النهار

مبادرة أميركية- سعودية لحلّ الصراع السوداني
مبادرة أميركية- سعودية لحلّ الصراع السوداني
أحد شوارع جنوب الخرطوم وسط تصاعد الدخان. (أ ف ب)
A+   A-
أعلنت وزارة الخارجية السعودية في بيانٍ أن الوزير الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن ناقشا في اتصال هاتفي مستجدات مبادرة مشتركة لاستضافة طرفي الصراع السوداني في مدينة جدة بالمملكة.
 
وقال البيان، إن المبادرة المشتركة تهدف إلى "خفض مستوى التوترات" في السودان.
 
ثمّ أعلن الجيش السوداني مساءً إرسال مفاوضين إلى جدة بالسعودية لإجراء مباحثات حول وقف إطلاق النار.
 
وقال الجيش في بيانٍ، "في إطار المبادرة السعودية- الأميركية التي تمّ طرحها منذ بداية الأزمة، غادر إلى جدة مساء اليوم وفد القوات المسلحة السودانية لمناقشة التفاصيل الخاصة بالهدنة التي يجري تجديدها".
 
ولم يصدر أي رد فعل رسمي بعد عن قوات الدعم السريع.
 
الأمم المتحدة أطلقت من جانبها جرس إنذار بشأن الوضع الإنساني. ونقل نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، أن برنامج الأغذية "يتوقّع أن عدد الأشخاص الذين يعانون فقداناً حاداً في الأمن الغذائي في السودان سيرتفع ما بين مليونين و2,5 مليون شخص. وسيرفع العدد الإجمالي إلى 19 مليوناً في الفترة بين الأشهر الثلاثة والستة المقبلة في حال استمر النزاع الحالي".

وأعلن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عقد اجتماع طارئ حول الوضع في السودان في 11 أيار. وقال المجلس في بيانٍ، إن هذا الاجتماع الطارئ يأتي بناء على طلب رسمي مشترك تقدمت به المملكة المتحدة والنروج والولايات المتحدة وألمانيا مساء الجمعة وحظي بتأييد 52 دولة حتى الآن.

على الأرض، تواصلت المعارك الجمعة رغم الهدنة التي تعهّد القائدان العسكريان اللذان يتنازعان السلطة الالتزام بها، ورغم التهديدات الأميركية بفرض عقوبات.

ولليوم الـ21 على التوالي، تواصلت الضربات الجوية والتفجيرات في عدد من أحياء الخرطوم لاسيما في محيط المطار على الرغم من وعود بهدنة، بحسب ما أفاد شهود وكالة "فرانس برس".

ومنذ 15 نيسان، أسفر القتال بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" عن سقوط نحو 700 قتيل وآلاف الجرحى، بحسب مجموعة بيانات مواقع النزاع المسلّح وأحداثه.

ومن بين القتلى أطفال "بأعداد كبيرة"، بحسب الأمم المتّحدة، في بلد يقلّ فيه عمر 49 بالمئة من السكّان عن 18 عاماً.

وأشارت منظّمة الأمم المتّحدة للطفولة "يونيسف " الجمعة إلى تقارير تفيد بسقوط سبعة أطفال كلّ ساعة بين قتيل وجريح.

وأضافت المنظمّة الأممية أنّها تلّقت تقارير من شريك موثوق به، لم تتحقّق منها الأمم المتّحدة بشكل مستقلّ بعد، تفيد بأنّ 190 طفلاً قُتلوا و1700 آخرين أصيبوا بجروح خلال الأيام الأحد عشر الاولى فقط من القتال.

والخميس، أكّد الرئيس الأميركي جو بايدن، أنّ "المأساة يجب أن تنتهي"، ملوّحاً بفرض عقوبات على "الأفراد الذين يهدّدون السلام"، لكن من دون أن يسمّي أحداً.

والسودان الدولة التي يبلغ عدد سكّانها 45 مليون نسمة، خرج في العام 2020 من عقدين من العقوبات الأميركية التي فُرضت على الديكتاتورية العسكرية الإسلامية للجنرال عمر البشير الذي أطاح به الجيش تحت ضغط الشارع في العام 2019، بعد بقائه ثلاثين عاماً في السلطة.

