النهار

البطريرك الراعي: مؤلم حقاً غياب رجال الدولة
المصدر: "النهار"
البطريرك الراعي: مؤلم حقاً غياب رجال الدولة
البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي.
A+   A-
اعتبر البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي أنّنا "أمام جماعة سياسيّة خالية من أيّ مسؤوليّة، وتمارس السياسة من أجل مصالحها الخاصّة والفئويّة فقط، بل تبيد الخير العام غير آبهة بالشعب الذي أوكل إليها هذه المسؤوليّة العامّة بموجب مقدّمة الدستور".

وأشار الراعي خلال عظة الأحد إلى أنّه "من المؤلم حقًّا غياب رجال دولة عندنا، والبرهان أن لا أحد من السياسيّين والأحزاب أو الكتل النيابيّة، يقدّم مشروعًا واحدًا جدّيًّا لإنهاض لبنان من انهياره الكامل. فإن تكلّم بعضهم فاهوا بالكيديّة والحقد والذهنيّة الميليشياويّة والإساءة الشخصيّة وبثّ سمّ التفرقة والإنقسامات والعداوة، الأمر الذي يزرع الأشواك والألغام على طريق انتخاب رئيس للجمهوريّة".

وأضاف: "نزيف خزينة الدولة من مالها العام، بالسرقات والهدر وغياب المحاسبة، وسدّ ينابيع الدخل للدولة بالتعطيل عن العمل والإضرابات المفتوحة، وايقاف أجهزة المراقبة إهمالًا وربما تواطؤًا، وعدم السيطرة على الجمارك في المرافئ البحريّة، والمطار، وإيقاف التهريب بضبط الحدود خروجًا ودخولًا، وسوء الحوكمة باستئجار الدولة مباني إداراتها بالدولار، وإيجار ممتلكاتها بالليرة اللبنانيّة، والتهرّب من دفع ضرائب الماء والكهرباء، واعتماد سياسة الريع بدلًا من سياسة الإنتاج، وإهمال مكمن الخسارة في الفرق الشاسع بين قيمة الإستصدار وقيمة التصدير".

من جهة ثانية، أشار الراعي إلى "نزيف المؤسّسات الدستوريّة من فاعليّتها، إذ بعدم انتخاب رئيس للجمهوريّة، يتوقّف المجلس النيابي عن صلاحيّة التشريع، وحكومة تصريف الأعمال عن صلاحيّة إصدار القرارات التنفيذيّة وإجراء التعيينات في الإدارات العامة، فتتعطّل مسيرة الدولة، ويتحكّم بها النافذون والمتمرّدون والمدعومون، ويستبيح السياسيّون التدخل في الإدارة والقضاء، وتسود الفوضى ويُمارس الظلم والإستبداد من هذا وذاك من المسؤولين، ومن وزير تجاه المدير العام لأغراض مذهبيّة وطائفيّة وحزبيّة، متجاوزًا هكذا إطار صلاحيّاته".

وعن تعثّر انتخاب رئيس للجمهوريّة، أشار الراعي إلى أنّه "وبكل أسف، يدور الخلاف حول انتمائه إمّا لفئة الممانعة، كما يسمى، وإمّا لفئة السيادة. والحلّ الوحيد هو في الخروج من هذه المعادلة، والعمل من قبل الشعب على انتخاب رئيس وطنيّ متحرّر من كلّ ارتباط وانحياز وفئة ومحور".

وتابع: "هذا هو الرئيس الذي يحتاجه لبنان لكي يكسب ثقة الجميع في الداخل، وثقة كلّ الدول في الخارج، ولكي يتمكّن هذا الرئيس من قيادة الإصلاحات اللازمة والمطلوبة من أجل نيل المساعدات الدوليّة والإقليميّة".

وأضاف الراعي: "هذه هي أولويّة الأولويّات والضرورات التي يذكّر بها النائبان المعتصمان في المجلس النيابي زملاءهم النواب منذ ثلاثين يومًا. أمّا السعي إلى تمديد الشغور الرئاسيّ من أجل أهداف مبطّنة منافية للهويّة اللبنانيّة، فهو الإمعان في تكبير حجم الجريمة: بهدم مؤسّسات الدولة، واضطهاد المواطنين اللبنانيّين بافقارهم وتهجيرهم من وطنهم، وحرمانهم من تحقيق ذواتهم على أرض الوطن، ومن المساهمة في بنيانه، مثلما يفعلون في بلدان أخرى استضافتهم".

وختم الراعي قائلاً إنّه "من واجب من يتعاطى الشأن السياسي العمل الجدّي على تجديد العقد الإجتماعيّ الضامن للتنوّع الثقافي والديني بين اللبنانيّين على أسس من الحداثة وإزالة الخوف المتبادل. فيتطلّع الجميع، أفرادًا وجماعات، إلى مستقبلهم الوطنيّ بأمل وثقة، ويتشاركون بروح المسؤولية في صياغة دور رياديّ للبنان في العقود المقبلة، مستثمرين ما يملكه من خصوصيّات وميزات تفاضليّة وقيم حضاريّة".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium