اعتبر متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده أن "الظلام الذي نعيشه في بلدنا، هو بسبب العين المظلمة الشريرة. فالمواطن لا يرى في أخيه المواطن سوى فريسة، فيحتكر ويرفع الأسعار ويظلم ويستقوي، وبدلاً من صب جام غضبه في المكان المناسب من أجل التحرّر والصعود من الحفرة، نجده يعمق هوة الموت ليدفن أخاه ويحيا هو فقط"، مشيراً إلى أن "أهل السلطة والمال يتلاعبون بمصير البشر في هذا الوطن المجروح ويستغلونهم".
وتساءل عوده في عظة الأحد: "أليس هذا الظلام الذي وصلنا إليه بسبب العين الشريرة؟ فما الأحلك الذي ينتظرنا بعد؟... مضيفاً "الطمع يدمر الطبيعة، بكل عناصرها. فرغبة الإنسان غير المستكينة في زيادة الممتلكات، وإنفاقه أضعاف ما يحتاج إليه، قد أخلا توازن البيئة والطبيعة والمجتمع. حل هذه المشاكل لا يكمن في النظريات بل في الأعمال النافعة، في علاج تفكك الإنسان الداخلي الذي منه تنبع المشاكل. فإذا عالج المسؤول جشعه للسلطة والتصاقه بالمناصب والمراكز واستغلالها لمآرب شخصية، لحلت معظم المشاكل لأن ذلك سيؤدّي إلى ظهور التعاطف والمحبة والإحترام للآخر، كل آخر. وإذا عالج التجار، الذين من الشعب، طمعهم وعشقهم للمال، لما جاع أحد أو ذل في الطوابير أو مات بلا دواء... وإذا عمت القناعة والمحبة والرأفة، وانتفى حب المال والسلطة عند الجميع، مواطنين ومسؤولين، نكون قطعنا الخطوة الأولى نحو الإصلاح".
وأضاف: "مشكلتنا في هذا البلد هي العين الشريرة الفارغة الموصلة إلى عبادة المال ونكران الله. لكي ينهض بلدنا مجدّداً، نحن بحاجة إلى الرحمة البشرية لكي نستحق أن ينعم الله علينا برحمته الإلهية".
ولفت إلى أنّه على "الزعماء والمسؤولين أن يرحموا الشعب، وعلى الناس أن يرحموا بعضهم"، وقال: "بلدنا ينهار لأن كل نقيب أو تاجر أو تكتل أو حزب أو مسؤول لا يفعلون إلا تحميل المواطنين أعباء تفوق قدرتهم وتحمل اليأس إلى نفوسهم. كلهم يحاضرون بالعفة ويحملون لواء الخدمة ومحاربة الفساد، وحتى الآن لم تظهر نتائج أعمالهم الصالحة التي يدعون القيام بها، الشعب يعيش خيبة أمل كبيرة بسبب الحياة السياسية الباهتة التي يشهدها".
وتابع: "نحن أمام استحقاق يتخطى تأليف الحكومة التي نأمل أن تؤلف بأسرع وقت من أشخاص لا يبتغون إلّا العمل والخدمة والمساهمة في الإنقاذ، غير متمسكين بحقيبة معينة، أو طامحين إلى مركز وسلطة، أو يضمرون خطة أو يبتغون تعطيلا. اليوم وقت الإسراع في تشكيل حكومة تحمل خطة واضحة للانقاذ، حكومة على مستوى الظرف العصيب وعظم هموم المواطنين، لا حقيبة فيها مكرسة لطائفة أو حزب، ولا حقيبة لاسترضاء جهة أو طرف، بل حكومة مؤلفة من وزراء لا شك في كفاءتهم وخبرتهم ووطنيتهم وأخلاقهم ونزاهتهم، جل همهم افتداء الوقت ولو كان قليلاً".
كما رأى عوده أن "الاستحقاق الآتي هو انتخاب رئيس للبلاد، وعلى مجلس النواب أن يقوم بواجبه بحسب ما يمليه دستور بلادنا، وأن ينتخب رئيساً ضمن الفترة المحدّدة، وأن يكثف اجتماعاته وينهمك بالعمل الرقابي والتشريعي، عل الحياة الديموقراطية تزهر مجدّداً وتعطي ثماراً نافعة".