قال البابا فرنسيس إن ردود الفعل في مواجهة احترار المناخ "ليست كافية، والعالم... ينهار"، داعيا قمة "كوب28" التي ستعقد بعد أسابيع في دبي، للتوصل الى "طرق ملزمة" على صعيد تحول الطاقة.
وتابع في الرسالة الواقعة في 12 صفحة "لا شك أن تأثير التغيّر المناخي سيلحق ضررا متزايدا بحياة أشخاص كثيرين وعائلات. وسنشعر بأثرها في مجالات الصحة ومصادر العمل والوصول إلى الموارد والإسكان والهجرة القسرية وغيرها من المجالات".
لكنه لفت إلى أن قمة كوب28 المقبلة التي تستضيفها دبي في 30 تشرين الثاني قد تؤدي إلى "طرق ملزمة في تحول الطاقة تتميّز بثلاث خصائص: أن تكون فعالة وإلزامية ويمكن مراقبتها بسهولة" إذا توصل المشاركون إلى اتفاقات ملزمة بشأن الانتقال من مصادر الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة النظيفة مثل الرياح والطاقة الشمسية.
وأوضح أن وحده الالتزام الحقيقي بالتغيير يمكن أن يؤدي إلى "استعادة مصداقية السياسة الدولية".
وحذّر البابا أيضا من "بعض الآراء الازدرائية وغير العاقلة التي أجدها حتى داخل الكنيسة الكاثوليكية".
وقال "في السنوات الأخيرة، كان هناك أشخاص حاولوا الاستخفاف بهذه النتائج. وادعوا الاستشهاد بافتراضات علمية. لكن هم ينسون أن يذكروا واقعا آخر مهّما وهو أن ما يحدث اليوم هو تسارع غير عادي في ارتفاع درجات الحرارة، بسرعة ويكفي جيل واحد لذلك، ولسنا بحاجة إلى قرون أو آلاف السنين".
وأشار إلى أن "أي شخص يمكنه في مدة حياته أن يرى بسهولة ارتفاع مستوى سطح البحر وذوبان الطبقات الجليدية، وربما في غضون سنوات قليلة سيضطر العديد من السكان إلى نقل منازلهم بسبب هذه الأحداث".
- "تدخل بشري جامح" -
وشدد البابا في هذا النص مجددا على التبعات التي سببها "التدخل البشري الجامح في الطبيعة" مضيفا أن "العناصر ذات الأصل الطبيعي والتي عادة ما تسبب الاحتباس الحراري، مثل الانفجارات البركانية وغيرها، غير كافية لتفسير معدل وسرعة التغيرات في العقود الأخيرة. ولا يمكن أن يفسر تطور متوسط درجات الحرارة السطحية دون تأثير الزيادة في الغازات الدفيئة".
وأوضح انه "لا يمكن إخفاء تزامن هذه الظواهر المناخية العالمية مع الزيادة المتسارعة في انبعاثات غازات الدفيئة خاصة منذ منتصف القرن العشرين. وتؤيد الغالبية العظمى من علماء المناخ هذه العلاقة، مع وجود نسبة ضئيلة منهم التي تنكر هذه الأدلة. من المؤسف أن أزمة المناخ ليست بالضبط قضية تهم القوى الاقتصادية الكبرى، المعنية بأعلى إيرادات بأقل تكلفة وفي أقصر وقت ممكن".
في العام 2015، أثارت رسالة "كن مسبّحا" (Laudato si)، المؤلفة من 200 صفحة للتضامن من أجل العمل معا لحماية البيئة، نقاشا عالميا.
وبعد أشهر قليلة، أحرز تقدم كبير في هذا الصدد مع التوصل إلى اتفاق باريس للمناخ الذي كان الهدف الأساسي منه حصر ارتفاع درجة الحرارة بأقل من درجتين مئويتين.
وحذّرت الأمم المتحدة الشهر الماضي من أن العالم ليس على المسار الصحيح لتحقيق هذا الهدف، في حين يتوقع أن يكون 2023 العام الأكثر حرا في تاريخ البشرية، مع صيف اتّسم بموجات حر وجفاف وحرائق.
وردت مريم كيمبل هاردي من منظمة "أويل تشاينج إنترناشونال" بالقول "البابا محقّ في الإضاءة على الهوة المتزايدة بين الحاجة الملحة إلى التخلص التدريجي من كل أنواع الوقود الأحفوري وحقيقة أن الدول وقطاع صناعة النفط والغاز يصران على الإنتاج بطريقة لا تتوافق مع مناخ يمكن تحمله".
وترى المجموعة الكاثوليكية البريطانية CAFOD للمساعدات الخارجية أن رسالة البابا وسيلة "لمحاسبة قادة العالم وعمالقة القطاع".
ووفقا لخبراء، سيكون تأثير هذا النص الجديد أقل من الرسالة الأولى، لكن بيل مككيبين، مؤسس منظمة 350.org البيئية، قدّر أن "عمل الزعماء الدينيين في كل أنحاء العالم قد يمثل أفضل فرصة لدينا لاستعادة السيطرة على الأمور".
وأضاف "نعم، المهندسون قاموا بعملهم. نعم، العلماء قاموا بعملهم. لكن حان الوقت لأن يقوم القلب البشري بعمله أيضا. ولهذا السبب نحتاج إلى هذه القيادة".