وفي 2021 أطاح البرهان ودقلو معاً في انقلاب شركاءهما المدنيين بعدما تقاسما السلطة معهم منذ سقوط البشير. لكن سرعان ما ظهرت خلافات بين الجنرالين وتصاعدت حدّتها، ومن أبرز أسبابها شروط دمج قوات الدعم السريع في الجيش.

ومنذ ذلك الحين، لا يبدو أنّ شيئاً قادر على التوفيق بين الرجلين اللذين يتبادلان الاتهامات بشأن انتهاك الهدنات المتتالية.

وخلافاً للجيش السوداني، لم تؤكد قوات الدعم السريع ما أعلنه جنوب السودان الأربعاء من أنّها والجيش وافقا على وقف لإطلاق النار لمدة سبعة أيام يستمر حتى 11 الجاري.

وأعلنت قوات الدعم السريع الجمعة أنّها وافقت على هدنة لمدة ثلاثة أيام فقط تمت مناقشتها في إطار وساطة أميركية-سعودية.

معارك "طويلة الأمد"

توقعت رئيسة الاستخبارات الأميركية أفريل هاينز معارك "طويلة الأمد" لأنّ "الطرفين يعتقدان أنّ بإمكان كلّ منهما الانتصار عسكرياً وليست لديهما دوافع تُذكر للجلوس إلى طاولة المفاوضات".

وأسفر القتال عن إصابة أكثر من خمسة آلاف شخص بجروح وتشريد ما لا يقلّ عن 335 ألف شخص وإجبار 115 ألفاً آخرين على النزوح، وفقاً للأمم المتحدة التي تطلب 402 مليون يورو لمساعدة السودان الذي يعدّ واحدة من أفقر دول العالم.

وأوضحت الأمم المتحدة أنّ "أكثر من 56 ألف شخص عبروا في الثالث من أيار" إلى مصر، مضيفة أنّ "أكثر من 12 ألف شخص" عبروا إلى إثيوبيا و"30 ألف شخص إلى تشاد".

وكانت أفضال عبد الرحيم تنتظر لتعبر إلى مصر.

وقالت لـ"فرانس برس"، "عندما بدأت الحرب بالقصف والضربات الجوية، غادرنا منازلنا ولجأنا إلى وادي حلفا"، آخر بلدة قبل الحدود المصرية حيث يحتشد آلاف السودانيين الفارين من الحرب.

وفي دارفور غرباً على الحدود مع تشاد، تمّ تسليح مدنيين للمشاركة في الاشتباكات بين الجنود وقوات الدعم السريع ومقاتلين قبليين ومتمرّدين، وفقاً للأمم المتحدة.

"حلول إفريقية"

في هذا الإقليم الذي شهد حرباً دامية بدأت العام 2003 بين نظام البشير ومتمرّدين ينتمون إلى أقليّات إتنية، لفت المجلس النروجي للاجئين الى سقوط "191 قتيلاً على الأقلّ واحتراق عشرات المنازل ونزوح الآلاف" فضلاً عن تعرّض مكاتبه للنهب.

وأفاد شهود عيان الخميس عن اشتباكات في الأُبيّض التي تقع على بُعد 300 كيلومتر جنوب العاصمة.

ووصل 30 طنّاً إضافية من المساعدات الجمعة إلى مدينة بورتسودان الساحلية التي ظلّت نسبياً في منأى عن أعمال العنف.

وتسعى الأمم المتحدة ومنظّمات غير حكومية أخرى إلى التفاوض بشأن ايصال هذه الشحنات إلى الخرطوم ودارفور، حيث تعرّضت المستشفيات والمخزونات الإنسانية للنهب والقصف.

وفي وقت تتكثف المبادرات الديبلوماسية في إفريقيا والشرق الأوسط، قال الجيش إنه اختار الاقتراح الذي تقدّمت به الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (ايغاد) بسبب الحاجة إلى "حلول إفريقية لمشاكل القارّة"، مرحّباً في الوقت ذاته بالوساطات الأميركية والسعودية.

وكان مبعوث البرهان موجوداً في أديس أبابا الخميس. كما أعلنت القاهرة أنّها تحدثت عبر الهاتف إلى القائدين المتحاربين.

وتعقد الجامعة العربية في القاهرة الأحد اجتماعين غير عاديين على مستوى وزراء الخارجية ستخصّص أحدهما لبحث الحرب في السودان، حسبما قال لوكالة فرانس برس ديبلوماسي رفيع المستوى.

اقرأ في النهار Premium