حالة إنسانية استثنائية فرضت نفسها على الشعب السوري على إثر الزلزال المدمّر الذي ضرب شمال البلاد وأسفر عن مئات القتلى، بالإضافة إلى آلاف الجرحى والمشرّدين، الذين يحتاجون إلى مساعدات فورية من أجل الصمود، بعدما باتوا في الشوارع دون أدنى مقوّمات العيش.
في هذا السياق، فإن المساعدات الدولية كانت متواضعة مقارنة بتلك التي تم تقديمها إلى تركيا التي تأثّرت أيضاً بالزلزال نفسه، وذلك لخلفيات سياسية مرتبطة بالعلاقة مع النظام السوري ورئيسه بشّار الأسد، إضافةً إلى عائق العقوبات. ومثال على ذلك، أعلن الرئيس التركي رجب الطيب إردوغان أن "45 دولة عرضت مساعدة أنقرة"، فيما عدد الدول التي عرضت مساعدة سوريا كان أقل بكثير، وفق ما نقلت وكالتا "رويترز" و"أ ف ب"، عن الدول التي عرضت مساعدة دمشق.
وهنا، لا بد من الإشارة إلى ان بعض الدول أعلن "التواصل" مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لتقديم المساعدات عبرها للسوريين، إلّا أن ذلك قد يحتاج وقتاً، في حين أن المساعدات مباشرة إلى تركيا، وعمليات الإغاثة لا يُمكن أن تنتظر انتهاء المعاملات البروتوكولية مع المنظمات الأممية لتقديم المساعدات.
إلّا أن أصواتاً ارتفعت مطالبةً بتخطّي السياسة وتوجيه الأنظار نحو الكارثة التي حلّت بالسوريين، والمسارعة إلى إرسال المساعدات لهم، وهم الذين أنهكتهم الحرب والظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، وأصبحوا غير قادرين على إغاثة أنفسهم، وبحاجة إلى مد يد الخارج.
مناشدات أممية للمساعدة
في هذا الإطار، قال مسؤولون كبار من منظمة الصحة العالمية اليوم الثلثاء إن الاحتياجات الإنسانية لسوريا وصلت إلى أعلى مستوياتها بعد الزلزال.
وذكرت أديلهيد مارشانج، كبيرة مسؤولي الطوارئ في المنظمة، أن تركيا لديها قدرة قوية على التعامل مع الأزمة لكن الاحتياجات الأساسية التي لن تُلبى على المدى القريب والمتوسط ستكون في سوريا التي تعاني بالفعل من أزمة إنسانية منذ سنوات بسبب الحرب الأهلية وتفشي الكوليرا.
وأضافت في اجتماع مجلس إدارة المنظمة إن "هذه أزمة تأتي على رأس أزمات متعددة في المنطقة المنكوبة... الاحتياجات بلغت أعلى مستوى لها في جميع أنحاء سوريا بعد أزمة معقدة وممتدة استمرت 12 عاما تقريبا بينما يستمر التمويل الإنساني في الانخفاض".
وقالت إن نحو 23 مليون شخص، من بينهم 1.4 مليون طفل، من المرجح أن يتعرضوا للخطر في كلا البلدين بعد الزلزال وتوابعه التي حولت آلاف المباني إلى أنقاض.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية أنها ترسل إمدادات طارئة تشمل معدات جراحية لحالات الطوارئ والإصابات إلى جانب تنشيط شبكة من فرق الطوارئ الطبية.
وقال مدير عام المنظمة تيدروس أدهانوم جيبريسوس "إنه سباق مع الزمن... كل دقيقة، كل ساعة تمر، تتلاشى فرص العثور على ناجين".
وعبر عن قلق المنظمة على نحو خاص إزاء مناطق في تركيا وسوريا لم ترد منها أي معلومات منذ وقوع الزلزال أمس الاثنين.
وأضاف "(تصور) الأضرار أحد الوسائل لاستنتاج الأماكن التي نحتاج لتركيز انتباهنا فيها".
من عرض المساعدة على سوريا؟
في التقرير التالي، سنستعرض الدول التي عرضت أو قدّمت المساعدة إلى سوريا وتركيا سوياً، علماً أن عدداً من الدول عرض مساعدة أنقرة دون دمشق، كاليونان، إيطاليا، إسبانيا، تايوان، أوكرانيا، سويسرا، باكستان وغيرها:
ألمانيا تُرسل المساعدات
من جهتها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن بلادها ستقدم مليون يورو إضافية لمؤسسة "مالتيزر إنترناشونال"، وإنها تعمل على إتاحة المزيد من المساعدات المالية لشركاء آخرين في مجال العمل الإنساني لمساعدة ضحايا الزلزال في سوريا.
وفي مؤتمر صحفي في برلين اليوم الثلثاء مع وزير الخارجية الأرميني أرارات ميرزويان، أضافت بيربوك أن ألمانيا تضغط أيضا من أجل وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا.
أما وعلى صعيد تركيا، فقالت وزيرة الداخلية نانسي فيزر إن هيئة الحماية المدنية الاتحادية بألمانيا ستقدم مخيمات بها ملاجئ طوارئ ووحدات لمعالجة المياه، وإنها تجهز مؤن إغاثة تشمل مولدات كهرباء للطوارئ وخيام وأغطية بالتنسيق مع السلطات التركية.
مساعدات من الصين
من جهة الصين، فإن التلفزيون المركزي قال إن الصليب الأحمر الصيني سيقدّم مساعدة طارئة قيمتها 200 ألف دولار لكل من تركيا وسوريا.
