الشغورِ الرئاسيِّ والتخبطِّ الحكوميّ. لذا، يَجدُر بالقِوى اللبنانيّةِ المؤمنةِ برسالةِ لبنان أن تَمنعَ حصولَ ذلك، وتحافظَ بجميعِ الوسائلِ الناجعةِ على لبنان التعدّديِّ، المدنيِّ، الديمقراطيِّ، الموَحَّدِ في كنفِ دستورٍ لامركزيٍّ توافَقْنا عليه. وهذه أمانةٌ في عُنْقِ كلِّ مواطنٍ وجماعة".
إلى ذلك، أشار إلى أنّه "مع رغبة الشعب اللبنانيّ الكاملة بتأليفِ حكومةٍ جامعةٍ وقادرةٍ، فإنَّ إلهاءَه بالاجتهاداتِ الدستوريّة وبكيفيّةِ انتقالِ صلاحيّاتِ رئاسةِ الجمهورية إلى مجلس الوزراء، وهي شؤون باتت وراءه. فالغَليانُ الشعبيُّ اليوم تخطّى هذا المنطِق وأدركَ أنَّ عدمَ انتخابِ رئيسٍ جديدٍ هو فعلٌ إراديٌّ وتخريبيٌّ وتدميريٌّ لضربِ المركَزِ الأوّلِ والأساسيِّ في الدولة، ومن خلالِه كلِّ بنيتها الدستوريّةِ والوطنيّة"، معتبراً أنّه "حين يقوم الشعبُ على مسؤولين أساؤوا الأمانةَ التاريخيّة، تسقطُ الاجتهاداتُ وتَفقِدُ قيمتَها. الشعبُ لا يَهتمُّ بدستوريّةِ انتقال صلاحيّات الرئاسة الأولى، بل يسأل لماذا لم تَنتخبوا رئيسًا ؟ وإذا لم يَنتِفض النوابُ على أنفسِهم ولم يَنتخبوا رئيسًا وطنيًّا وسياديًّا ومؤهَّلًا لتَسَلُّمِ مقاليدَ الحكم، فلا يَلُومَنَّ الشعبَ إذا انتفضَ عليهم جميعًا".