قُتِل 13 فلسطينيا على الأقل، بينهم ثلاثة من أبرز القادة العسكريين في حركة الجهاد الاسلامي، فجر الثلثاء، في سلسلة غارات جوية إسرائيلية على أهداف في قطاع غزة، ما يثير مخاوف من تصعيد جديد.
بعد العملية بساعات، وقعت مواجهات في نابلس في الضفة الغربية المحتلة خلال عملية للجيش الإسرائيلي لاعتقال مطلوبين، أصيب خلالها 145 فلسطينيا بجروح، بعضهم بالرصاص الحي.
وتأتي العملية العسكرية في غزة بعد سلسلة توترات أمنية خلال الأسابيع الماضية، كان آخرها قبل أقل من أسبوع تصعيد بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي انتهى بهدنة بعد تدخلات خارجية.
وتعهّدت حركة الجهاد اليوم بالردّ على ما وصفته ب"الاغتيال".
وأفادت وزارة الصحة في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس عن مقتل 13 شخصا وإصابة نحو 20 آخرين بجروح مختلفة "من جراء استهداف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة".
وقال بيان وزارة الصحة إن هناك نساء وأطفالا بين الضحايا، وإن "بين المصابين حالات حرجة".
ونعت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، في بيان "الشهيد القائد جهاد الغنام، أمين سرّ المجلس العسكري في سرايا القدس، والشهيد القائد خليل البهتيني، عضو المجلس العسكري وقائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس، والشهيد القائد طارق عز الدين، أحد قادة العمل العسكري بسرايا القدس في الضفة الغربية".
ووصف البيان الغارات الإسرائيلية بـ"عملية اغتيال صهيونية جبانة"، مشيرا الى مقتل زوجات القادة وأولادهم أيضا في العملية.
وذكر متحدث باسم الجيش الإسرائيلي ريتشارد هيشت لصحافيين أن أربعين طائرة شاركت في الغارات الإسرائيلية التي نفذت في مدينة غزة وفي منطقة رفح قرب الحدود المصرية، مضيفا "حققنا ما كنا نريد تحقيقه".
وقال الجيش إن القادة الثلاثة المستهدفين من أبرز مخططي الحركة، وهم متورطون في عمليات استهفت اخيرا إسرائيليين.
وبين القتلى أيضا رئيس مجلس إدارة مستشفى الوفاء الدكتور جمال خصوان الذي يحمل أيضا الجنسية الروسية، وقد قتل مع زوجته ونجله، وفق ما أعلنت وزارة حماس، بينما أعربت ممثلية الاتحاد الروسي في فلسطين عن أسفها لذلك.
وقال هيشت "بذلنا اقصى ما يمكن لتركيز ضرباتنا" على الهدف. و"إذا كانت هناك حالات موت مأساوية، سنحقّق في الأمر".
ووقعت الغارات بعيد الساعة الثانية فجرا (23,00 ت غ) واستمرت الانفجارات لمدة ساعتين تقريبا.
وأفاد مصدر أمني فلسطيني أن المقاتلات الحربية الاسرائيلية استهدفت منازل القياديين في حركة الجهاد الإسلامي ومواقع عسكرية تابعة لسرايا القدس في مناطق مختلفة من قطاع غزة.
وكتب وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الثلثاء على حسابه على "فايسبوك"، "تمّ تبني مطلبنا برد فعل هجومي وتصفية محددة الأهداف لقادة الجهاد الإسلامي".
وأعرب عن أمله أن تستمر هذه السياسة، مضيفا أنه "سيستأنف مشاركته وتصويته في الحكومة بعد أن قاطعها الأحد".
في المقابل، أكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي والمتحدث باسمها داوود شهاب "أن المقاومة تعتبر أن كل المدن والمستوطنات في العمق الصهيوني ستكون تحت نيرانها".