لكنّه أشار إلى أن بيجينغ ستقدم دفعة أولى قدرها 40 مليون يوان (5.9 مليون دولار) مساعدات طارئة لجهود الإغاثة في تركيا.
الاتحاد الأوروبي
كما قال مجلس الاتحاد الأوروبي إن الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي فعّلت آلية الاستجابة السياسة المتكاملة للأزمات بهدف تنسيق إجراءات دعم الاتحاد الأوروبي لتركيا وسوريا.
وتعزز الآلية قدرة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ قرارات سريعة في مواجهة أزمات كبرى تتطلب استجابة على مستوى دول الاتحاد.
ومن خلال هذه الآلية، تنسق رئاسة المجلس الأوروبي الاستجابة السياسية للأزمات عبر مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء والجهات الفاعلة الرئيسية الأخرى.
لكن عدداً من الدول الأروبية عرض المساعدة المباشرة على تركيا، بينها فرنسا، بولندا، السويد، اليونان، إسبانيا وإيطاليا، التي سترسل المساعدات وفرق الإغاثة.
بريطانيا
من جهتها، أعلنت بريطانيا أنها تتواصل مع الأمم المتحدة بشأن تقديم الدعم لسوريا، في حين قالت الحكومة البريطانية إن 76 متخصصاً في البحث والإنقاذ بالإضافة إلى أربعة كلاب ومعدات إنقاذ ستصل إلى تركيا مساء اليوم الاثنين وسيقيم فريق طوارئ طبية بريطاني الوضع على الأرض.
الامارات
وأعلنت الإمارات أنها ستقدم إغاثة عاجلة إلى أكثر المناطق تضرراً في سوريا، وستخصص مساعدات إنسانية بقيمة 13 مليون دولار، لكنها لفتت إلى أنها ستنشئ مستشفى ميدانياً في تركيا وترسل فرق البحث والإنقاذ إلى تركيا وسوريا.
كما أعلن الرئيس الإماراتي عن 100 مليون دولار مساعدات لتركيا وسوريا.
مصر
بدورها، قالت الرئاسة المصرية إن الرئيس عبد الفتاح السيسي أجرى اتصالا هاتفيا مع نظيره السوري بشار الأسد وأكد خلاله إصداره توجيهات "بتقديم كافة أوجه العون والمساعدة الإغاثية الممكنة في هذا الصدد إلى سوريا".
قطر
ستزود قطر المآوي في تركيا وسوريا بمواد الإغاثة. وخصصت المنظمة ستة ملايين دولار للمراحل الأولى من مساعدتها.
لكن في الإطار، أفادت وكالة الأنباء القطرية بأن الحكومة قالت إنها ستبدأ تشغيل رحلات إغاثة إلى تركيا اليوم الاثنين لنقل فرق البحث والإنقاذ إلى المناطق المتضررة بالإضافة إلى مركبات ومستشفى ميداني وخيام ومؤن أخرى.
وقالت منظمة قطر الخيرية التي تمولها دولة قطر إنها ستوزع 27 ألف وجبة ساخنة في غازي عنتاب، حيث يقع أحد مكاتبها.
الفاتيكان
وأرسل البابا فرنسيس برقية يعبر فيها عن "أحر تعازيه" بعد الزلازل في تركيا وسوريا.
وخصصت الكنيسة الرومانية الكاثوليكية الإيطالية 500 ألف يورو (537800 دولار) للإغاثة الطارئة، دون تحديد هوية البلد المستفيد.
روسيا
كما أشار الرئيس فلاديمير بوتين إلى أن بلاده "ارسلت عمال انقاذ" إلى سوريا وتركيا. وفي سوريا، أكثر من 300 جندي روسي ينتشرون في البلاد باشروا الإثنين المساعدة في رفع الانقاض، بحسب الجيش الروسي.
المجلس النرويجي للاجئين
من جانبه، قال كارستن هانسن، المدير الإقليمي للشرق الأوسط في المجلس "يقوم المجلس النرويجي للاجئين بتقييم الوضع من أجل تقديم الدعم المباشر للأشخاص الأكثر تضررا في أنحاء سوريا. هناك حاجة إلى توسيع النطاق وستكون منظمتنا جزءا منه". كما دعا إلى مزيد من الدعم الدولي لسوريا وجنوب تركيا.
ايران
أما وعلى مقلب إيران، فقد نقلت وسائل إعلام قريبة من النظام الإيراني وصول طائرة مساعدات إيرانية الى سوريا محملة بـ45 طناً من المواد الإغاثية والإنسانية، فيما أعلن الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي عرض المساعدة على البلدين.
ماذا عن أميركا؟
ولجهة الولايات المتحدة، أشار المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس إلى أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن طلب من كبار موظفيه صباح اليوم تحديد التمويل الذي قد يكون متاحا لمساعدة تركيا والمنظمات غير الحكومية العاملة على الأرض في سوريا.
لكن على صعيد المساعدات المخصّصة لتركيا، قال الرئيس الأميركي جو بايدن على حسابه الرسمي على تويتر "طلبت من أجهزتي أن تواصل متابعة الوضع عن كثب بالتنسيق مع تركيا وتقديم كل المساعدة الضرورية أيّا كانت".
وأوضح بايدن أن "فرقنا تنتشر بسرعة للشروع في دعم جهود البحث والإنقاذ في تركيا والاستجابة لحاجات الجرحى والنازحين جراء الزلزال".
مساعدات من الهلال الأحمر
وقال خالد حبوباتي رئيس الهلال الأحمر السوري اليوم الثلثاء إن المنظمة مستعدة لإيصال المساعدات الإغاثية لجميع مناطق سوريا بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة من خلال وكالات الأمم المتحدة.