بعد يومين من تسلمها رئاسة الوزراء أعلنت ليز تراس حزمة مساعدات ضخمة للأسر والشركات، الخميس، في مواجهة ارتفاع التضخم وأسعار الطاقة، مع سياسة طموحة للتنقيب عن النفط والغاز مع تحفيز استخراج الوقود الصخري ومراجعة المسار نحو حياد الكربون.
وقالت تراس أمام البرلمان إن فواتير الطاقة ستُجمد عند سقف 2500 جنيه إسترليني (أكثر من 2800 يورو) سنويًا للأسرة العادية، أي ما يوازي "اقتصاد نحو 1000 جنيه" سنويًا مقارنة بما كانت ستدفعه الأسر في حال عدم تدخل الحكومة.
في المقابل، ستتلقى المؤسسات والمعاهد العامة مثل المدارس "مساعدات موازية مدة ستة أشهر".
وقالت تراس للنواب "هذا وقت يتطلب منا أن نتحلى بالجرأة. نحن نواجه أزمة طاقة... وهذه التدخلات سيكون لها ثمن".
وتشمل الإجراءات التي يتوقع أن تصل إلى عشرات المليارات من الجنيهات الاسترلينية أيضًا التجميد الموقت لضرائب الطاقة التي تمول الانتقال إلى حياد الكربون.
ويتوقع أن يحدد وزير الخزانة كلفة إجراءات الدعم التي يتم تأمينها عن طريق القروض في وقت لاحق من هذا الشهر لكن وسائل الإعلام توقعت أن تصل إلى 150 مليار جنيه.
ويعد هذا تحولًا جذريًا عما قالته تراس خلال حملتها حين وصفت المساعدات المباشرة بأنها "ضمادات" لن تحل المشاكل الأساسية.
لكن الضغوط تزايدت على الحكومة للتحرك إزاء ارتفاع فواتير الكهرباء والطاقة وأزمة تكاليف المعيشة بعد أن حذر الاقتصاديون والمنظمات غير الحكومية والنقابات وحتى شركات الطاقة من كارثة إنسانية هذا الشتاء.
تعتمد المملكة المتحدة بشكل كبير على أسعار الغاز التي زادت سبعة أضعاف خلال عام واحد، ولا سيما بسبب اضطرابات الإمدادات منذ بداية الحرب في أوكرانيا.
- تهدئة التضخم -
تم التخطيط لتمويل الإجراءات المعلنة الخميس من خلال الاقتراض من الأسواق المالية، الأمر الذي قد يؤدي إلى زيادة الديون التي ارتفعت كثيرًا خلال الجائحة.
كما أعلنت تراس الخميس عن إنشاء صندوق مع بنك إنكلترا بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني لضمان عدم افتقار موردي الطاقة إلى السيولة في مواجهة التقلبات في الأسواق العالمية.
لكن المساعدات المباشرة الضخمة والتخفيضات الضريبية تخيف الأسواق التي تخشى حدوث خلل خطير مجددًا في المالية العامة كما حصل بعد الجائحة.
لكن الحكومة تأمل أن يؤدي تجميد فواتير الطاقة التي تضاعفت خلال عام، إلى تهدئة التضخم المتسارع الذي يتجاوز حاليًا 10% ويخشى من ارتفاعه.
يقول بول ديْلز، من مؤسسة كابيتال إيكونوميكس، إن هذا من شأنه أن "يقلل التضخم ويحد من عمق الركود، لكنه سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة الديون الحكومية".
تتضمن خطة الحكومة الجديدة أيضًا رفع الحظر المفروض على التصديع الهيدروليكي واحتمال استخراج الغاز والنفط الصخريين، وهي تقنية مثيرة للجدل وفوائدها موضع خلاف. حتى بوريس جونسون، سلف تراس، شكك في جدوى تقنية "فراكتينغ" على أسعار الطاقة مع تراجع أسعار مصادر الطاقة المتجددة.
وفي حين تضمنت استراتيجية الحكومة السابقة إحياء الاستكشاف في بحر الشمال، بعد أن طغى أمن الطاقة على حالة الطوارئ المناخية منذ الحرب في أوكرانيا، تأمل الخطة التي قدمتها تراس في منح "100 ترخيص جديد" للتنقيب والحفر.
كما تريد الحكومة الجديدة زيادة حصة الطاقة النووية وفتح محطات جديدة، وهو ما كانت تتجه إليه حكومة جونسون بالفعل.
تؤكد ليز تراس أيضًا أنها تريد "مراجعة" هدف تحقيق حياد الكربون عام 2050 "بحلول نهاية العام للتأكد من أنه لا يلقي عبئًا ثقيلًا على الشركات والمستهلكين".
وقالت منذ الثلثاء إنها ترفض فرض رسوم على الأرباح الضخمة التي حققتها عمالقة النفط والغاز.
وذكرها زعيم حزب العمال كير ستارمر بأنه طالب بتجميد فواتير الطاقة قبل أشهر عدة وسألها مرة أخرى: "من سيدفع"؟
ويتهم ستارمر تراس بأنها "تحمي أرباح (عمالقة) النفط والغاز وتجبر الناس على دفع فاتورة ذلك" عبر فرض ضرائب عليهم لعقود مقبلة.
من جانبها، تقول منظمة غرينبيس غير الحكومية إن "التهافت على التنقيب في بحر الشمال والتصديع الهيدروليكي في ريفنا لن يفعلا شيئًا لخفض أسعار الطاقة ولكنهما سيعززان أرباح (عمالقة النفط) مع التسبب بمزيد من موجات الحرارة والجفاف والعواصف".