وقالت حركة الجهاد "كل السيناريوهات والخيارات مفتوحة أمام المقاومة للردّ على جرائم الاحتلال".
وجاء في بيان عسكري للغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية، "على الاحتلال وقادته الذين بادروا بالعدوان أن يستعدوا لدفع الثمن بإذن الله".
وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في بيان إن "اغتيال القادة بعملية غادرة لن يجلب الأمن للمحتل بل المزيد من المقاومة"، مضيفا "العدو أخطأ في تقديراته وسيدفع ثمن جريمته".
ولفت هيشت إلى أن الجيش أصدر أوامر للسكان الإسرائيليين المقيمين على مسافة 40 كلم أو أقل من الحدود مع غزة للمكوث في الملاجئ حتى مساء الأربعاء.
بعد ساعات من الغارة، أفاد الجيش بأن قواته دخلت نابلس في شمال الضفة الغربية، واعتقلت "مطلوبا". وأثناء مغادرتها، وقعت "مواجهات" استُخدمت خلالها أعيرة نارية ووسائل مكافحة الشغب.
وأكدت جمعية الهلال الأحمر أن مواجهات نابلس أسفرت عن 145 إصابة، منها 15 بالرصاص، و130 ناجمة عن استنشاق الغاز.
- "مجزرة مروعة" -
ودان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه "المجزرة المروعة ضد أهلنا في قطاع غزة"، معتبرا ذلك "إرهاب دولة منظما وامتدادا لنكبة عام 48".
وطالب الأمم المتحدة بإدانة "العدوان على القطاع والمجازر المتواصلة بحق أبناء شعبنا وتوحيد المعايير في التعامل مع الجرائم التي يرتكبها قادة إسرائيل، وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب".
ودانت مصر "التصعيد"، رافضة بالكامل "مثل تلك الاعتداءات التي تتنافى مع قواعد القانون الدولي الشرعية الدولية".
كما دانت وزارة الخارجية الأردنية "العدوان" الإسرائيلي، وأكدت على "ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكلٍ فوري وفاعل لوقفه".
ودان المنسّق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينيسلاند "مقتل مدنيين في الضربات الجوية الإسرائيلية"، معتبرا أن "هذا غير مقبول".
وأغلقت إسرائيل معبر بيت حانون (ايريز) ومعبر كرم أبو سالم التجاري (جنوب) المتصلين بقطاع غزة، وفق ما أفاد مسؤول في هيئة المعابر الفلسطينية. وأغلقت حكومة حماس المؤسسات الحكومية والتعليمية "حتى إشعار آخر".
وهدأت الجبهة بين إسرائيل وقطاع غزة بعدما شهدت الأسبوع الماضي قصفا متبادلا أوقع قتيلا وخمسة جرحى في الجانب الفلسطيني وثلاثة جرحى في الجانب الإسرائيلي. وجاء بعد وفاة القيادي في حركة الجهاد خضر عدنان (45 عاماً) في سجن إسرائيلي نتيجة إضراب عن الطعام استمر نحو ثلاثة أشهر.
وفي آب 2022، أدت اشتباكات مسلحة استمرت لثلاثة أيام بين إسرائيل والجهاد الإسلامي إلى مقتل 49 فلسطينياً، بينهم 12 من أعضاء الجهاد، وفقا للحركة، وما لا يقلّ عن 19 طفلا، وفقا للأمم المتحدة.
ومنذ بداية كانون الثاني قُتل أكثر من 121 فلسطينيا و19 إسرائيلياً وأوكرانية وإيطالي في مواجهات وعمليات عسكرية وهجمات، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استناداً إلى مصادر رسمية إسرائيلية وفلسطينية.
وتشمل هذه الأرقام مقاتلين ومدنيين من بينهم قصّر من الجانب الفلسطيني، أما من الجانب الإسرائيلي فغالبية القتلى هم مدنيون بينهم قصّر وثلاثة أفراد من عرب إسرائيل.